المشاركات الشائعة

الثلاثاء، 28 ديسمبر 2010

روضة المحبين ونزهة المشتاقين
ابن قيم الجوزية




بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر يا كريم



الحمد لله الذي جعل المحبة إلى الظفر بالمحبوب سبيلا ونصب طاعته والخضوع له على صدق المحبة دليلا وحرك بها النفوس إلى أنواع الكمالات إيثارا لطلبها وتحصيلا وأودعها العالم العلوي السفلي لإخراج كماله من القوة إلى الفعل إيجادا وإمدادا وقبولا وأثار بها الهمم السامية والعزمات العالية إلى أشرف غاياتها تخصيصا لها وتأهيلا فسبحان من صرف عليها القلوب كما يشاء ولما يشاء بقدرته واستخرج بها ما خلق له كل حي بحكمته وصرفها أنواعا وأقساما بين بريته وفصلها تفصيلا فجعل كل محبوب لمحبه نصيبا مخطئا كان في محبته أو مصيبا وجعله بحبه منعما أو قتيلا فقسمها بين محب الرحمن ومحب الأوثان ومحب النيران ومحب الصلبان ومحب الأوطان ومحب الإخوان ومحب النسوان ومحب الصبيان ومحب الأثمان ومحب الإيمان ومحب الألحان ومحب القرآن وفضل أهل محبته ومحبة كتابه ورسوله على سائر المحبين تفضيلا فبالمحبة وللمحبة وجدت الأرض والسموات وعليها فطرت المخلوقات ولها تحركت الأفلاك الدائرات وبها وصلت الحركات إلى غاياتها واتصلت بداياتها بنهاياتها وبها ظفرت النفوس بمطالبها وحصلت على نيل مآربها وتخلصت من معاطبها واتخذت إلى ربها سبيلا وكان لها دون غيره مأمولا وسولا وبها نالت الحياة الطيبة وذاقت طعم الإيمان لم رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة مقر بربوبيته شاهد بوحدانيته منقاد إليه لمحبته مذعن له بطاعته معترف بنعمته فار إليه من ذنبه وخطيئته مؤمل لعفوه ورحمته طامع في مغفرته بريء إليه من حوله وقوته لا يبتغي سواه ربا ولا يتخذ من دونه وليا ولا وكيلا عائذ به ملتج إليه لا يروم عن عبوديته انتقالا ولا تحويلا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه وسفيره بينه وبين عباده أقرب الخلق إليه وسيلة وأعظمهم عنده جاها وأسمعهم لديه شفاعة وأحبهم إليه وأكرمهم عليه أرسله للإيمان مناديا وإلى الجنة داعيا وإلى صراطه المستقيم هاديا وفي مرضاته ومحابه ساعيا وبكل معروف آمرا وعن كل منكر ناهيا رفع له ذكره وشرح له صدره ووضع عنه وزره وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره وأقسم بحياته في كتابه المبين وقرن اسمه باسمه فإذا ذكر الله ذكر معه كما في الخطب والتشهد والتأذين فلا يصح لأحد خطبة ولا تشهد ولا أذان حتى يشهد أنه عبده ورسوله شهادة اليقين
أغر عليه للنبوة خاتم
من الله ميمون يلوح ويشهد
وضم الإله اسم النبي إلى اسمه
إذ قال في الخمس المؤذن أشهد
وشق له من اسمه ليجله
فذو العرش محمود وهذا محمد


أرسله على حين فترة من الرسل فهدى به إلى أقوم الطرق وأوضح السبل وافترض على العباد محبته وطاعته وتوقيره والقيام بحقوقه وسد إلى الجنة جميع الطرق فلم يفتح لأحد إلا من طريقه فلا مطمع في الفوز بجزيل الثواب والنجاة من وبيل العقاب إلا لمن كان خلفه من السالكين ولا يؤمن عبد حتى يكون احب إليه من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين فصلى الله وملائكته وأنبياؤه ورسله وجميع عباده المؤمنين عليه كما وحد الله وعرف أمته به ودعا إليه صلاة لا تروم عنه انتقالا ولا تحويلا وعلى آله الطيبين وصحبه الطاهرين وسلم تسليما كثيرا
أما بعد فإن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه جعل هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها للخير والرشاد وشرها أوعاها للغي والفساد وسلط عليها الهوى وامتحنها بمخالفته لتنال بمخالفته جنة الماؤى ويستحق من لا يصلح للجنة بمتابعته نارا تلظى وجعله مركب النفس الأمارة بالسوء وقوتها وغذاها وداء النفس المطمئنة ومخالفته دواها ثم أوجب سبحانه وتعالى على العبد في هذه المدة القصيرة التي هي بالإضافة إلى الآخرة كساعة من نهار أو كبلل ينال الأصبع حين يدخلها في بحر من البحار عصيان النفس الأمارة ومجانبة هواها وردعها عن شهواتها التي في نيلها رداها منعها من الركون إلى لذاتها ومطالبة ما استدعته العيون الطامحة بلحظاتها لتنال نصيبها من كرامته وثوابه موفرا كاملا وتلتذ آجلا بأضعاف ما تركته لله عاجلا وأمرها بالصيام عن محارمه ليكون فطرها عنده يوم لقائه وأخبرها أن معظم نهار الصيام قد ذهب وأن عيد اللقاء قد اقترب فلا يطول عليها الأمد باستبطائه كما قيل



فما هي إلا ساعة ثم تنقضي ويذهب هذا كله ويزول هيأها لأمر عظيم وأعدها لخطب جسيم وادخر لها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر من النعيم المقيم واقتضت حكمته البالغة أنها لا تصل إليه إلا من طريق المكاره والنصب ولا تعبر إليه إلا على جسر المشقة والتعب فحجبه بالمكروهات صيانة له عن الأنفس الدنيات المؤثرة للرذائل والسفليات وشمرت إليه النفوس العلويات والهمم العليات امتطت في السير إليه ظهور العزمات فسارت في ظهورها إلى أشرف الغايات
وركب سروا والليل مرخ رواقه
على كل مغبر الموارد قائم
حدوا عزمات ضاعت الأرض بينها
فصار سراهم في ظهور العزائم
أرتهم نجوم الليل ما يطلبونه
على عاتق الشعرى وهام النعائم
فأموا حمى لا ينبغي لسواهم
وما أخذتهم فيه لومة لائم


أجابوا منادى الحبيب لما أذن لهم حي على الفلاح وبذلوا نفوسهم في مرضاته بذل المحب بالرضا والسماح وواصلوا السير إليه بالغدو والرواح فحمدوا عند الوصول مسراهم وإنما يحمد القوم السرى عند الصباح تعبوا قليلا فاستراحوا طويلا وتركوا حقيرا واعتاضوا عظيما وضعوا اللذة العاجلة والعاقبة الحميدة في ميزان العقل فظهر لهم التفاوت فرأوا من أعظم السفه بيع الحياة الطيبة الدائمة في النعيم المقيم بلذة ساعة تذهب شهوتها وتبقى شقوتها هذا وإن من أيام اللذات لو صفت للعبد من أول عمره إلى آخره لكانت كسحابة صيف تتقشع عن قليل وخيال طيف ما استتم الزيارة حتى آذن بالرحيل قال الله تعالى أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون ومن ظفر بمأموله من ثواب الله فكأنه لم يوتر من دهره بما كان يحاذره ويخشاه وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتمثل بهذا البيت من الشعر
كأنك لم توتر من الدهر مرة
إذا أنت أدركت الذي أنت طالبه

فصل

وهذا ثمرة العقل الذي به عرف الله سبحانه وتعالى وأسماؤه وصفات كماله ونعوت جلاله وبه آمن المؤمنون بكتبه ورسله ولقائه وملائكته وبه عرفت آيات ربوبيته وأدلة وحدانيته ومعجزات رسله وبه امتثلت أوامره واجتنبت نواهيه وهو الذي تلمح العواقب فراقبها وعمل بمقتضى مصالحها وقاوم الهوى فرد جيشه مفلولا وساعد الصبر حتى ظفر به بعد أن كان بسهامه مقتولا وحث على الفضائل ونهى عن الرذائل وفتق المعاني وأدرك الغوامض وشد أزر العزم فاستوى على سوقه وقوى أزر الحزم حتى حظى من الله بتوفيقه فاستجلب ما يزين ونفى ما يشين فإذا نزل وسلطانه أسر جنود الهوى فحصرها في حبس من ترك لله شيئا عوضه الله خيرا منه ونهض بصاحبه إلى منازل الملوك إذا صير الهوى الملك بمنزلة العبد المملوك فهي شجرة عرقها الفكر في العواقب وساقها الصبر وأغصانها العلم وورقها حسن الخلق وثمرها الحكمة ومادتها توفيق من أزمة الأمور بيديه وابتداؤها منه وانتهاؤها إليه وإذا كان هذا وصفه فقبيح أن يدال عليه عدوه فيعزله عن مملكته ويحطه عن رتبته ويستنزله عن درجته فيصبح أسيرا بعد أن كان أميرا ومحكوما بعد أن كان حاكما وتابعا بعد أن كان متبوعا ومن صبر على حكمه أرنعه في رياض الأماني والمنى ومن خرج عن حكمه أورده حياض الهلاك والردى قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لقد سبق إلى جنات عدن أقوام ما كانوا بأكثر الناس صلاة ولا صياما ولا حجا ولا اعتمارا لكنهم عقلوا عن الله مواعظه فوجلت منه قلوبهم واطمأنت إليه نفوسهم وخشعت له جوارحهم ففاقوا الناس بطيب المنزلة وعلو الدرجة عند الناس في الدنيا وعند الله في الآخرة وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليس العاقل الذي يعرف الخير من الشر ولكنه الذي يعرف خير الشرين وقالت عائشة رضي الله عنها قد أفلح من جعل الله له عقلا وقال ابن عباس رضي الله عنهما ولد لكسرى مولود فأحضر بعض المؤدبين ووضع الصبى بين يديه وقال ما خير ما أوتي هذا المولود قال عقل يولد معه قال فإن لم يكن قال فأدب حسن يعيش به في الناس قال فإن لم يكن قال فصاعقة تحرقه وقال بعض أهل العلم لما أهبط الله تبارك وتعالى آدم إلى الأرض أتاه جبريل عليه السلام بثلاثة أشياء الدين والخلق والعقل فقال إن الله يخيرك بين هذه الثلاثة فقال يا جبريل ما رأيت أحسن من هؤلاء إلا في الجنة ومد يده إلى العقل فضمه إلى نفسه فقال للآخرين اصعدا فقالا أمرنا أن نكون مع العقل حيث كان فصارت الثلاثة إلى آدم عليه السلام وهذه الثلاثة أعظم كرامة أكرم الله بها عبده وأجل عطية أعطاه إياها وجعل لها ثلاثة أعداء الهوى والشيطان والنفس الأمارة والحرب بينهما دول وسجال وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم وقال وهب بن منبه قرأت في بعض ما أنزل الله تعالى إن الشيطان لم يكابد شيئا أشد عليه من مؤمن عاقل وإنه ليسوق مائة جاهل فيستجرهم حتى يركب رقابهم فينقادون له حيث شاء ويكابد المؤمن العاقل فيصعب عليه حتى ينال منه شيئا من حاجته قال وإزالة الجبل صخرة صخرة أهون على الشيطان من مكابدة المؤمن العاقل فإذا لم يقدر عليه تحول إلى الجاهل فيستأسره ويتمكن من قياده حتى يسلمه إلى الفضائح التي يتعجل بها في الدنيا الجلد والرجم والقطع والصلب والفضيحة وفي الآخرة العار والنار والشنار وإن الرجلين ليستويان في البر ويكون بينهما في الفضل كما بين المشرق والمغرب بالعقل وما عبد الله بشيء أفضل من العقل وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه لو أن العاقل أصبح وأمسى وله ذنوب بعدد الرمل كان وشيكا بالنجاة والتخلص منها ولو أن الجاهل أصبح وأمسى وله من الحسنات وأعمال البر عدد الرمل لكان وشيكا أن لا يسلم له منها مثقال ذرة قيل وكيف ذلك قال إن العاقل إذا زل تدارك ذلك بالتوبة والعقل الذي رزقه والجاهل بمنزله الذي يبني ويهدم فيأتيه من جهله ما يفسد صالح عمله وقال الحسن لا يتم دين الرجل حتى يتم عقله وما أودع الله امرأ عقلا إلا استنقذه به يوما وقال بعض الحكماء من لم يكن عقله أغلب الأشياء عليه كان حتفه وهلاكه في أحب الأشياء إليه وقال يوسف بن أسباط العقل سراج ما بطن وزينة ما ظهر وسائس الجسد وملاك أمر العبد ولا تصلح الحياة إلا به ولا تدور الأمور إلا عليه وقيل لعبدالله بن المبارك ما أفضل ما أعطي الرجل بعد الإسلام قال غريزة عقل قيل فإن لم يكن قال أدب حسن قيل فإن لم يكن قال أخ صالح يستشيره قيل فإن لم يكن قال صمت طويل قيل فإن لم يكن قال موت عاجل وفي ذلك قيل
ما وهب الله لامرئ هبة

أحسن من عقله ومن أدبه
هما جمال الفتى فإن فقدا
ففقده للحياة أجمل به

فصل
وإذا كانت الدولة للعقل سالمه الهوى وكان من خدمه وأتباعه كما أن الدولة إذا كانت للهوى صار العقل أسيرا في يديه محكوما عليه ولما كان العبد لا ينفك عن الهوى ما دام حيا فإن هواه لازم له كان له الأمر بخروجه عن الهوى بالكلية كالممتنع ولكن المقدور له والمأمور به أن يصرف هواه عن مراتع الهلكة إلى مواطن الأمن والسلامة مثاله أن الله سبحانه وتعالى لم يأمره بصرف قلبه عن هوى النساء جملة بل أمره بصرف ذلك الهوى إلى نكاح ما طاب له منهن من واحدة إلى أربع ومن الإماء ما شاء فانصرف مجرى الهوى من محل إلى محل وكانت الريح دبورا فاستحالت صبا وكذلك هو الظفر والغلبة والقهر لم يأمر بالخروج عنه بل أمر بصرفه إلى الظفر والقهر والغلبة للباطل وحزبه وشرع له من أنواع المغالبات بالسباق وغيره مما يمرنه ويعده للظفر وكذلك هوى الكبر والفخر والخيلاء مأذون فيه بل مستحب في محاربة أعداء الله وقد رأى النبي أبا دجانة سماك بن خرشة الأنصاري يتبختر بين الصفين فقال إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن وقال إن من الخيلاء ما يحبها الله ومنها ما يبغض الله فالتي يحبها اختيال الرجل في الحرب وعند الصدقة وذكر الحديث فما حرم الله على عباده شيئا إلا عوضهم خيرا منه كما حرم عليهم الاستقسام بالأزلام وعوضهم منه دعاء الاستخارة وحرم عليهم الربا وعوضهم منه التجارة الرابحة وحرم عليهم القمار وأعاضهم منه أكل المال بالمسابقة النافعة في الدين بالخيل والإبل والسهام وحرم عليهم الحرير وأعاضهم منه أنواع الملابس الفاخرة من الصوف والكتان والقطن وحرم عليهم الزنا واللواط وأعاضهم منهما بالنكاح والتسري بصنوف النساء الحسان وحرم عليهم شرب المسكر وأعاضهم عنه بالأشربة اللذيذة النافعة للروح والبدن وحرم عليهم سماع آلات اللهو من المعازف والمثاني وأعاضهم عنها بسماع القرآن والسبع المثاني وحرم عليهم الخبائث من المطعومات وأعاضهم عنها بالمطاعم الطيبات ومن تلمح هذا وتأمله هان عليه ترك الهوى المردي واعتاض عنه بالنافع المجدي وعرف حكمة الله ورحمته وتمام نعمته على عباده فيما أمرهم به ونهاهم عنه وفيما أباحه لهم وأنه لم يأمرهم بما أمرهم به حاجة منه إليهم ولا نهاهم عنه بخلا منه تعالى عليهم بل أمرهم بما أمرهم إحسانا منه ورحمة ونهاهم عما نهاهم عنه صيانة لهم وحمية فلذلك وضعنا هذا الكتاب وضع عقد الصلح بين الهوى والعقل وإذا تم عقد الصلح بينهما سهل على العبد محاربة النفس والشيطان والله سبحانه المستعان وعليه التكلان فما كان فيه من صواب فمن الله فهو الموفق له والمعين عليه وما كان فيه من خطإ فمني ومن الشيطان والله ورسوله من ذلك بريئان وقد جعلته تسعة وعشرين بابا
الباب الأول في أسماء المحبة
الباب الثاني في اشتقاق هذه الأسماء ومعانيها
الباب الثالث في نسبة هذه الأسماء بعضها إلى بعض
الباب الرابع في أن العالم العلوي والسفلي إنما وجد بالمحبة ولأجلها
الباب الخامس في دواعي المحبة ومتعلقها
الباب السادس في أحكام النظر وغائلته وما يجني على صاحبه
الباب السابع في ذكر مناظرة بين القلب والعين
الباب الثامن في ذكر الشبه
التي احتج بها من أباح النظر إلى من لا يحل له الاستمتاع به وأباح عشقه
الباب التاسع في الجواب عما احتجت به هذه الطائفة وما لها وما عليها في هذا الاحتجاج الباب العاشر في ذكر حقيقة العشق وأوصافه وكلام الناس فيه
الباب الحادي عشر في العشق وهل هو اضطراري خارج عن الاختيار أو أمر اختياري واختلاف الناس في ذلك وذكر الصواب فيه
الباب الثاني عشر في سكرة العشاق
الباب الثالث عشر في أن اللذة تابعة للمحبة في الكمال والنقصان
الباب الرابع عشر فيمن مدح العشق وتمناه وغبط صاحبه على ما أوتيه من مناه
الباب الخامس عشر فيمن ذم العشق وتبرم به وما احتج به كل فريق على صحة مذهبه
الباب السادس عشر في الحكم بين الفريقين وفصل النزاع بين الطائفتين الباب
السابع عشر في استحباب تخير الصور الجميلة للوصال الذي يحبه الله ورسوله
الباب الثامن عشر في أن دواء المحبين في كمال الوصال الذي أباحه رب العالمين
الباب التاسع عشر في ذكر فضيلة الجمال وميل النفوس إليه على كل حال
الباب العشرون في علامات المحبة وشواهدها
الباب الحادي والعشرون في اقتضاء المحبة إفراد الحبيب بالمحب وعدم التشريك بينه وبين غيره فيه
الباب الثاني والعشرون في غيرة المحبين على أحبابهم
الباب الثالث والعشرون في عفاف المحبين مع أحبابهم
الباب الرابع والعشرون في ارتكاب سبل الحرام وما يفضي إليه من المفاسد والآلام
الباب الخامس والعشرون في رحمة المحبين والشفاعة لهم إلى أحبابهم في الوصال الذي يبيحه الدين
الباب السادس والعشرون في ترك المحبين أدنى المحبوبين رغبة في أعلاهما
الباب السابع والعشرون فيمن ترك محبوبه حراما فبذل له حلالا أو أعاضه الله خيرا منه
الباب الثامن والعشرون فيمن آثر عاجل العقوبة والآلام على لذة الوصال الحرام
الباب التاسع والعشرون في ذم الهوى وما في مخالفته من نيل المني وسميته روضة المحبين ونزهة المشتاقين

والمرغوب إلى من يقف على هذا الكتاب أن يعذر صاحبه فإنه علقه في حال بعده عن وطنه وغيبته عن كتبه فما عسى أن يبلغ خاطره المكدود وسعيه المجهود مع بضاعته المزجاة التي حقيق بحاملها أن يقال فيه تسمع بالمعيدي خير من أن تراه وها هو قد نصب نفسه هدفا لسهام الراشقين وغرضا لأسنة الطاعنين فلقاريه غنمه وعلى مؤلفه غرمه وهذه بضاعته تعرض عليك وموليته تهدى إليك فإن صادفت كفؤا كريما لها لن تعدم منه إمساكا بمعروف أو تسريحا بإحسان وإن صادفت غيره فالله تعالى المستعان وعليه التكلان وقد رضي من مهرها بدعوة خالصة إن وافقت قبولا واستحسانا وبرد جميل إن كان حظها احتقارا واستهجانا والمنصف يهب خطأ المخطىء لإصابته وسيئاته لحسناته فهذه سنةالله في عباده جزاء وثوابا ومن ذا الذي يكون قوله كله سديدا وعمله كله صوابا وهل ذلك إلا المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى ونطقه وحي يوحى فما صح عنه فهو نقل مصدق عن قائل معصوم وما جاء عن غيره فثبوت الأمرين فيه معدوم فإن صح النقل لم يكن القائل معصوما وإن لم يصح لم يكن وصوله إليه معلوما

فصل
وهذا الكتاب يصلح لسائر طبقات الناس فإنه يصلح عونا على الدين وعلى الدنيا ومرقاة للذة العاجلة ولذة العقبى وفيه من ذكر أقسام المحبة وأحكامها ومتعلقاتها وصحيحها وفاسدها وآفاتها وغوائلها وأسبابها وموانعها وما يناسب ذلك من نكت تفسيرية وأحاديث نبوية ومسائل فقهية وآثار سلفية وشواهد شعرية ووقائع كونية ما يكون ممتعا لقاريه مروحا للناظر فيه فإن شاء أوسعه جدا وأعطاه ترغيبا وترهيبا وإن شاء أخذ من هزله وملحه نصيبا فتارة يضحكه وتارة يبكيه وطورا يبعده من أسباب اللذة الفانية وطورا يرغبه فيها ويدنيه فإن شئت وجدته واعظا ناصحا وإن شئت وجدته بنصيبك من اللذة والشهوة ووصل الحبيب مسامحا وهذا حين الشروع في الأبواب والله سبحانه الفاتح من الخير كل باب وهو المسؤول سبحانه أن يجعله خالصا لوجهه الكريم مدنيا من رضاه والفوز بجنات النعيم والله متولي سريرة العبد وكسبه وهو سبحانه عند لسان كل قائل وقلبه وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون

يتبع...

ليست هناك تعليقات: