المشاركات الشائعة

الأربعاء، 15 ديسمبر 2010

اعذريني على ما فعلته في امستردام
فادي عزام

 
*****


سرقني الزعل، فلم أنتبه لجمالك ..
كم كنتِ وسيمة تحت زخة الغضب الذي أثقلت بها عليك.

هكذا نحن نتقن الفتك بروعتنا، لنتحسر عليها
تشدنا الحسرة للعقها
والحرمان ليكون لنا ما تحدثوا عنه في اللحظات الملتبسة

أفرِّطَ بك، لأصنع ذاكرة من الأشياء الهشة
أتوسّدها كلما عنّ على البال
صوتك وبحته الباذخة وتلك اللثغة المثيرة المشبعة بالروعة

أذكر أن الجميع احتفل بك إلاي.
وفاتني الوقت لأقضم تفاحك وأرنبة أنفك وشهدك المشغول بحكمة النحل
كنت واثقا من حصولي على كل شيء بعد حين
ومشغولا بزعل رث ابتكرتُه للتو
......
.....
.....
كان كل شيء بطعم الخل لاحقا
كان مقددا مثل جرزة ثوم معلقة على حائط قديم
تحمل من فوائد الحزن والأسى، ما يخلل قدرتها على حماية القلوب الهشة من الجلطة

فاتني جمالك الأوسع من قدرتي على الاحتمال والتخيل
وتركني عطرك دائخا فوق الوسادة
الوسادة نفسها التي طالما ابكيتكُ عليها

لم أحب الضجيج يوما كنت أهربُ إليه كي لا تسمعيني
أخلقه كي تكون كلماتي مبهمة
أرجوه أن يحضر كلما صرخت أحبك.

شهقتك عالية أيتها السيدة
تردني إلى حضيضي
تاركا قاسيونك يرفل بثلج وبلور عاكس
وهواء مغشي عليه

فاتني الكثير فلم أنتبه لروعتك
وانت تتجردين من الأسف والحسافا والشفقة
وتنتظريني لأعود من حلكة ناعمة أتقنت أرتداءها
في رحلتي الأخيرة إلى كوبنهاغن
لتضيئي لي كهوفي وتعملي على طرد خفافيش الدهشة الساذجة من ياقة قميصي
وبكلة حزامي المهترء
ومسح وجهي بصلوات أصابعك

أدمنتُ الخسائر على الأرصفة المخصصة كبسطات لبيع الألم، بهامش كبير من الربح .. لا يعبأ بانهيار الأسواق والبورصة.
لم تنقذني الكتابة من الكأبة
ولم تساعدني صحون السجائر المترفة بالأعقاب والتبغ المحروق ورؤوس الثقاب المعطوبة
فبقيت المرارة سيدة شاهقة، تشبه الشام في يوم ماطر
الشام نفسها التي قطعناها مشيا على القلب وهو يلفظ كل الأربطة
الشام نفسها التي طالما غرتي منها
الشام التي أتلفتُ عمرا كثيرا إما لأهرب منها أو في الحديث عنها

الشام نفسها التي لا تطيقينَ ضجيجها وضوضائها وكبريائها ولهاثها ونشوتها وشهوتها المدلوقة على نهر لم يعد يستطيع الانتصاب والسير فتحول لمجرور لتصريف الحكاية وصورة في الألبوم السعيد للمدينة الغامضة.

الشام لأنها تشبهك وأنت تركضين تحت زخاتها في يوم ماطر.
2-

أنا الجثة المنتصبة الباه
أتمدد الآن على الأريكية البرتقالية التي تركتها لي رزان قبل رحيلها إلى طنجة ....
الأريكة التي طالما اشتكيت
إنها لا تتسع إلى أثنين

مترف بحضور ظلك،
مهموم أحمل وجها سوريا
لا يعرف ماذا اقترف ليسحق كل هذا الألم

مباذل كثيرة تستدعي الاهتمام
وقت كثير هدر في رحلة الانتظار
ولا شيء يحدث، سوى المزيد من السأم الممزوج بخيانات يتقن فضحها الكحول الحافي.

إذا كل ما في الأمر أن الزعل سرقني، ولم أنتبه لرمَّانك
وهو يفغرُ فاها شهيا للمارين قرب الحاكورة
ولا إلى فتنة البريق في عينيك الشهيتيني الملئتين بالجوع والروعة والقصل الهش سريع الاحتراق.

كنت مشغولا بترتيب أمر جواز السفر
فلم أنتبه لك ولسوريا

سوريا التي أكتبها بالأف الممدوة، تمد لسانا صغيرا أحمر اللون كلما أشحت لها ظهري.
وحين أستدير تعود وقورة كما يليق بمقبرة
وأنت تسامحني على كل ما فعلته في أمستردام
فقد سرقني الزعل ولم أنتبه أن الحشيش والضوء والخدر والخيانة ستقودين إليك كتائب خائب يعرف أنه سينكث وعده مثل عجلة الرحى وهي
تطحن قمح الغربة، لتصنع خبز الذاكرة

قهرني الزعل فلم أنتبه أنك غادرت منذ زمان
وتركت على باب البيت
مشبك شعر
وأثار اناملك
ورائحة أنفاسك وهي تلعنني وتلعن الساعة
التي ألتقتني وتلعن عمرا من الهرب والعتب
وتلعن الربّ
رب الأشياء الواهنة المعلقة
رب المشنقة والمنشفة،
رب صباح ومسا
رب الأرباب المريبة
ورب من لا رب له

سرقني الزعل
فلم أنتبه ....

فلم أنتبه

__________________
مفردات شبقية المزاج
أحمد بلحوشة
‏‏‏‏‏
مساء شهوانى‏‏‏‏‏

عندما لاتأثين لا أغفر لأحد‏‏‏‏‏
الأشعار والسجاد وحدائق الشمس ووجه الله المائي...‏‏‏‏‏
تخرج الأشياء أكثر سعادة تنتحر في جفن طفل عاهر...‏‏‏‏‏
هل أنت تعبة.../‏‏‏‏‏
بالداخل صباحا عارية أنت بقوة...تغتسلين بالهواء‏‏‏‏‏
تعبرين رأسي قرنين‏‏‏‏‏
تنتقلين في غمرة فرحي و انتصابي بين فرجي وإله مخنث موغل في القدم.‏‏‏‏‏
بالداخل أنا مسمّر بلا شهوة ...‏‏‏‏‏
شهواني أنا عندما أخبطك على فرجك العالي الحرارة ...العالي الأحمرار‏‏‏‏‏
بالداخل أنا معلق في جذور الهواء...أنا معلق في جسدك المحاصر بالطفولة‏‏‏‏‏
حيث لا نساء ولا بحر فقط أنت من يعد المائدة والسكاكين وعري الجسد.‏‏‏‏‏
جميعا كمفردة شبقية المزاج‏‏‏‏‏


نمارس التهريب و الحب ذاته‏‏‏‏‏

لا أحد على الأريكة/ بعض الأحصنة الجامحة فقط‏‏‏‏‏
هناك فوق...عندما تكونين تهجرني الوحدة–حدائق الشمس-‏‏‏‏‏
لم تأت بعد...أرضية الغرفة غارقة في البرودة –أنني أتقدم في رائحتك-‏‏‏‏‏
-أنا فعال ضد نفسي- أبحث لنفسي عن عفو شمعي عند صلاة البحر الملحدة...‏‏‏‏‏
أيضا أشخاص كثيرون يعبرون الغرفة –خدعة-‏‏‏‏‏
يتطارحون الغرام فوق سريري النحاسي ثم يتحولون الى النافذة‏‏‏‏‏
ينقشون أسماءهم المخادعة‏‏‏‏‏
على ضوء مصباح الشارع‏‏‏‏‏
- ماذا تعرف عن شيئك المقلوب و المزغّب في بهاء تام...-‏‏‏‏‏
- قرنين و سبع ثوان‏‏‏‏‏
- لم تأت بعد‏‏‏‏‏
- عندما تكونين أجمع كل الحب و الصلاة خلف الغرفة‏‏‏‏‏
- أجرد نفسي من الثياب و الموت‏‏‏‏‏
- انتهت الجملة-‏‏‏‏‏
- في صدري المعصوب برائحتك‏‏‏‏‏
- ألتصق كربّاع حقل جدّي...‏‏‏‏‏
غباء تناسلي
كريم سامي‏


‏‏
-1-‏‏

تعالي، بقميص من الساتان الرقيق‏‏
ليكون من السهل أن أمزقة.‏‏
سأرفع ثديك من أسفل المشد، بأناملي الشريرة‏‏
سأنظر إلى عينك كإيطالي فاخر‏‏
و بغتة أنتزع لباسك الداخلي، كرجل الجنس المحترف‏‏
ألعق حزوز العطر، أركض في هاوية النسيان.‏‏
وتحت نهدك الأيسر، سأعلق خرزة زرقاء.‏‏
سأعتقد بأنك امرأة بدوية، بمنخارك المثقوب‏‏
سأنكحك كالجائع، وكعادتك ستفرين ضاحكة‏‏
وأتعثر أنا في الرداء الأحمق.‏‏
كم جميل خريف إبطيك‏‏
أسمر من السحاق.‏‏
وكتفك المنكوب، عورة الزمن.‏‏
اسمعي، أيتها الغبية‏‏
"افعلي كل الأشياء الخاطئة، و أنا سأحبك "‏‏
كوني زوجتي المنكوحة من الصديق الأعز،‏‏
كوني الأم السكيرة، تسمع الروك في سيارتها المسرعة.‏‏
تملكين رأساً جافاً‏‏
حين أخبرك، عن رقصة الندى‏‏
تتذمرين أيتها الحمقاء "أنت رجل خيالي".‏‏
يا بنت الإسفلت وأخت الأحذية‏‏
أيتها المرأة النهد،‏‏
يا زوائد المؤخرة،‏‏
بصاق على قلبك..‏‏
أنا لا أحب الطيبات‏‏
لا تروقني الفتاة الناعسة‏‏
"تغمض عينيها ولا تلهث في النكاح"‏‏
مثقفة و التبغ رمز سحيق‏‏
تضعين على عينك عدسة طبية، تحشرين ما بين الإبط والذراع‏‏
نيتشه وسائر الخبل.‏‏
تبحثين عن اسم أكثر جمالاً‏‏
عن نكاح رؤوس، لوطيات مكتنزات.‏‏
أبغي امرأة عنيفة، امرأة حين أبكي‏‏
تشعل "ديلون" في الردهة وتغلق الأنوار.‏‏


-2-‏‏

تأتي العاهرة الشرقية‏‏
من أجل الخبز وسراويل الأطفال‏‏
تبدو، وكأنها في مهمة رسمية،‏‏
سريعة في خلع الملابس: هي‏‏
تتمدد شاردة، و أنتَ تنظر كثيراً‏‏
تطالع تفاصيلاً بلا معنى،‏‏
تخبرك: تبدو رجلاً غبياً‏‏
ساعتك على وشك الانتهاء، و أنت لم تنته بعد.‏‏
إنها عاهرة شرقية، ربما في الأصل جميلة.‏‏
تأتي عبر صفيحة الوطن،‏‏
مرور مفتعل، في سيان ردفيها.‏‏
كأني أعرف، أنها تبكي.‏‏
كأني أحسها تماماً.‏‏
لا تحار في طيبة قصيدة النثر،‏‏
لم يزعجها بيسوا شهراً من الزمان..‏‏
عاهرة الشرق، تخلع سروالها، تمسح المني‏‏
و تشتري الحلوى للأطفال.‏‏


-3-‏‏

اخلعي مشدك للمرة الألف‏‏
دعي بطن قدمك، تداعب السقف،‏‏
تغنجي جيداً، فأنت امرأة جميلة.‏‏
تضحكين من ارتعاش الكأس في الشرفة المقابلة.‏‏
تدسين يدك في عشبة الليل‏‏
وباليد الأخرى تتناولين كأسك،‏‏
تراقبين الزبد يرقص على صدرك الفاجر،‏‏
تغنجي جيداً، و أخبريني مرة أخرى‏‏
"أنا لست هذا النوع من النساء".‏‏
صوت المقاتل العربي
حازم سليمان‏



قالت الراوية يا سادة يا كرام:‏‏‏‏
كان صفوت يستمني خلف سيارة الجيب واظ على ابنة معلمه المساعد أول أبو وفيق، حين لقطته دورية الشرطة العسكرية، وقضى ثمانية أشهر في سجن تدمر، يروي لشركائه العساكر في المهجع، كيف كانت ابنة المساعد أول أبو وفيق الشقراء الطويلة، تلعب بنفسها وهي جالسة على الشرفة، تراقب الشاردة والواردة في الشارع المفضي إلى الثكنة العسكرية، كانت ترتدي بنطالاً خاصاً بهذه المهمة مشقوقاً من أول المؤخرة إلى بداية السحاب دون لباس داخلي، أو كانت ترتدي ذلك الفستان القصير، وكان يُقسم بالله وكتابه أن يدها لم تكن تفارق عضوها طوال النهار أو الليل، حتى وهي في السيارات أو الباص، عند الكوافير أو طبيب الأسنان، تصعد الدرج، أو في المصعد، وفي أشهر الصيف الحارة كانت تفتح ساقيها، تضع مؤشر المروحة على الرقم أربعة وتوجه الهواء على فلقها لتخفف من حدة حرارته المستعرة.‏‏‏‏

- والله يا شباب قوطها لم يعد له ملامح من كتر ما بتفرك فيه –‏‏‏‏

عساكر الزنزانة كانوا يقضون ليلهم ونهارهم أسفل البطانيات الخشنة يتخيلون ابنة المساعد ويمارسون العادة التي لم تعد سرية، لأن رائحة المني وبقعه انطبعت على الفرشات الإسفنجية والأغطية، وصار المجند صفوت بعد أن ُتطفأ الأنوار يجلس على مرتبة عالية مثل الحكواتي، بينما يستلقي الجميع على أسرتهم، أسفل الأغطية، التي كانت تعلو وتهبط، تعلو وتهبط، على إيقاع التفاصيل التي كان يرويها صفوان، كانت مقابضهم تُطبق على أعضائهم غير المغسولة منذ أسابيع وأشهر ربما... كل ذلك مقابل مئة ليرة ع الراس، أو ع الضهر، أما الذي لا يرغب فعليه أن يبقى دون غطاء حتى ينتهي الجنس الجماعي.‏‏‏‏

- ويا شباب كانت تخرج من الحمام بفستان ابيض شفاف‏‏‏‏

ويا شباب كانت ترفعه إلى رقبتها لترى جسدها في المرآة، ويا شباب لو أنكم ترونها حين تستلقي على السرير تثني رجلها، وتفتح الثانية، ويا شباب كانت تفرك ثدييها الأبيضين الكبيرين، ثم تمد يدها اليمنى إلى الأسفل الحليق الأبيض المحمر بعد حمام ساخن، ويا شباب....... –‏‏‏‏

بعد أن تهمد حركة البطانيات بأزمنة متفاوتة، ويأخذ بعضهم بالصراخ وهو يصل ذروته... عم تفركو...آه عم تفركو... الأبيض المحمر الحلو ماعليه شعر...ولك آه.... كان يطلب صفوت الجميع الدعاء بالمغفرة لأمها التي ماتت منذ سبع سنوات بضربة كهربائية في شايعها، يقال أنها وضعت سلكين كهربائيين على عضوها، كانت تُجرب الوصول إلى ذروة بقوة 300 فولت، تفحم عضوها وسقط على الأرض مثل صفوة السيجارة، ومن يومها انتهت حياة المساعد أول ابو وفيق، وترك لابنته التي ورثت الشبق المرعب عن أمها المرحومة، أن تريح نفسها بشتى الطرق المتاحة باستثناء الكهرباء.... بطاريات البرق مسموحة يا بابا.‏‏‏‏

قالت الراوية يا سادة يا كرام...‏‏‏‏

والراوية اسمها لينا، كادت تقتلني من الضحك، وأقسمت لينا، أن شقيقها صفوت خرج من السجن ومعه 150ألف ليرة سورية، من دون الديون التي لم يستطع تحصيلها.... ولينا مطربة السند والهند... السهول والدروب الوعرة غمزتني خلال فترة استراحتها، وقالت أنها تدعوني إلى منزلها، قالت أنها ترغب بي، وتريد تجربة الجنس مع رجل مدني، فهي لم تضاجع في حياتها غير العسكر، من رتبة رائد وما فوق، الأولوية لضباط الأمن على أنواع هذا الأمن، ثم رجال الجمارك، الحرس الجمهوري في المرتبة الثالثة، وفي نهاية الحفلة التي امتدت حتى الثالثة فجرا، أصرت أن تُقلني في سيارتها البيجو 504 وهي سيارة بأوراق مهمة عسكرية من عميد في المخابرات الجوية، كاد يقتلها عندما علم أنها ستقبل سيارة مازدا من ُمقدم في أمن الدولة لذلك وعدها بمرسيدس ستصلها مع كوبونات البانزين بعد أقل من شهر، في السيارة كانت معنا امرأة تجلس في المقعد الخلفي قالت أنها أمها التي لا تفارقها أبدا، كانت تعد الغلة وتضعها في محفظة حمراء بأرقام سرية، والى مسامعنا كانت أصوات الأعيرة النارية التي كانت يطلقها عناصر مفرزة الأمن السياسي كلما أمرهم النقيب بذلك، والنقيب كان نجم سهرة اليوم، وقف صارخاً عندما كانت لينا تغني.... مين يشتري الورد منّي ونا بنادي وغني..... بيكام الورد يا معلم... ضحك كل من في الصالة، حتى العمال النيام استقيظوا لخمس دقائق، فقعوا من الضحك وعادوا إلى نومهم الفقير أيضاً، وحين غنت بصوت هادي جميل.... الورد جميل..جميل الورد، وقف سيادة النقيب ومن حوله المفرزة....‏‏‏‏

- شو ما نك حافظا غير أغاني الورد... ولك يا عمي غني عن السفرجل، عن الزنزرخت، عن البرغل... ولا مانك من جماعة البرغل ياديوسي –‏‏‏‏

ضحك الجميع، ضحكوا حتى الموت، وكذلك العمال النيام نهضوا ليموتوا من الضحك، قبل أن يعودوا إلى النوم من جديد... وغنت لينا‏‏‏‏
برغل ما بدي برغل‏‏‏‏
بدي فتة مقادم‏‏‏‏
رح قوم ألبس واتمكيج‏‏‏‏
حبيبي قادم... قادم‏‏‏‏
عيونو متل عيون الصقر‏‏‏‏
وقلبوا في قلبي هايم‏‏‏‏
ويا عصافير الزيتوني.... روحي يلا من هوني‏‏‏‏
حبيبي شكلو نايم‏‏‏‏

قالت لينا أن مشوارها الفني بدأ مع مهرجان الحمضيات والجرارات الزراعية، حين أعجب بصوتها كثيراً الرفيق أمين فرع حزب المحافظة، وأوعز للرفيق أمين الرابطة المركزية الاهتمام بها ودعمها قدر المستطاع، ولأن هذا الأخير عُرف عنه أنه كان قواد سيادة العميد رئيس فرع المخابرات الجوية فقد عرفها عليه، وسيادة العميد قدمها بعد اشهر لسيادة العقيد، ونشبت الكثير من المعارك، بين ضباط المخابرات العسكرية، والجوية، وأمن الدولة على تبعيتها، فكل فرع لا يرضى أن يضاجع شراميطه فرع آخر... المهم أن لينا صارت معروفة لكن ليس كنجوى كرم كما كانت تحلم، قالت لي أن لديها أرض 40 دونم، ومنزل 250 متر، ومحل ألبسة في السوق، وتفكر الانتقال إلى فرع أمني جديد، يقال أن مكاسبه أكثر من ذلك بكثير.‏‏‏‏

لينا التي اعتادت على العسكر لا تعرف عن الجنس أكثر من الاستلقاء على ظهرها، وممارسة لعبة التمنع المملة، ربما لأن العسكر يحبون الجنس بما يشبه الاغتصاب، أصابها الرعب حين خلعت ملابسي ورحت أتجول عارياً بين غرف منزلها، قالت أن زبائنها الضباط يكتفون بإخراج أعضائهم من السحاب فقط، أو يفكون أطواقهم ويتركون المجال للبنطال أن يصل حد الركبة كأقصى حد، بعضهم يُفضل القليل من المصّ، والغالبية يريدون الوصول إلى الذروة في أسرع وقت ممكن، جعلتني أشرب البيرة مع الملح، والويسكي المخلوط بالقليل من العرق، ولذلك لم يطل بي الوقت حتى دارت بي الدنيا، همست لها أيتها المرأة المقدسة، يا صاحبة الأشياء والأسماء والمواضع، اقتربي لأسقيك من موضع مائي، وأرتوي من موضع مائك، تعالي لأغمرك برائحة الشهوة، لنهرب قليلاَََََ من العسكر، من روائح ثكناتهم، هزائمهم، والخراب الذي أنجزوه لا ئقاً بهذه البلاد الصامتة.... كانت مطربة السند والهند ترتجف وكأنها تلمس رجلاً لأول مرة في حياتها، ولم تكن ذرواتها المتلاحقة أكثر من بكاء مرير لم أستوضح سببه، لكنها قالت وهي تُقشر لي برتقالة، دائما أسمع أنكم على درجة عالية من الخطورة.... من تقصدين... أعضاء المجتمع المدني.‏‏‏‏

كانت الساعة السادسة عندما أخرجت وتدي منها، كمرة أخيرة، أخرجته ذابلا كوردة قديمة جميلة، بمحارم كنار معطرة مسحته، بينما كانت هي منهدة، تغالب نفسها لترد على هاتفها النقال، نظرت إلى الرقم وقالت لي... هوس العميد العميد... ارتديت ملابسي.... قبلتها بهدوء وتركت المنزل منحدراً من حي الفقاسة نحو المدينة التي كانت على وشك الاستيقاظ، مستعدة بكامل زينتها لاحتفالات البلاد بيوم السادس من تشرين....كانت عبارات الأقمشة التي تغطي البيوت، والشرفات، والمحال التجارية، تؤكد أن هذا اليوم هو يوم الكرامة، والحرية، والانتصار المجيد...رأيتها خلفي تمد رأسها من النافذة بين هممت بركوب سيارة أجرة على أنغام‏‏‏ خبطت قدمكم ع الأرض هدارا.... تنقطع الأغنية على صوت مذيع انقرض أمثاله من سنوات بعيدة يقول... صوت المقاتل من أرض القتال...... قال المذيع ... عرف الاخوة المستمعين باسمك....‏‏‏‏

المقاتل موفق جار الله الخلف... من مدينة دير الزور... أشعر بالفخر والعزة في هذا اليوم... وأعاهد الوطن أن أبقى وأخوتي المقاتلين في جاهزية كاملة لحماية الوطن... والقضاء على الأعداء والإمبريالية والرجعية. لحظتها كان العميد يصعد سلالم منزل لينا في يده مفتاح سيارة المرسيدس، والكثير من كوبونات البانزين، وابنة المساعد أول ابو وفيق تفرك عضوها على الشرفة.‏‏‏‏


*****‏‏‏‏
نساء صنعن أيامي
حازم سليمان





صغيرات، كبيرات، خبيثات، طيبات، بائسات، بارعات، حنونات، قاسيات، جميلات، بشعات، صادقات، مدَّعيات، عاهرات أو شريفات باعتراف الجميع، نساء التقيتهن في بيوت، فنادق، مقاهي، أماكن عمل، خمارات، كراخانات، أو على قارعات الطريق .‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

أيام قصيرة مكثفة على شكل قصيدة خاطفة مؤلمة. هكذا بكل بساطة وسذاجة وحنين التقطهن من ذاكرتي المثقلة، لأدون أيامي التي تشبه عصباً عارياً، كلما مرَّت امرأة وخزته بأظافرها، ألم اللقاء والفراق، وذلك الليل الذي يخفي البشاعة، ويتيح ليّ الاختباء، كلص اعتاد سرقة فرحه المؤجل البعيد.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

خلف كل رفة عين ذكرى امرأة، تفاصيل صنعت أيامي وجعلت مني كائناً متعباً، يحتاج إلى الكثير من الوقت والرأفة والعطف، إنسان هش بما فيه الكفاية لبكاء مرير مكبوت.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

بصراحة... ليس هناك ما يدفعني للموت، قبل أن أروي لأصدقائي أيامي التي عشتها بعيداً عنهم، وتفاصيل لن يسعفني الوقت لأرويها لهم.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏


خائف أنا بما فيه الكفاية لأكتب بسرعة ما فعلته ببطء شديد.‏‏‏‏‏‏‏‏‏

‏‏‏‏‏‏
****‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

المرأة التي قضت ليلتها معي على مضض، أحست بالخطأ الذي ارتكبته صباحاً، " بعدما طارت السكرة وجاءت الفكرة " ، بكت وهي تنظر إلى ثيابها المبعثرة هنا وهناك، وضربتني بالوسائد، وبكيت معها لأسباب أجهلها و لم أضربها بشيء، ارتدينا ملابسنا على عجل وغادرنا المنزل، ولم نلتق ِ من يومها، حتى أني لم أشعر بأي شوق إليها.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

****‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

في موقف السيارات المظلم الرطب الجميل، لم تحتمل شهوتها ولا أنا، سوَّينا مقاعد السيارة، ومارسنا الحب بشغف وقلق " كأن الريح تحتنا " حتى أننا لم نسمع المذيع يعلن الحرب على العراق .‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

****‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

في منزلها تلفاز بمحطة واحدة، ومذياع يبث أغنية " عبرت الشط على مودك"، ومقعد مثقوب ، وخمسة كراسي خيزران، ودببة صغيرة، ووسائد على شكل قلوب من عشاق سابقين...‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

خَرجَت من الحمام عارية بسيجارة مبللة، علقتُ ثيابي على مسمار صدئ في الجدار، لم أجرؤ أن أقول لها أن معي قصيدة لزياد عبد الله مطلعها " أنا وكلبي والزمن طويل " فقط جلست قربها عارياً ورحنا ندخن بصمت بينما كان مذياعها الصغير " يخش خش خش خش حتى الصباح .‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
تنويه للفضوليين‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

فعلناها عند العاشرة والنصف، وعند الثالثة فجراً، بدون واقيات ذكرية ولا هم يحزنون، ولم أقرأ لها القصيدة.... ثمة كلب أعرج كان يقطع الشارع، وامرأة تشرب القهوة على شرفتها، ودورية شرطة، وإمام جامع، في ذلك الفجر الذي مشيت فيه وكان رأسي يخش خش خش خش .‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

****‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

المرأة التي أحبتني على حين غرة منها في ذلك الليل الصاخب، لمـَّحت لي أكثر من مرة أنه يكاد يغمى عليها من شدة رغبتها بي ولم أفهم، وفي آخر الليل ، آخره تماماً، كانت عاشقتي مع رجل آخر على شاطئ البحر، يرشقها بالماء، ويركضان معاً على حواف الموج، وقتها كنت أنا أشرب المته، و"أفصفص" البزر، وأنصت لموج من الأغنيات الهابطة.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

****‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

المرأة التي لا أعرفها و لا تعرفني، مرت منذ قليل برائحة عَطِرة، وبنطالٍ مقلم وخلخال، وطفلين يركضان أمامها.... حرام ألا تكون قد أحست بأنها قصمت ظهري، أنا المتعب الذي يراقب ابتعادها الصعب، ويكتب على طرف ورقة أفكارا ليس لها أن تكتمل، فقط لأن مشاعري أكبر من قدرتي على الكتابة...‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

المرأة التي مرت بعدها، لم يكن بنطالها مقلماً ولا يركض أمامها أحد، ولعلها لم تشعر هي الأخرى أنها قصمت ظهري، المرأة التي بعدها، وبعدها، وبعدها......يا إلهي ما أكثر النساء اللاتي يقصمن ظهري، وما أكثر الأفكار التي لا تكتمل.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

****‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

في حمامها الذي لم أدخله منذ سنوات، تركت عدة حلاقتي وفرشاة أسناني، وأسفل وسادتها " مئة عام من العزلة "....آه كم يخطر لي أن أطرق بابها، لا لشيء فقط لأقول لها... صباح الخير سيدتي.. هل مرَّ العقيد أورليانو من هنا.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

****‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

على طرف السرير المعدني ، جَلست تُدخن بعد أن مَسحت بمحارم زرقاء معطرة بطنها من نطافي التي تبعثرت هنا وهناك وتجمَّع أغلبها في صرتها... قالت بصوتها الناعم .. أتشرب القهوة أم تفضل العصير... لم أجب لأني كنت في إغفاءة تشبه الموت....في الصباح كان هناك فنجان قهوة وحيد بسيجارة مطفأة، رائحة على الوسادة، محارم يابسة مرمية على الأرض. كل ما كنت أفكر فيه وقتها هل لدي قميص مكوي في الخزانة، ومقص أظافر لأقلم إبهام قدمي الذي خَزق كل جواربي .‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

****‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

في بيتها الكبير أناس يدخلون ويخرجون دون استئذان، نساء صغيرات يسحبن خلفهن رجالا خجلين إلى الغرف العديدة، أو إلى أدنى زاوية مظلمة تحقق عزلة لخمس دقائق، ثمة قطة تتمسح بي، وكلب يرمقني بحذر، سحلية بقفص زجاجي، وببغاء بغيض يرمي قشور ما يأكله على وجهي، ولوحة عملاقة " هذا من فضل ربي ".‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

المرأة المكسوة بالريش تسكب المزيد من الويسكي، تضع في فمي قطعة موز وحبة فستق، وتجعلني ألتقط التفاحة من فمها، وفي آخر الليل عندما ينام رجال المدينة، وتستحم النساء الصغيرات، غالباً ما كنت أجد نفسي أجر كلبها إلى الفسحات الترابية لنبول معاً على حواف الأرصفة وأعمدة الإنارة.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

الرجل الذي أخذ مكاني، راح يلتقط قطع الموز والفستق والتفاح، وكأني سمعته يقول: في بيتها الكبير أناس يدخلون ويخرجون دون استئذان، قطة، كلب، سحلية، ببغاء بغيض، ورجل ثمل أليف.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

****‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

على مهلها تدخن وتشرب وتتذمر من رنين هاتفها المتواصل، مرددة ً للمرة الألف " مشغولة " ، أكثر ما كان يستفزني تلك الأصوات المتداخلة لآهات وضحكات مجلجلة، وتكتكات آلة كاتبة قديمة، تقول إنه زبون غريب الأطوار لكنه يدفع جيداً.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

على مهلي أستسلم لها، وعلى مهلها تنزع جلدي المستعار، تحاول جاهدة وتعجز عن تحريك ساكني، فتقبلني تلك القبلة التي أكرهها وتهمس، لاتحزن هذه أشياء تحدث كثيراً.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

الرجل الذي خرج من الغرفة المجاورة كان غاضباً، وبقبعة تخفي ملامحه، بصق علينا، رمى عقب سيجارته على الأرض وغادر متمتماً بأشياء غير مفهومة.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

الأحمق نسي أوراقه.. قالت المرأة الغضة التي خرجت من الغرفة.... هي بضعة أسطر كانت كفيلة بجعلي أخرج إلى الشارع عارياً، لأصرخ في الناس الغافلين... أيها الحمقى هنري ميلر كان هنا .‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

****‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

المرأة التي رمتني على ظهري ، سرعان ما صار فستانها الضيق عند خصرها، بطرف إصبعها أزاحت لباسها الداخلي قليلاً نحو اليمين واعتلت وتدي، كل ما كنت أفعله غير الإحساس بلزوجتها، وأظافرها المغروسة في جسدي،استراق النظر إلى الغيم العابر ، وتلك العصافير التي كانت تغط، تنقر وتطير .‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

****‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

كأني أحبكِ كما لا يمكن الوصف..‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
همستُ لها ليقشعر بدنها على شكل حبيبات صغيرة من أسفلها إلى أعلاها.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
كأني سأمنحكَ ما لاتستطيع تخيله...‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
همست لي ليقشعر بدني على شكل انتصاب عاجل مربك.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
وفي الطريق إلى البيت اشتريت لها علبة مزيل رائحة، والكثير من ألواح الشوكولا، ودمية على شكل دب ابيض، واشتريت لنفسي واقيات ذكرية بنكهة النعناع ليكون حرَّاقاً، وعلبة سجائر وكيس موالح، ومضيت أدوس بعنف على دواسة البنزين في سيارتي التي شهدت نومها على فخذي الأيمن، ويدي التي راحت تداعب رقبتها وتنحدر إلى أسفل ظهرها لتتحسس لباسها الداخلي الحريري الناعم .‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

كأنها استحَمت على عَجل، وكأني غسلت قدمي خوفاً من رائحتهما، وكأننا شربنا المزيد من الفودكا والبيرة الباردة قبل أن نمارس الجنس على الأريكة الضيقة لمرتين متتاليتين...كأنها نامت ، كأني نمت.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

صباحاً وقبل رحيلها لم تقل صباح الخير ولم أرسم قبلة على جبينها، وكأني نسيت أني أحبها كما يصعب الوصف، وكأنها نسيت أن تمنحني مالا أستطيع تخيله، وكأننا التقينا في اليوم الثاني ليدير كل واحد منهما وجهه إلى الجهة الثانية .‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

****‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

كراقصة باليه، أو كلاعبة شطرنج..‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
لا فرق لدي من أين استمدت هذا الجسد الذي كان يبعثر هدوئي.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
كلما مرت قربي على رؤوس أصابعها مات لي بيدق أو بيدقين...‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
أقول لها : أنت جميلة بما يكفي لحرب..... تبتسم ولا تفهم‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
أنا حزين بما يكفي لأستحقكِ.... تبتسم ولا تفهم‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
سأعطيكِ قلعتي وحصاني.... تبتسم ولا تفهم‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
وعند حافة الليل عندما يتقاسم الرجال النساء، لا أعرف من أين يأتيني ذلك الصوت الغامض..." كش ملك "‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

****‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

عزف العازف عزفه ومضى‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
غني المغني الضرير كل الأغنيات ومضى‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
والشاربون شربوا ما استطاعوا ومضوا‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
ولاعب البلياردو وضع كل الكرات في الثقب بضربة واحدة ومضى‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
النساء.. آه من النساء، وزَّعن ابتساماتهن وأجسادههن وأرقام هواتفهن ومضين‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
والشاعر الذي كان قربي أنهى مطلع قصيدته ومضى‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
والنادل قال سنغلق بعد دقيقة أودقيقتين‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

بِعَضَّة لئيمة على كتفي، أعادت بنت الكلبة كل شيء كما كان، عازف ومغن ٍ، سكرجية، نساء آه من النساء،لاعب بيلياردو، شاعر بللته أمطار آسيا، ونادل قصير القامة. تأبطتني المرأة شراً، غَببت من رائحتها، طبعت حمرتها على خدي، تحسستُ لحمها‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
" وضحكنا ضحك طفلين معاً وعدونا فسبقنا ظلنا "‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

****‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

مالت عليّ ومِلتُ عليها‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
وتحدثنا عن أشياء سخيفة جداً، الوطن والحياة والدين والحداثة والكيل بمكيالين.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

وفي بيتها المأزوم " سقتني أربعاً في أربع " " وطرقتُها حتى كلّ متنها " ولم أنتبه أبداً أن صوري تملأ جدران المنزل،وأن ثيابي في خزانتها وأن لي فرشاة أسنان ، وكتب ، وأحذية ، ودفتر شيكات، وفاتورة كهرباء ، وأن ثمة ولد يشبهني نائم في الغرفة المجاورة .‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

****‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

المرأة التي صحوت في حضنها مذهولاً، كانت قد تجاوزت الخمسين بكثير، لملمتُ ثيابي ورحت ارتدي ما استطعت منها في طريقي إلى بابها الذي كان يحرسه كلب يزمجر بأنياب تقول : عد من حيث أتيت.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

المرأة التي صحت على مهلها، تثاءبت، ابتلعت بضعة حبوب مع كأس ماء، نهضت نحوي بجسدها النحيل المصفر... كنت رائعاً ياحبيبي، وبقوة غير متوقعة منها سحبتني إلى السرير الرخو، عالجتني بقبلة من فمها البارد وارتمت عليّ، في الوقت الذي كنت فيه " أغمض عينيّ باتساع " أناجي ربي بصفاء منقطع النظير أن يساعدني..... ولم يفعل .‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

****‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

بسرعة مفرطة كان علينا أن ننتهي.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
هكذا كأننا بدأنا قصتنا قبل النهاية بجملة واحدة .‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

بخمس دقائق وآه ... بتزامن نادر لذروتين لذيذتين مكتومتين، في تلك الزاوية الرخامية الباردة التي رفعتها إليها، ونظري مسمر على صورة لها ولرجل يمشيان " على جسر اللوزية ".‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

بخفة أعادت فوطتها البيضاء المعطرة،رتبت جسدها المدعوك على عَجل كما كان منظماً مشدوداً نحو الأعلى كسارية، وهناك حيث كانت تمنح خدها لرجل يقبلها بين الثانية والثانية، أكلت كما ينبغي بالشوكة والسكين ومسحت فمي بخرقة بيضاء، وأجبت على كل الأسئلة حول الشعر والقصة وما قبل الحداثة، وآخر الليل انحنيت كرجل محترم للجميع وقبلت أيادي النساء، وتركت البيت مسرعاً، مسرعاً إلى حيث حمتني العتمة، استعدت أنفاسي، دخنت، وألقيت بضحكة مجلجلة في سكون ذلك الليل المريب.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

****‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

كل النساء اللاتي أحببتهن يبكين آخر الليل، حتى أني اعتدت على ذلك، وغالباً ما كنت أغفو على صوت نحيبهن المتقطع .‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

وحدها هذه التي لا تجيد غير "الصخب والعنف" تمد لي ساقها آخر الليل لأقبلها، تجلس على صدري وتدنو من أنفاسي لأنهش من تلك الليونة الشيقة العطرة، تسحبني كجرو إلى الماء حيث تغسلني وتنشف فروي ، وتجبرني على الرقص قبل أن تسكب المزيد من الفودكا في تلك الكؤوس الكريستالية الصغيرة، تجعلني أقفز على السرير حتى ألامس السقف ، تختبئ في خزانة الملابس أو في درج المكتب .‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

أربكني فرحها، وأحبت حزني، حتى أنها اعتادت على بكائي، وغالباًَ ما كانت تغفوا على صوت نحيبي المتقطع ، وتسألني دون جواب لماذا كل الرجال الذين أحببتهم يبكون آخر الليل.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

****‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

شيء ما سيحدث بعد قليل.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
هكذا كأن تسقط عليّ امرأة من سقف الغرفة على سبيل المثال، أو أن أفرك عضوي المغبر ليخرج منه مارد علاء الدين.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
حتماً سأطلب منه مدينة شبقة أحكمها بحد الأير.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
يا إلهي كم هو طويل ليلك، وكم يأخذني انتظار الأشياء التي ستحدث بعد قليل إلى أفكار مجنونة مؤرقة.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

برفق شديد أوقظ هذه التي تشخر قربي منذ ساعتين، أداعبها، أهيئها، أخرج مصباحي السحري لأضيء به ظلمة أحشائها قبل أن أنام بعين واحدة ، لأرى بالأخرى ما سيحدث بعد قليل .‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

****‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

وكانت امرأة بساقين طويلتين وعش غراب.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

تقول أنها ورثت بشرتها الناعمة عن جدتها، واستدارة مؤخرتها عن أمها، وحمرة شفتيها عن عمتها، وعنفوان نهديها عن خالتها، وسحبة ساقيها عن عمة والدها، وسواد عانتها عن زوجة عمها، وروعة أصابعها عن ابنة خالتها، وزرقة عينيها عن البحر المجاور .‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

ولذلك كنت مجبراً كلما انتهيت من متعتي المؤلمة معها، أن أنهض عنها وأنحني لكل هؤلاء، ليعم تصفيق حاد، ومن ثم إظلام تدريجي .‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

****‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

غرفتها المحاصرة التي لا تطل على شيء .‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
سريرها الذي يحتل نصف المكان، والنصف الآخر فراغ، ثيابها القليلة المرمية هنا وهناك غالباً مايكون حذاؤها الوحيد مقلوباً على قفاه.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
وفي حمامها النظيف بادعاء، عشرات أنواع الصابون، وسوائل المضمضة، وقلم حمرة، وألبسة داخلية بألوان أكثر من فاقعة معلقة على الجدار، ومرآة مكسورة بضربة قوية في منتصفها.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

لا أدري....كلما أغلقت خلفي بابها المملوء بعبارات بكل لغات الأرض، وأرقام هواتف وعناوين،أسمع صوت البحر، وأرى غابة، يشطرها نهر لقسمين، وطيور آمنة تبني أعشاشها في كل مكان، وأراها تجلس بيدها كتاب وعلى رأسها قبعة، وعلى ذلك العشب أفرشها، أو أتكيها على جذع شجرة، أو بشبق على شاطئ البحر، وأسمعها تقول الآه....ويكرر الصدى ما تقول.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

لا أدري..... كلما غادرتها، بثيابي المبللة، المدموغة بخَضَار العشب، المحفوفة بجذوع الأشجار، أسمع همسات تسخر مني، وأصطدم برجال يحملون فؤوس، وشباك صيد، وجنود ببنادق وأسلاك شائكة، وزحام لا نهاية له، أُشعل سيجارة بدروة عامود كهرباء، وأمضي إلى حيث لا أحد إلا أنا والتلفاز .‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

****‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

عارياً وعلى رؤوس أصابعي، أجتاز المسافة بين غرفتها ودورة المياه، هناك حيث سأنتظر لخمس دقائق قبل أن تخرج فتاة الغرفة المجاورة.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
أفاجئها بعضوي المهتز بين فخذي، تفاجئني بنهدين صغيرين نهايتهما حمراء فاقعة، تبتسم وأبتسم ، وقبل أن تبتعد أسحبها إلى الداخل ، أتكيها على المغسلة، وأراقب غبش المرآة من آهاتها المتصاعدة.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

عاريين وعلى رؤوس أصابعنا نعبر المسافة بين دورة المياه وغرفتينا، تندس قرب رجلها، أندس قرب امرأتي، نغفو وعلى وجهينا ابتسامة جميلة ماكرة .‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

****‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

جاثية حيث يفترض أن تكون.... تشمه كوردة ، تتحسسه كنعمة، تمرر أنفاسها عليه، وحين لا يستجيب معها..... تبكي.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

****‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

بأصابعها العشرة تمسك رأسها منتشية، متشبعة بلذتها، بأصابعي العشرة أشد على كتفيها برغبة في تفتيت عظمها الهش الجميل.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

بأصابعها العشرة تشد بنطالها الضيق نحو الأعلى لتحشر فيه جسدها، بأصابعي الخمسة أحمل سيجارة وكأس صغيرة أفرغها في جوفي، وبالخمسة المتبقية أتحسس مكانها على نصف السرير الفارغ، ذلك الدفء الذي يضيع رويداً رويداً.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

****‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

في المدينة التي أعيش، كل شيء جاهز وسريع، نساء جميلات جاهزات لعلاقة حب عاصفة تبدأ وتنتهي عند إشارة المرور الحمراء، وحين تخضر أسرع على وقع أغنية هابطة إلى قصة حب عند الإشارة التالية
هارونــةٌ راشــدة !
محمود الباتع



توقف حبيبي عن العربدة،
فقد دقت االساعةُ الواحدة
ولملم ثيابك .. بعثرتها،
على سفحِ لذتكَ الماردة

فهذا حذاؤك،
تحتَ السرير..
ونظارةٌ ...،
في المكان الأثير
وساعة يدكَ معي ..
والقلادة
وخاتم عرسكَ ..
تحت الوسادة
وهاكَ القميصُ ..
على المنضدة
وكف بربك عما تقومُ،
فمما تقومُ ...
أنا مجهدة !

توقف وغادر سريعاً ..
إليها
تَدبّـر أموركَ ،
فكر بماذا ..
ستكذب عليها ..
تحـرَّق بشوقٍ
إلى عينيها
وشـدّ بعشقٍ ..
على راحتيها
وصب قواريرَ ..
عطر القصيدِ،
وأشياء من ..
نبضاتِ الوريد،
على مسمعيها
وضع قبلةً ..
من نصال شفاكَ ..
على شفتيها !
تناوب بشوق
الحبيبِ المعنـّى،
على ناهديها ...
واغزل لها،
من أساطيرِ ليلك،
ثـوباً يداري ..
ألاعيب ذيلك
كثعبان نهرٍ،
تسلل إليها
تلوّى ..
تسلق ..
على ضفتيها
تمايل كقردٍ ...
عساك بميلكَ،
تخدعُ حس الإناثِ ..
لديها !
وأَحكـِـمْ عليك ..
قناعَ النبي،
وأسبل رموشَ الوفا ..
الكاذبِ
وأكمل بها ..
ما بدأت معي،
أم انك .. يا نذلُ،
أكملتَ بي ..؟
وأشبعتَ نزوتكَ الفاسدة !
زرعتَ الفسادَ ..
بأرضِ الفسادِ،
فأرضي وحرثك ..
كل الفسادِ،
وملـّتنا...
ملـةٌ واحدة !

ستنظرُ كيف تسيرُ ..
الأمورْ
وتعرف كيف الدواهي ..
تدورْ
سيهتك ستـركَ ..
حمق الغرورْ
وطولُ الغيابِ ..
وفيض العطور ..
وثيران شبقكَ ..
كانت تخور،
فصارت لخيبتها ..
هامدة !
سيحكي الخيانةَ ..
زيغُ العيونِِ ..
وتفضحكَ النظرةُ الشاردة !

بقايا الرجالِ ..
وبئرُ الصديد
وأضغاثُ حلم الجواري
البعيد ..
نصبنَ الفخاخَ ..
لكلّ عنيد،
ذكورٌ لشهواتهم ..
كالعبيد،
فـرُدّيتَ يافحلُ ..
في المصيدة !
أتيتَ تعيدُ زمانَ الرشيد،
وقعتَ بهارونةٍ ..
راشدة !
سَاقا الشَّهوة
منذر مصري
ـــــ

( زَهرٌ وثَمَر ، نَشوَةٌ وحَياة ، هَذِهِ
أَيضاً أَعمالُ الجَسَد )
ـــــــــــــــ


1- قَمَيصُ الصَّدأ
ـــــــــ
مِثلَ قَضيبٍ مِن حَديد
مَشلوحٍ على الشَّاطىء
فأَنتِ لا تَرينَ سِوى شِبرٍ مِنهُ
أَمَّا البَاقي
فَقَد طَمَرَتهُ
الرِّمال .
/
إنَّهُ يَغتَسِلُ كُلَّ حينٍ بالأَمواج
وبَدَلَ أَن يَتَعرى
فإنَّ البَحرَ
يَوماً بَعدَ يوم
يُلقي عَليهِ
قَميصاً بَعدَ قَميص
مِنَ الصَّدأ .
/
ولأَنَّكِ لَمَحتِهِ
ولأَنَّكِ صَوَّبتِ عَليهِ قَوسَ عَينَيكِ
وأَطلَقتِ سَهمَ نَظرَتِك
ولأَنَّكِ زَحَفتِ إليهِ بِظِلِّكِ
ولَمَستِ رَأسَهُ بإبهامِ
قَدَمِكِ
ولأَنَّكِ انحنَيتِ
وَنَفَختِ في وَجهِه
ولأَنَّكِ أَسمَعتِهِ حَفيفَكِ
أَرادَ أَن يَسمِعَكِ
خَريرَه
ولأَنَّكِ أَسمَعتِهِ هَسيسَكِ
أَرادَ أَن يُسمِعَكِ
حَشرَجَتَه
أَن يُخرِجَ مِن فُوَّهَتِهِ بَعضَ الرَّغوة
بَعضَ الأَسماكِ الجافِلَة
ولأَنَّكِ بِيِدَيكِ الزَّبَديَّتَين
نَزَعتِهِ مِنَ الرِّمال
كَخَنجَرٍ من غِمد
لا بَل
كَخَنجَرٍ مَن جُثَّة
لا بَل
كَجُثَّةٍ مِن قَبر
ولأَنَّكِ بأصدافِكِ
قَضَمتِ صَدَأَه
وبلآلِئكِ نَهَشتِ
قِشرَتَه
ولأَنَّكِ زَلَقتِهِ بينَ نَهدَيكِ
وَسَحَبتِهِ نُزولاً
على خَيطِ بَطنِكِ
مُروراً بزِرِّ سُرَّتِكِ
حَتَّى أَولَجتِهِ فَمَ زَهرَتِكِ
وبِشِفَتَيكِ الوَرديَّتين
وَحشائشِكِ السَّوداء
أَطبَقتِ عَليهِ وعَصَصتِهِ
ولأَنَّكِ في فُرنِكِ اللاَّهِب
شَويتِهِ إلى أَن أَضاءَ
مَرَّتَينِ وثَلاث
ولأَنَّكِ بِحُلوِ رُضابِكِ
مَرَّتَينِ وثَلاث
سَقَيتِهِ
ولأَنَّكِ بِزَيتِكِ الثَّقيل
دَهَنتِهِ
وبلِسانِكِ الأَخرَس
مَسَحتِهِ وَمَسَّدتِهِ
فَقَد عادَ لَهُ
عُريُهُ ولَمَعانُه
دَمُهُ وَقَسوَتُه
نَصلُهُ وحِدَّتُه
وَانغَرَزَ فيكِ
عَميقاً
في جُرحِ فَخذَيكِ
شَهوةً مُقَدَّسَة
وَقَرنَ رَبّ ..


ـــــــــــــــــــ
2- إغفاءَةُ الجُنون
ــــــــــ

كانَت إغفاءَةً قَصيرَة
لا أَكثَرَ رُبَّما مِن
رَفَّةِ جَفنٍ
حَلِمتُ بِها أَنِّي
رَأَيتُ
هَذِهِ القَصيدَة .
/
يالجِنونِ ما سَأَقول
أُقسِمُ إنِّي حَضَنتُها
وكانَت
عانَةَ اِمرَأَةٍ عارِيَة ..

ـــــــــــــــــــ
3- عَينا أَليعازر
ــــــــ

كانَ مَيِّتاً كَغيرِهِ منَ
الموتى الَّذينَ لَم
يَتَكتَّفوا ويَنزِلوا
بِأَجسادِهِم التَّعِبَةِ
إلى القَبرِ ... بَعد .
/
كانَ مَيِّتاً مِن أُولَئِكَ
الَّذينَ يَفتَحُ لَهُم وَهجُ
الصَّباحِ
غَصباً عَنهُم كُوَّاتِ
أَعيُنِهِم
ثُمَّ يَجِدونَ أَنفُسَهُم
يُؤَرجِحونَ أَقدامَهُم
إلى هُنا وهُناك
لِتَدبيرِ غَرَضٍ ما
أَو
قَضاءِ حاجَة .
/
كانَ مَيِّتاً كَغيرِهِ مِنَ
المُوتى الَّذينَ لَم
يَجِدوا ما يَفعَلونَهُ بِحياتِهم
شَيئاً أَفضَلَ مَن أَن
يَتَّخِّذوا اِمرأَةً
ثُمَّ يُنجِبوا أَطفالاً
ثُمَّ يَقضوا على الباقي مِن أَعمارِهِم
وَهُم يلهَثونَ خَلفَ
لا يدرونَ ... ماذا .
/
كانَ مَيِّتاً مِن أُولَئكَ الَّذينَ
يَئسوا مِن عَنادِهِم
وَهُم يَشُدُّونَ
حَبلاً غَليظاً
قالَ لَهُم آباؤهُم
بِأَن نِهايتَهُ الَّتي لَم
يَرَها أَحَدٌ قَطّ
قَد عُقِدَت حَولَ عُنقِ جَبَلٍ ثَقيل
اِسمُهُ السَّعادَة
فَطَووا صَفَحاتِ أَحلامِهِم وَأَطماعِهِم
وَاصطَفُّوا في طابور
يَنتَظِرون ... لا شَيء .
/
أَو قُولي ... كانَ مَيِّتاً
كَبَقيةِ المَوتى
المَوتى المَوتى
الَّذينَ تَوَسَّدوا
أَسرَّةَ المَوتِ المُغَبَّرَة
عِندَما
كَريحٍ لَفَحتِ قَبرَهُ
عِندَما
كَعاصِفَةٍ كَسَرتِ شاهِدَتَهُ
وَهَدَمتِ جُدرانَه
عِندَما
كَقَدَرٍ وَطَأتِ جُثَّتَه
وَدُستِ عَلى أَحشائه
عِندَما
كَقيامَةٍ
سَقَطَت نُقطَةٌ مِن رُضابِكِ
عَلى صَفحَةِ خَدِّه
وانسَلَت بِبُطء
إلى زاويَةِ فَمِه
ثُمَّ إلى رَأسِ لِسانِه
ثُمَّ إلى قَلبِه
وفَجأَةً
فَتَّحَ عَينَيهِ ورَآكِ
رآك بِعَينَيهِ العَمياوَينِ الدَّفينَتين
اللَتين رَأَتا كُلَّ شَيء
رآكِ بِعَينيهِ الَمَيِّتَتين
اللَتين رَأتا تَحتَ التُّراب
ما لَم تَرَهُ عَينا حَيّ
فَأَحَسَّ في أَعماقِهِ
مِن قاعِ مَوتِهِ
شَيئاً يَنتُش
شَيئاً يَتَفَتَّق
شَيئاً يَشُقُّ قِشرَتَهِ
وَيبزُغُ بِرأسِهِ وَيَنبُت
ثُمَّ رآهُ يَنمو وَيكبَر
كعَمودٍ مِن دَم
كَجِذعٍ مِن لَحم
كَنَخلَةٍ مِن شَهوة
وراحَ يَرمي ثِمارَهُ عَلى
بَطنِكِ .
/
أَيُّ رُوحٍ أَنتِ
أَيُّ رَبّ
...
أَحيَيتِهِ ..

كُلِّي لكِ لكِ.. كُلُّكِ لي لي
فريد أبوسعدة


تُرى من رآهُ؟!
ترى من سيعرف أن استدارةَ فخذين
سوف تجرجرهُ في الشوارع مثل أسيرٍ
وتلقي به هكذا …
فائرًا كالظهيرةِ، ممتلئًا بالعصافيِر
هذا صباحٌ خفيفٌ
وهذا هو البيتُ
يشعرُ أن على كتفيه عيونا،
وأن على ظهره الآن سربًا من النمل،
أن الأصابع سوف تشير عليه،
وأن النوافذَ ليست بتلك البراءة،
لا!!!

ربما كان خلف الستارة سيّدةٌ،

يتجعّدُ صهدٌ على حلمتيها،
وتعرف أن الذي
يصعد السّلّم الآن، مرتبكًا ، عاشقٌ
وتخمّن أين تكون العشيقةُ؟!
تكمشُ سُرّتها، وتغبّش سطحَ الزجاج بتنهيدةٍ؛
يختفي العاشق المتسللُ،
عشقٌ قديمٌ يطلُّ،
ويركصُ عريان فوق المرايا،
تفورُ، وتنهدُّ ضائعةً في رمادٍ من الشهواتِ
القديمةِ
تصغي
وتفرزُ شجو العصافير،
ثرثرةَ الماء بين الأواني،
الخصوماتِ بين الثياب،
فهل تمسك العاشق المرتبك
وهو يصعدُ في خفّة النور؟!
لا.. شيء غيرحفيفِ الفراشات،
والسّلم المتواطئ يغمزُ
مبتسمًا وسعيدًا،
فتخمشُ سّرُتها وتغيبْ

هو الآن يصعدُ، مرتبكًا، أوّلَ الدرجاتِ
رأتْ أن لونَ الهواءِ تغيّرَ،
ثم رأتْ نفسها وكأنّ
ملائكةً تتنزّلُ من سقفِ غرفتها
ثم تعلو بها
كيف أمكن أن تستمرَّ محلّقةً هكذا،
وترى من علٍ
جسمها يتقلّبُ في وبرٍ دافئٍ،
كلما لمستْ وردةً من نسيجِ الفراشِ صَحَتْ
المرايا تكررّها في اندهاشٍ،
وتنوي إذا جاء عاشقُها
أن تُسِرَّ له بكنوزٍ مخّبأةٍ،
وتقودَ يديه إلى جسد لم يبحْ بعدُ،
سوف تقولُ له إنها،
منذ كوَّرها اللهُ،
لم تتوضأْ بماء أنوثتها،
سوف تعلن أن الزمان مضى
في انتظاركَ
كيما تضيء، وتمحو بماءِ الذكورةِ
ما ظلّ من طين سُرّتها
سوف تندسُّ بين حوار المرايا،
وتهمسُ: لا بد أني صعبتُ عليه،
وأن يديه تقدّستا
أطلقت عاشقًا من زمانِ الوعولْ

**

هو الآن يصعد سُلّمها، مثل وردٍ،
بخارٌ من الفضّة الآن يصعد من حَلْمتين
ويمرح في سقف غرفتها
وهي تنظرُ
هل صار كل الهواء مرايا !
وهل سوف تبقى بها
وجوه الذين تفتّق عنهم
سديمٌ قديمٌ من الشهوات؛
قطيعُ الذكور
الذين رأوها، وهم طينة في يد اللهِ،
ثم اشتهوها
وظلّوا طيوفًا
تحوّم حول بخار يجيء من القبّةِ المستديرةِ،
يحترقون
ويستبدلون جلودًا ليحترقوا
امرأةٌ أم نساءٌ مخبّأٌة
أم تراها ستولد من نفسها كل آنٍ
كأنْ لا نساء سواها.
تعشّقها الله،
خبّأ فيها كمال الأنوثةِ،
ثم تراجع ينظر مندهشًا ليديهِ!!
هي اللذّةُ الموتُ،
قبّلها وتلكأ أن تهبط الأرض؛
يعرف أن لها جذبةً
أشدّ من الموتِ
يعرف أن الذين يمّرون بين سماواتها
يسقطون فراشًا ووردًا،
وأن الذين تغنّوا بها يصبحون طيورًا
ورهطًا من الحاسدين
يصير أرائك
أو يُمسخون هواءً
تحرّك فيه الجميلة أعضاءها.

**

رأى الله يطلق سرب صقورٍ
فأدرك أن الجميلةَ تسبحُ في عريها
وأدرك أن سماءً على وسعها
تضيق إذا رقصتْ
سيقول
: اعطني أيها الربّ قدرة موسى وعيسى
أنا العاشق المرتبكْ
تقّربتُ لكْ
فما أرحمكْ
وما أعدلكْ
أضئ لي سبيلي
فأنت ملاذي
وأنت الضياءُ بهذا الحَلَكْ
وتعلم أن النساء التصقن بأبوابهنّ،
ويعْددن ما ارتقى من سلالم
كيما يخمّنّ من ستكون الملاكة
من بينهن
أعطني أيها الربّ شكل الغمامةِ
واجعل لخطوي صوتَ الهديلْ

**

أعرفُ أنكِ بعضي
وأنكِ مأخوذةٌ من كمالي
تتمّةُ روحي
وكل سؤالي

**

أنا العاشقُ المستجيرُ
رأيت يد الله تأخذُ من طينتي وتكوّر نهديكِ
تأخذ من طينتي وتدوِّر فخذيكِ
تأخذ من طينتي وتقِبِّبُ سُرّتكِ
انتبهي
ثم رحتُ أصلصلُ من ولهى،
وأكاد أهمُّ من الطين
حين رأيتك بين يديه حليبًا يفور
فقلت: هي امرأتي
قال : تخرج من نسلها كلّ أنثى
وراح يحكّكها، وملائكةٌ بمناقير يلتقطون النثار
الذي يتساقط منها
ويرمونه في الجهات،
يصير زهورًا ملّونةً،
وعصافير، غزلان ،
حتى إذا ما شهقتِ
وفتّحتِ عينيك من نفخة الربَّ فيكِ
تنهدَّتِ عن سحبٍ ونسيمٍ
وقلَّبت عينيك صارتْ بروقًا
فأرعدتُ: صِلْني بها
قال: بل ستعاني.. وتمضي وحيدًا
ستلتقيان بأزمنةٍ عددًا،
وبلادٍ بُعادٍ،
فلا تتعرفها
ثم حين تشفّ من الوجد أكشفُ عنكَ غطاءك
حتى تراها
فتذكر كم مرّةٍ في الزمان التقيت بها
ثم ضيّعتها
قلتُ: يا ربّ حملتني بالجبال فما نؤتُ
حمّلتني بالعذاب أضأتُ
ولكن هذا الهوى قاتلي
قلتُ: يا عدلُ..
يا رحموتُ
أنا قمرٌ وهي محض فَلَكْ
أنا كالطريدةِ وهي الشَّركْ
أنا ناقصٌ وهيَ ناقصةٌ
فصلني ببعضي
تقدّستَ يا أرحم الراحمين،
وبلّلتُ بالدمع عرشًا على الماءِ
رقّ لحالي
وودّ اكتمالي
فأنهضني من يديّ
وقال: هي الآن لك