2
من كتاب :

نزهة الجلساء في أشعار النساء
السيوطي



مهجة بنت التياني القرطبية
مهجة بنت التياني القرطبية. قال في المغرب: من أهل المائة الخامسة. كان أبوها يبيع التين، وكانت من أجمل نساء زمانها. وعلقت بها ولادة، ومن شعرها في ولادة:
ولادة قد صرت ولادة
من غير بعل فضح الكاتم
حكمت لنا مريم لكنما
نخلة هذى ...... قائم
فلو سمع ابن الرومي هذا لأقر لها بالتقدم. ومن شعرها:
لئن جلت عن ثغرها كل حائم
فما زال تحمى عن مطالعها الثغر
فذلك تحميه القواضب والقنا
وهذا حماه من لواحظها السحر

وأهدى لها بعض من كان يهيم بها خوخا فكتبت إليه:
يا متحفاً بالخوخ أحبابه
أهلاً به مثلج في الصدور
حكى ثدي الغيد تفليكه
لكنه أخزى رؤوس الأيور

نجيبة القحطانية
نجيبة القحطانية: قال ابن النجار: كانت شاعرة حسنة الشعر فصيحة. ومن شعرها:
إذا أصبح المرء في عيشة
من المال والأمن في سربه
أتى عرض جد في موته
فصاح الفنا به: سر به

نضار بنت الأمير أثير الدين بن حيان محمد بن يوسف الأندلسي
نضار بنت الأمير أثير الدين بن حيان محمد بن يوسف الأندلسي. كانت كاتبة قارئة، تنظم الشعر، وخرجت لنفسها جزءاً حديثيا. وكان والدها يثني عليها كثيراً ويقول: ليت أخاها حيان كان مثلها!!. ماتت سنة ثلاثين وسبعمائة ووجد عليها والدها وجداً عظيماً وقال الصلاح الصفدي يرثيها:
بكينا باللجين على نضار
فسيل الدمع في الخدين جاري
فيالله جارية تولت
فنبكيها بأدمعنا الجواري

نزهون بنت القلاعي الغرناطية
زهون بنت القلاعي الغرناطية - قال في المغرب: من أهل المائة الخامسة ذكرها الحجاري في المسهب، ووصفها: بخفة الروح، وانطباع النادرة، والحلاوة، وحفظ الشعر، والمعرفة بتصريف الأمثال مع جمال فائق وحسن رائق. وكان الوزير أبو بكر بن سعيد أولع الناس بمحاضرتها ومذاكرتها ومراسلتها، فكتب إليها مرة هذين البيتين:
يا من له ألف خل
من عاشق وصديق
أراك خليت للنا
س منزلاً في الطريق
فأجابته:
حللت أبا بكر محلاً منعته
سواك وهل غير الحبيب له صدري؟
وإن كان لي كم من حبيب فإنما
يقدم أهل الحق فضل أبي بكر

ولما قال فيها الأعمى المخزومي:
على وجه نزهون من الحسن مسحة
وتحت الثياب العار أو كان باديا
قواصد نزهون توارك غيرها
ومن قصد البحر استقل السواقيا
قالت:
إن كان ما قلت حقاً
من نقض عهد كريم
فصار ذكرى ذميماً
يعزى إلى كل لوم
وصرت أقبح شيء
في صورة المخزوم

وقال لها بعض الثقلاء: على من أكل معك خمسمائة سوط فقالت:
وذى شقوة لما رآني رأى له
تمنيه أن يصلى معي جاحم الضرب
فقلت: كلها هنيئاً وإنما
خلقت إلى لمس المطارف والشرب
ونظرت إلى رجل عليه غضارة صفراء وهو أشقر أزرق كبير البطن فقالت يا أستاذ، أصبحت اليوم مثل بقرة بني إسرائيل، ولكن لا تسر الناظرين!!. ودخل الكندي الشاعر على المخزومي وهي تقرأ عليه، فقالت: أجز يا أستاذ:
لو كنت تبصر من تكلمه ... ............
فأنعم وأطال الفكر، فما وجد شيئاً!!.
فقالت:
لغدوت أخرس من خلاخله
البدر يطلع في أزرته
والغصن يمرح في غلائله

ولادة بنت المستكفي
ولادة بنت المستكفي بالله محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الناصر بن عبد الرحمن بن محمد المرواني. كانت واحدة زمانها، المشار إليها في أوانها، حسنة المحاضرة، مشكورة المذاكرة. كتبت بالذهب على طرازها الأيمن:
أنا ... والله أصلح للمعالي
وأمشي مشيتي وأتيه تيهاً
وكتبت على الطراز الأيسر:
أمكن عاشقي من صحن خدي
وأعطى قبلة من يشتهيها
وكانت مع ذلك مشهورة بالصيانة والعفاف، وفيها خلع ابن زيدون عذاره، وله فيها القصائد والمقطعات. وكانت له جارية سوداء بديعة القوام، ظهر لولادة من ابن زيدون ميل إليها فكتبت إليه:
لو كنت تنصف في الهوى ما بيننا
لم تهو جاريتي ولم تتخيرِّ
وتركت غصناً مثمراً بجماله
وجنحت للغصن الذي لم يثمرِ
ولقد علمت بأنني بدر السما
لكن ولعت لشقوتي بالمشتري

وكانت ولادة تلقب ابن زيدون بالمسدس وفيه تقول:
ولقبت المسدس وهو نعت
تفارقك الحياة ولا يفارق
فلوطي، ومأبون، وزان
وديوث، وقواد، وسارق

وقلت فيه أيضاً:
إن ابن زيدون له نقمة ... تعشق ...... السراويل
لو أبصرت ...... على نخلة ... صارت من الطير الأبابيل

وقالت تهجو الأصبحي
يا أصبحي اهنأ فكم نعمة
جاءتك من ذي العرش رب المنن
قد نلت ... ابنك ما لم ينل
بوران أبوها الحسن

وقال في المغرب: مرت بالوزير أبي عامر بن عبدوس وأمام داره بركة من كثرة الأمطار فقالت به:
أنت الخصيب وهذه مصر
فتدفقا فكلاكما بحر

قال: وكانت ولادة في بني أمية بالمغرب كعلية في بني أمية بالمشرق. إلا أن هذه تزيد بمزية الحسن الفائق!! وذكرها ابن بشكوال في الصلة فقال: كانت أديبة شاعرة، جزلة القول، حسنة الشعر، وكانت تخالط الشعراء، وتساجل الأدباء، وتعرف البرعاء، وعمرت طويلاً، ولم تتزوج قط.

ماتت لليلتين خلتا من صفر سنة ثمانين، وقيل سنة أربع وثمانين وأربعمائة. وكانت قد كتبت في طراز جعلته في إحدى عاتقيها:
أنا والله أصلح للمعالي
وأمشي مشيتي وأتيه تيهاً
وكتب في الطراز الآخر:
أمكن عاشقي من صحن خدي
وأمنح قبلتي من يشتهيها
وهي التي أولع بحبها أبو الوليد بن زيدون فكتبت إليه تعد طول تمنع:
ترقب إذا جن الظلام زيارتي
فإني رأيت الليل أكتم للسرِّ
وبي منك ما لو كان بالشمس لم تلح
وبالبدر لم يطلع، وبالنجم لم يسرِ

ووفت له بما وعدت، ولما أرادت الانصراف ودعها بهذه الأبيات:
ودع الصبر محب ودعك
ذائع من سره ما استودعك
يقرع السن على أن لم يكن
زاد في تلك الخطا إذا شيعك
يا أخا البدر سناء وسناً
حفظ الله زماناً أطلعك
إن يطل بعدك ليلي .. فلكم
بت أشكو قصر الليل معك

وكتبت إليه:
ألا هل لنا من بعد هذا التفرق
سبيل؛ فيشكو كل صب بما لقي
وقد كنت أوقات التزاور في الشتا
أبيت على جمر من الشوق محرقِ
فكيف وقد أمسيت في حال قطعة
لقد عجل المقدار ما كنت أتقي
تمر الليالي لا أرى البين ينقضي
ولا الصبر من رق التشوق معتقي
سقى الله أرضاً قد غدت لك منزلاً
بكل سكوب هاطل الوبل مغدق

الشاعرة الغسانية البجانية
كذا ذكرها في المغرب، وقال من أهل المائة الرابعة. ومن شعرها قولها من أبيات:
عهدتهم والعيش في ظل وصلهم
أنيق، وروض الوصل أخضر فينانُ
ليالي سعد لا يخاف على الهوى
عتاب ولا يخشى على الوصل هجرانُ

عمة السلامي الشاعرة
وهي ابنة محمد بن محمد بن يحيى
كذا ذكره ابن النجار، ثم روى بسنده عن الحسن بن علي الجوهري قال: أنشدنا السلامي لعمته قال: وكنت ألعب في أيام الحداثة مع بعض جوارنا، فعضت خدي فازرق موضع العضة، فقالت عمتي في ذلك:
ماذا صنعت بنا يا عاشق عبث
في صحن خد يبيح الشعر وهاجِ
زرعت إذ عضيته غير مشفقة
روض البنفسج فيروض من الزاجِ

المخزومية ابنة خال السلامي
المخزومية ابنة خال السلامي الشاعر - كذا في تاريخ ابن النجار. ثم روى عن أبي علي التنوخي قال: أخبرني محمد بن عبيد السلامي أنه كانت له ابنة خال بغدادية مخزومية تقول الشعر. وقال: أنشدتني لنفسها من قصيدة لها إلى سيف الدولة، وأنها توفيت سنة سبع وستين وثلثمائة:
لولا حذاري من ألام علي
عتاب يوم منه وأعتابه
لسرت والليل هودجي
وذباب السيف في نحره إلى بابه


حكايات ونوادر امرأة وزوجها
وقابلت الكمال الأوفر حكى لي شرف الدين محمد عبد المحسن الأرميني قال: حكى لي بعض عدول البهنسا أن امرأة حضرت مع زوجها للطلاق فرأينا الزوج لا يريد ذلك، فكلمناها فلم تقبل. وأنشدت:
لما غدا الأليد عهدي ناقضا
وأراد ثوب الوصل أن يتمزقا
فارقته وخلعت من يده يدي
وتلوت لي وله " وإن يتفرقا "

المعتمد والرميكية
وقال صاحب المغرب: قال الحجاري في المسهب: ركب المعتمد بن عباد في النهر ومعه ابن عمار وزيره وقد زردت الريح النهر. فقال ابن عباد لابن عمار: أجز:
صنع الريح من الماء زرد
فأطال ابن عمار الفكرة، وأفحم، ولم يأت بشيء!! فقالت امرأة من الغاسلات:
أي درع لقتال لو جمدْ
فتعجب ابن عباد من حسن ما أتت به مع عجز ابن عمار، ونظر إليها فرأى صورة حسنة، فأعجبته، فسألها: أذات زوج؟ قالت لا. فتزوجها، وهي الرميكية.

الشافعي وجارية له

في الطبقات الكبرى للسبكي من طريق الربيع بن سليمان قال:سمعت الشافعي يقول: اشترين جارية مرة، وكنت أحبها فقلت لها:
أو ما شديد أن تحب
ولا يحبك من تحبه؟!
فقالت لي الجارية:
ويصد عنك بوجهه
وتلح أنت فلا تغبه

إبراهيم بن محمد إدريس وزوجته
وأخرج ابن أبي حاتم في مناقب الشافعي وابن عساكر في تاريخه من طريقه قال ابن سعيد بن محمد البيروتي قاضي بيروت: حدثنا أحمد بن محمد المكي قال: سمعت إبراهيم بن محمد بن إدريس الشافعي يقول: كانت لي امرأة وكنت أحبها فكنت إذا رأيتها قلت:
أليس شديداً أن تحب
ولا يحبك من تحبه؟
فتقول هي:
ويصد عنك بوجهه
وتلح أنت فلا تغبه

والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.