المشاركات الشائعة

الثلاثاء، 7 ديسمبر 2010

مروان مخّول
عاش البلد، مات البلد
مروان مخوّل
أؤيّد دولة يهوديّة
من زيمبابويه إلى جزر الماعز.
أسيادها من نسلٍ سماويٍّ
تعالى على الأعراق بحُجّة كُتبتْ
على ورق الخريف.
دمهم أبيضُ
كالحريرِ الدمشقيِّ يمشي الهُوينا
في فُسحةِ الدّانتيل، 
لهم مشاعرُ
تفقأُ عينَ القلبِ
من شدّة الإنسان الذي فيها
وليس فِيّ، 
ما فيَّ لي.. أعرفهُ تمام المعرفة؛
أنا عبث في خلايا التّكاثُرِ
جئت إلى هنا عن طريق الخطأ؛ 
أحمل زنى أهلي على كتفيَّ
وعلى عاتق البَدْو الجنوبيين جئت
مِن لَمَمِ الفلسطو. 
أنا لا شيءَ
من سلالات العدم المخضَّب بالدّم القمحيّ
ما فيَّ لي
أعرفه تمام المعرفة؛
ضيفٌ على واقعٍ واقعٍ عن نفسه
من حيث لا يدري، فأدري
أنني أهلٌ للمدن السّاحليّة مثل عكّا؛   
أُعدُّ لهم ما استطعتُ من الطّعام السّريعِ
في مدخل السّوق القديم
لَعلّهم يأكلون ما لذَّ منّي
ومن هامشيّتي التي
على وقع أغنية لحّنتها المذابحُ
في مقام الصَّبا
والجنوب.
أنا الضّيف الذي سيرحلُ
على رأس أصابعه عمّا قريب
لعلّني لا اوقظ أهلَ البلاد المستقبليّينَ
حين أُريحهم من عبء الطّريق الطويل
بين روسيا وبئر السّبع. 
أنا العربيُّ التقيُّ الغبيُّ معًا
أمهر ما يكون
في الطَّهي لا أكثر 
ولا أقلَّ من أنّي لا أدُسُّ السُّمَّ في صحن مَن
شَغَّلني، على مَضض.
أنا أنا
أنا الوفيُّ القنوعُ الخنوعُ السّعيدُ السكوتُ الكتومُ
المكتفي بأنّي المحتذي بحذائهِ أو
لا أحد
فليحيا البلد.
***

أؤيد دولة يهوديّة
أصلّي على النبيِّ محمّدٍ فيها
أصلّي كما شئت لكن بصوتٍ قليل العلوِّ
أحجبُ سورةَ الإسراء في صلواتيَ الخمسْ
أصلي.. وأدعو لهم بالخير من كل قلبي المُكسَّرِ
كلّما ضجَّ السكوتُ
في شرق نهر مات ماؤه.
أنا هنا..
مهجورٌ كالعمارات القديمةِ
في أوَّلِ حيفا على طرف البحر؛ 
لا أفيد سوى الحمام الباحث عن عشّهِ
في صمتي، كالعنكبوت
أو كالأجنبيّ.
لي نصف وظيفة في النّاصرة
ولأختي أعطي ربعها
لكي ترتاح من خوف النفْس على نفسها
فتصنع لسواعدهم سلاسلَ ذهبًا
كالتي تصنعها لسجّاني ولكن
من حديدٍ، قد تَسرُّ القلبَ الذي لا قلبَ لهْ.
أجول البلادَ.. بلادهم طبعًا
أكنِّسُ لغة الضّادِّ من شوارع التاريخ
فلا أوسّخُ نعلَ الحضارات التي دخلت العاصمة
بل وأضحك أنا الأهبلُ ملء صدري عَلَيّ
وعلى سُمْرتي التي تَبيَّضُّ
فلا أُحرج أهلي من بعدي ولا أخافُ
أو يخافُ.. من طالعي أحدْ
فليحيا البلد.
***

أؤيّد دولة يهوديّة
لنا فيها رفات من ترابٍ
صالحٍ لزرع الطمأنينة في جليلنا الأعلى 
والعنب.
وإن عشت صدفةً فلا همَّ لي؛
سأرحلُ على حسابي
فلا أُثقلُ جيبَهم في تكاليف السفر
ربّما سأكتفي بحافلة جديدة
تَقلُّني إلى مخيّمي العصريِّ بدل الحمار
الذي أتعبناه على طريق النكبة العام.
أتعهّد باسم مَن مثلي من القُطعان
بألاّ أشتكي من خسارتنا
فلا يحزنونْ.
باقونْ..
هنا أو هناك، لا فرق
مع أنّي أخاف عليهم أن يخسروا
سواعدنا السّمراء
التي تبني لهم ناطحاتِ سحابٍ
تشبه الخوازيق
للسّاقطين من حيث الأبد.
فليحيا البلد.
***

أؤيّد دولة يهوديّة
بَلاّطُها من وادي عارة
والقصّارُ أسمَرْ.
طابخُ الحُمّصِ يافويٌّ
يحفظ قصّةَ المِعراج عن ظهر قلب
لا ليتّقي شرَّ الحياة الدنيا
إنّما ليتعلَّم كيفَ الصّعود إلى جنّةٍ
تحتاج طاهيًا شاطرًا مثلي ريثما
تموت الوالدة.
يا أيّها المقصود من هذا القصيد
أرجوك لا تخف من موتي
لأنّي إذا ما متُّ انتهيتُ
وانْ عشتُ.. فلا همَّ لكْ؛
سأُخصي نفسي لأتناسل
في فراغ المرحلة
شُبّيكَ لُبّيكْ 
ما أطيب الحمّص!
لذيذٌ كعِبرة التاريخ الذي له حاكمٌ طيّب
يحكمنا.. لا ليحكمنا
بل لنذوب على جمرٍ خفيفٍ
كالذي شوى مِن غزّة هاشم ألف هاشمٍ
دائخٍ من كثير الغازِ في هذا الجَسد 
فليحيا البلد.
***

أؤيّد دولة يهوديّة
سلوانُ فيها عاهرة كريمة جدًا 
تستقبل المستوطنين الزّاحفينَ من الخليل
كأنّهم فألُ خيرٍ لا يضاهى فلا
تقول امتلأتْ.
لهم ما لهم
وما لنا لهم أيضًا.
ولكي لا ننسى:
لن أنسى سخنين التي  
من الغرب تنوِّرُها "مِسجافُ" العسكرية
مثلما في الشمال لا شيء
سوى مزبلة جميلة.
ولكي لا ننسى أننا ننسى كل شيء؛
أقولُ لعرّابة البطّوف
كُفّي بخلاً
وافتحي بيت الضيافة للوافدينَ من غَربِكْ
الجار للجار.. سخنين أختكْ.
أؤيّد ألاّ أؤيد منذ الآن أيَّ شيء
ونَم يا أيّها السبتُ المُدَللُ أينما شئت
بل أدْخِلْ إصبعك الطّويل
في دبر الأحد.
فليحيا البلد.
******

للزعترِ البلديِّ يكبر رغم وجه الوعر شكرًا.
للكرملِ المُمتدِّ من نَفَسي إلى مرج ابن عامرْ- شكرًا.
لرغيفِ خبزٍ رائعٍ، له حكمة القمح المُعَمَّدِ في الجليلِ وما لديه- شكرًا
لجبينِ جدّي، خَطَّ فيه العمرُ سطرًا للكتابةِ عن غدٍ لا أمسَ فيهْ- شكرًا.
للسّقفِ فوق الطّفل في حَبواته الأولى.. للمدى المُنسَلِّ من فجوات نومي أكتفي
أنّي شديدُ الحلم يوميًا.. وشكرًا.
للمُرتَمي فوق الشّموخِ بل للمنتمي.. للمُنتهي
ببداية الأفراح أو للمُحتمي بضياعنا ستّين عامًا في الصّدى.. لمشاعري
ولِمَا مَلكْتُ من العواطف في ثنايا الحزنِ- شكرًا.
لغروبِ شمسٍ، أكتفي بشروقها الآتي فلا يتبدَّلُ المعنى سوى
للمقْصدِ الأسمى وأعلى من سقوطي أنّني أقوى على حزني وأرقى
من رؤايْ- شكرًا. 
للطّالبِ الفوّاحِ كالجُعساسِ مزروعًا، بجامعة على طَرَفِ المدينَةِ
يشتهي قيلولةً ما بين درس العلْم والإضرابِ
كي يتريَّثَ العَلَمُ الأبيُّ بكفِّه حتّى يُبدِّلُ رايةَ التَخويفِ- شكرًا 
ليَدينِ من بَلعينَ، ترسُمُ فسحةً في حائط الاسمنتِ.. شيَّدهُ المُحاصِرُ نفسَهُ
لأموتَ في سجني ففاجأهُ وجودي معنويًا في كِلا الطَرَفينِ- شكرًا
لأبي وأمّي، يسعيان إلى نجاتي من يد المُحتلِّ حين أثورُ
لا معنى لهذا الجسم من غير التَجلّي في الجراحِ، أقولُ عذرًا بعد رفضي
ثمَّ أترك جملةً للروحِ حيث تقولُ لي:
شكرًا.
2010-11-12

ليست هناك تعليقات: