3
من كتاب

بلاغات النساء
ابن طيفور

بلاغات النساء ومقاماتهن وأشعارهن


ومما تخيرناه في المنثور والمنظوم وبدأنا في هذا الجزء بأخبار ذوات الرأي منهن والجزالة وجواباتهن المسكتة وأحاديثهن الممتعة أي ويبدأ الآن مقاماتهن وأشعارهن قال أبو عبيد الله محمد بن زياد الإعرابي حدثنا خالد بن الحارث ومعاذ بن معاز وعفان بن مسلم ويعقوب الحضرمي عن عبد الله بن حسان عن جدتيه دحية وعلية عن جدتهما قيلة بنت مخرمة وأخبرنا حجاش العنبري عن أبيه عن المنجاب عن قيلة وحدثنا أبو زيد عمر بن شبة والزبير بن بكار بمثل هذا الإسناد عن قيلة وحدثني عبد الله بن شبيب قال حدثني ابراهيم بن محمد الحلبي قال حدثني عبد الله بن سواد العنبري عن حفص بن عمر الحوضي النمري بعضهم خالف بعضاً في اليسير منه والمعنى واحد قالت: كنت ناكحة في بني جناب بن الحارث بن جهبة بن عدي بن جندب بن العنبر رجلاً منهم يقال له الأزهر بن مالك وأنه مات وترك بنات فيهن واحدة فزيراء وهي صغراهن قد أخذتها الغرسة قالت خرجت أبتغي الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه واَله في نأنأة الاسلام فبكت الحديباء علي فرحمتها فحملتها معي على بعيري سراً من عمها أثوب بن مالك فخرجنا نرتك جملنا إذا انتفجت الأرنب فقالت الحديباء الفصية ورب الكعبة لا يزال كعبك عالياً على كعب أثوب فبينا الجمل يرتك إذ خلا وأخذته رعدة فقالت الحديباء أدركتك والأمانة أخذة أثوب فقلت واضطررت إليها فما اصنع قالت تقلبين ثيابك ظهورها لبطونها وتقلبين أحلاس جملك ظهورها لبطونها وتقلبين ظهرك لبطنك ثم قلبت مستحالها من صوف فقلبت ظهرها لبطنها قالت ففعلت ما أمرتني به فقام الجمل ففاج وبال واعدت عليه أدائه ثم خرجنا نرتكه فإذا أثوب يسعى على آثارها بالسيف صلتا فوألنا منه إلى خباء ضخم فألقى الجمل ذلولاً لدي رواق البيت الأوسط فاقتحمت داخله بالجارية وتناولني بسيفه فأصابت ظبته طائفة من قرني وقال الق إلي ابنة أخي يا دفار فألقيتها إليه وكنت أعلم به منهم وقد تحشحش سيأتي تفسيره آخر الحكاية له القوم ثم انطلقت إلى أخت لي ناكح في بني شيبان ابتغي الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه فبينا أنا عندها ذات ليلة تحسب أني نائمة إذ جاء زوجها من السامر فقال: وأبيك لقد أصبت لقيلة صاحب صدق قالت ومن هو قال هو حريث بن حسان غادياً ذا صباح وافد بكر بن وائل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه قالت يا ويلها لا تخبر بهذا أختي فتتبع أخا بكر بن وائل بين سمع الأرض وبصرها ليس معها من قومها رجل قال لا تذكريه فإني غير ذاكره لها فلما أصبحت وقد سمعت ما قال شددت على جملي فانطلقت الى حريث بن حسان فسألت عنه فإذا به وركابه مناخة فسألته الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه فقال نعم وكرامة فخرجت معه صاحب صدق حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه واَله فدخلنا المسجد حين شق الفجر وقد أقيمت الصلاة فصلى والنجوم شابكة والرجال لا تكاد تعارف من ظلمة الليل فصففت مع الرجال وكنت امرأة حديثة عهد بجاهلية فقال لي رجل إلى جنبي امرأة أنت أم رجل؟ قلت امرأة قال كدت تقتنيني عليك بالنساء وراءك فإذا صف من النساء قد حدث عند الحجرات لم أكن رأيته حين دخلت فصففت معهن فلما صلينا جعلت أرى ببصري الرجل ذا الرو أو القثر لأرى رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه حتى دنا رجل فقال السلام عليك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا هو جالس القرفصاء ضام ركبتيه إلى صدره عليه اسمال ملسين كانت مصبوغتين بزعفران فنعصا وبيده عسيب مقشور غير خوصتين من أعلاه فقال وعليك السلام ورحمة الله فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه واَله والتخشع في مجلسه أرعدت من الفرق فقال له جليسه يا رسول الله صلى الله عليه وسلم رعدت المسكينة فقال بيده يا مسكينة عليك السكينة فذهب عني ما كنت أجد من الرعب قالت: فتقدم صاحبي أول من تقدم فبايعه على الإسلام وعلى قومه ثم قال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب لنا بالدهناء لا يجاوزها من تميم الينا إلا مسافراً أو مجاوراً فقال يا غلام اكتب له بالدهناء قالت فلما رأيت ذلك شخص بي وهي داري ووطني فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه لم يسلك السوية من الأمر هذه الدهناء عندك مقيد الجمل ومرعى الغنم ونساء تميم وأبناؤها
وراء ذلك قال: صدقت أمسك يا غلام المسلم أخو المسلم يسعهم الماء والشجر يتعاونان على الفتان كذا قالت فلما رأى حريث وقد حيل دون كتابه صفق بإحدى يديه على الأخرى ثم قال: كنت أنا وأنت كما قال الأول حتفها حملت ضان بأظلافها قالت فقلت أما والله لقد كنت دليلاً في الليلة الظلماء جواداً لدى الرحل عفيفاً عن الرقيقة صاحب صدق حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه على أسأل حظي إذا سألت حظك قال وما حظك من الدهناء لا أبالك قالت قلت مقيد جملي سله لجمل إمرأتك قال أما أني أشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه اني لك أخ ما حييت إذا ثنيت هذا علي عنده قالت قلت إذ بدأتها فاني لا أضيعها قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه ما يمنع ابن هذه أن يفصل الخطة وينتصر من وراء الحجرة قالت فبكيت وقلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم الله لقد ولدته حزاماً وقاتل معك يوم الربذة ثم انطلق إلى خيبر يميرني منها فأصابته حماها فمات وترك علي النساء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه لولا أنك مسكينة لجررت على وجهك أو لأمرت بك فجررت على وجهك اتغلب إحداكن أن تصاحب صويحبها في الدنيا معروفاً فإذا حال بيني وبينها من هو أولى به منها قالت رب اثبني على ما أمضيت وأعني على ما أبقيت فو الذي نفس محمد بيده اني أحيدكم لسبكي فيستعير اليه صويحبه فيا عباد الله لا تعذبوا إخوانكم قالت ثم أمر فكتب لي في قطعة أديم أحمر لقيلة والنسوة بنات قيلة لا يظلمن حقاً ولا يكرهن على منكح وكل مؤمن مسلم لهن نصير أحسن ولا يسئن قال أبو عبد الله ومما سمعته من غير عفان قال وأظنه من حديث يعقوب قال ولست أحققه قال محاس عن أبيه عن المنجاب أدركت احدى بنات قيلة في زمن الحجاج قد خطبها رجل من أهل الشام فأبت فأرسل إليها الحجاج حتى أكرهها عليه فجعلت تتقى بكتابها وهو في يديها وتقول إن في كتابنا أن لا نكره على منكح فلم يلتفت إلى كتابها ودفعها إلى الشامي قال أبو عبد الله في قولها تحشحش له القوم إن المتحشحش أن يهزل الرجل بعد يبس قال العقيلي قد تحشحشنا في اَخر هذا الشهر يعني شهر رمضان أي يبسنا وهزلنا وقحلنا من الصيام وهي تحسحس بالسين أصوب أي تحرك له القوم وتحسحست اللحمة في النار إذ إنقبضت وسمعت لها صوتاً.اء ذلك قال: صدقت أمسك يا غلام المسلم أخو المسلم يسعهم الماء والشجر يتعاونان على الفتان كذا قالت فلما رأى حريث وقد حيل دون كتابه صفق بإحدى يديه على الأخرى ثم قال: كنت أنا وأنت كما قال الأول حتفها حملت ضان بأظلافها قالت فقلت أما والله لقد كنت دليلاً في الليلة الظلماء جواداً لدى الرحل عفيفاً عن الرقيقة صاحب صدق حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه على أسأل حظي إذا سألت حظك قال وما حظك من الدهناء لا أبالك قالت قلت مقيد جملي سله لجمل إمرأتك قال أما أني أشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه اني لك أخ ما حييت إذا ثنيت هذا علي عنده قالت قلت إذ بدأتها فاني لا أضيعها قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه ما يمنع ابن هذه أن يفصل الخطة وينتصر من وراء الحجرة قالت فبكيت وقلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم الله لقد ولدته حزاماً وقاتل معك يوم الربذة ثم انطلق إلى خيبر يميرني منها فأصابته حماها فمات وترك علي النساء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه لولا أنك مسكينة لجررت على وجهك أو لأمرت بك فجررت على وجهك اتغلب إحداكن أن تصاحب صويحبها في الدنيا معروفاً فإذا حال بيني وبينها من هو أولى به منها قالت رب اثبني على ما أمضيت وأعني على ما أبقيت فو الذي نفس محمد بيده اني أحيدكم لسبكي فيستعير اليه صويحبه فيا عباد الله لا تعذبوا إخوانكم قالت ثم أمر فكتب لي في قطعة أديم أحمر لقيلة والنسوة بنات قيلة لا يظلمن حقاً ولا يكرهن على منكح وكل مؤمن مسلم لهن نصير أحسن ولا يسئن قال أبو عبد الله ومما سمعته من غير عفان قال وأظنه من حديث يعقوب قال ولست أحققه قال محاس عن أبيه عن المنجاب أدركت احدى بنات قيلة في زمن الحجاج قد خطبها رجل من أهل الشام فأبت فأرسل إليها الحجاج حتى أكرهها عليه فجعلت تتقى بكتابها وهو في يديها وتقول إن في كتابنا أن لا نكره على منكح فلم يلتفت إلى كتابها ودفعها إلى الشامي قال أبو عبد الله في قولها تحشحش له القوم إن المتحشحش أن يهزل الرجل بعد يبس قال العقيلي قد تحشحشنا في اَخر هذا الشهر يعني شهر رمضان أي يبسنا وهزلنا وقحلنا من الصيام وهي تحسحس بالسين أصوب أي تحرك له القوم وتحسحست اللحمة في النار إذ إنقبضت وسمعت لها صوتاً.


ومن أخبار ذوات الرأي والجزالة من النساء
أخبار ذوات الرأي والجزالة من النساء

حدثنا أحمد بن عبيد البصري قال حدثنا أبو عبد الرحمن العتبي عن أبيه قال قدم الحجاج بن يوسف على الوليد بن عبد الملك فألفاه يدفن بنتاً له فمال إلى قبر عبد الملك فصلى عنده ركعتين ثم انصرف وقد ركب الوليد فمشى بين يديه وعليه درع وقوس فقال اركب يا أبا محمد قال يا أمير المؤمنين دعني استكثر من الجهاد فإن ابن الزبير وعبد الرحمن بن الأشعث شغلاني عن الجهاد زمناً طويلاً فعزم عليه الوليد فركب فلما دخل القصر القى الوليد ثيابه وبقي في غلالة ثم اذن للحجاج فبينا هو يحدثه ويقول له يا أمير المؤمنين اذ أقبلت جارية فسارت الوليد ثم انصرفت ثم عادت فقال الوليد يا أبا محمد أتدري ما قالت هذه الجارية قال لا يا أمير المؤمنين قال أرسلت إليّ ام البنين بنت عبد الملك عبد العزيز بن مروان ما مجالستك هذا الاعرابي وهو في سلاحه وأنت في غلالة لأن يخلو بك ملك الموت أحب إليّ من أن يخلو بك الحجاج وقد قتل الناس قال الحجاج يا أمير المؤمنين امسك عن تنزف النساء فان المرأة ريحانة وليست بقهرمانة لا تطلعهن على أمرك ولا تطمعهن في سرك ولا تدخلهن في مشورتك ولا تستعملهن بأكثر من زينتهن يا أمير المؤمنين ولا تكن للنساء برؤوم ولا لمجالستهن بلزوم فإن مجالستهن صغار ولؤم ثم نهض الحجاج فدخل الوليد على أم البنين فأخبرها بمقالة الحجاج فقالت إني أحب أن تأمره أن يسلم علي غداً فلما أصبح غدا الحجاج على الوليد فقال أعدل إلى أم البنين فقال أعفني يا أمير المؤمنين قال لتفعلن قال ففعل فحجبته طويلاً ثم أذنت له فأقرته قائماً ثم قالت يا حجاج أنت الممتن على أمير المؤمنين بقتل ابن الزبير وابن الأشعث لقد كنت المولى أي العبد غير المستعلي أما والله لولا أنك أهون خلقه عليه الضمير راجع إلى الله ما ابتلاك برمي الكعبة ولا بقتل ابن ذات النطاقين فأما ما ذكرت من قتل ابن الأشعث فلعمري لقد استفحل عليك ووالى الهزائم حتى غوثت فلولا أن أمير المؤمنين نادى في أهل الشام وأنت في أضيق من القرن فأظلنك رماحهم ونجاك كفاحهم لكنت ضيق الخناق ومع هذا إن نساء أمير المؤمنين قد نفضن العطر من غدائرهن والحلي من أيديهن وأرجلهن فبعثنه في أعطية أوليائه وأما ما نهيت عنه أمير المؤمنين من قطع لذاته وبلوغ أوطاره من نسائه فإن كن ينفرجن على مثل أمير المؤمنين فهو غير مجيبك إلى ذلك وان كن ينفرجن على مثل ما انفرجت عنه أمك فما أحقه أن يقتدي بقولك قاتل الله الذي يقول إذ نظر إليك وسنان غزالة الحرورية بين كتفيك:
أسد علي وفي الحروب نعامة
ربذاء تفزع من صفير الطائر
هلا برزت إلى غزالة في الوغا
بل كان قلبك في جناحي طائر
صدعت غزالة قلبه بفوارس
تركت مناظره كأس الدائر
ثم أمرت جارية لها فأخرجته فدخل على الوليد فقال ما كنت فيه يا حجاج قال يا أمير المؤمنين ما سكتت حتى ظننت نفسي قد ذهبت وحتى كان بطن الأرض أحب الي من ظهرها وما ظننت أن امرأة تبلغ بلاغتها وتحسن فصاحتها قال إنها بنت عبد العزيز وقال ابن الإعرابي عن المفضل الضبي قال قالت الجمانة بنت قيس بن زهير العبسي لأبيها لما شرق ما بينه وبين الربيع بن زياد في الدرع دعني أناظر جدي فإن صلح الأمر بينكما وإلا كنت من وراء رأيك فأذن لها فأتت الربيع فقالت إذا كان قيس أبي فانك ياربيع جدي وما يجب له من حق الأبوة عليّ إلا كالذي يجب عليك من حق البنوة لي والرأي الصحيح تبعثه العناية وتجلى عن محضه النصيحة إنك قد ظلمت قيساً بأخذ درعه واجد مكافأته إياك سوء عزمه والمعارض منتصر والبادي أظلم وليس قيس ممن يخوف بالوعيد ولا يردعه التهديد فلا تركنن إلى منابذته فالحزم في متاركته والحرب متلفة للعباد ذهابه بالطارف والتلاد والسلم أرخى للبال وأبقى لأنفس الرجال وبحق أقول لقد صدعت بحكم وما يدفع قولي إلا غير ذي فهم ثم أنشأت تقول:
أبي لا يرى أن يترك الدهر درعه
وجدي يرى أن يأخذ الدرع من أبي
فرأي أبي رأي البخيل بماله
وشيمة جدي شيمة الخائف الأبي

أحمد بن الحارث عن المدائني قال أجمع أهل ميسان للمسلمين وعليهم الفليكان فلقيهم المغيرة بن شعبة بالمرغاب فقالت ازده بنت الحارث بن كلدة للنساء إن رجالنا في نحر العدو ونحن خلوف ولا اَمن إن يخالفوا الينا وليس عندنا من يمنعنا وأخرى أخاف أن يكثر العدو على المسلين فيهزمونهم فلو خرجنا لأمنا مما نخاف من مخالفة العدو الينا ويظن المشركون أنا عدد ومدد أتى المسلمين فيكسرهم ذلك وهي مكيدة فأجبنها إلى ما رأت فاعتقدت لواء من خمارها واتخذت النساء رايات من خمرهن وامضين رأيهن ومضين وهي أمامهن وهي تقول يا ناصر الاسلام صفاً بعد صف أن تهزموا وتدبروا عنا نخف أو يغلبوكم يغمزوا فينا القلف قال فلما رأى العدو الرايات قالوا هذا عدد ومدد اتى العرب فانهزموا منهم اسماعيل بن مجمع أبو محمد قال قال المدائني عن مسلمة بن محارب قال حج معاوية بن أبي سفيان فأتى الحجفة أو الابواء هو وأبو سلمة الفهري فأتيا مياه بني كنانة حتى صارا إلى خباء بفنائه امرأة عشمة فقالا من القوم فقالت من الذين يقول لهم الشاعر:
هم منعوا جيش الأحابيش عنوة
وهم نهنهوا عنها غواة بني بكر
قالا كوني ذهلية قالت ذهيلة كنت قالا هل من قرى قالت أي ها الله خبز خمير وحيس فطير ولبن يمير وماء نمير فنزلا بها فقدمت اليهما ما ذكرت فجعل معاوية يأخذ الفلذة من الخبز بمثلها من الحيس فيغمرها في اللبن فلما فرغ قال لها حاجتك فاني من أمير المؤمنين بمكان قالت كلأك يا أمير المؤمنين قال وما يدريك أني أمير المؤمنين قالت بشمائلك حين لفتك الريح مقبلاً قال أما إذا عرفت فاسألي قالت حلقي دوني نساء الحي أفلا تعمهم قال سلي في نفسك قالت صانك الله يا أمير المؤمنين أن تفحل وادياً يرف أعلاه ويقف أسفله قال نادي فيهم فنادت أمير المؤمنين بفنائكم فأتاه الاعراب بها فقضى حوائجهم وفضلها عليهم وحدثنا عبد الله بن شبيب قال حدثني عبد الرحمن بن عبد الله الزهري بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عوف قال حدثني عيسى بن عبد الله العلوي قال لما نزل معاوية بن أبي سفيان وادي الكرى قال لغلامه ارحل لي جمل الصحوت وارحل معه من الابل ما يماسطه ففعل فركبه ورحل من أصحابه معه فلما خرج من القرية حاد عن الطريق فإذا بيوت من بيوت البادية فخش بينها فإذا امرأة بين سجفين حسناء جملاء فلما نظرت إليه قالت أمير المؤمنين ورب الكعبة قال لها أتعرفيني قالت نعم قال لها ممن أنت قالت من الذين قال شاعرهم:
هم دفعوا حلف الأحابيش عنوة
وهم منعوا عنكم غواة بني بكر

قال أنت إذن من بني الحارث بن كنانة فما تقولين في بني بكر قالت أبغض صغيرها وكبيرها ولا اَمن غدرها وفجورها قال فهل عندك من قرى قالت نعم خبز فطير ولبن يمير وحيس خمير وماء هجير قال أخ أخ احضريني ما عندك فجاءت به فجعل يأكل من هذا مرة ومن هذا مرة ويخلط بينهما مرة وقال لها إني أرى لك عقلاً ورأياً وبياناً فهل لك أن تتبعيني فتدخلي بيني وبين امرأة من قريش أحبها قالت كم لك يا أمير المؤمنين أو كم أتى عليك قال ثلاث وستون سنة قالت أصبحت يا أمير المؤمنين تنظر في سنك فتسوءها وتنظر في ذات يدك فيسرها فهل عندك من شيء تريد الجماع قال نعم قالت لا حاجة بك إلى أحد يدخل بينك وبينها فذلك يرضيها عنك فأعطاها فأحسن ورحل وذكر ابن الأعرابي أن عمر بن الخطاب قال أيها الناس ماهذه الصداقات جمع صداق ومهر الزوجة التي قد مددتم إليها أيديكم لا يبلغني أن أحداَ جاوز بصداقه صداقالنبي صلى الله عليه وسلم لى الله عليه قال فقامت اليه امرأة برزة فقالت ما جعل الله لك ذلك يابن الخطاب وقد قال الله عز وجل وإن أوتيتم احداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً فقال عمر إلا تعجبون أميراَ خطأ وامرأة أصابت ناضل أميركم فنضل مصعب الزبير قال قدمت زينب بنت الزبير بن العوام مكة فخطبها رجل من بني أمية قد كانت هي وأمه قبل ذلك عند رجل من قريش فأبت فقيل لها في ذلك فقالت أكره ثلاث خلال لم أكن لأرجع في أرض هاجر منها اَبائي ولم أكن جئت على ظهر بعير لأتزوج وما كنت لأكون كنة بعد أن كنت ضرة وقال المدائني لما أهديت بنت عقيل بن غلفة إلى الوليد بن عبد الملك بن مروان بعث مولاه له لتأتيه بخبرها قبل أن يدخل بها فأتتها فلم تأذن لها أو كلمتها فأحفظتها فهشمت انفها فرجعت اليه فأخبرته فغضب من ذلك فلما دخل عليها قال ما أردت إلى عجوزنا هذه قالت اردت والله ان كان خيراً أن تكون أول من لقى بهجته وان كان شراً أن تكون أول من ستره وذكر هارون بن يزيد العبدي عن أبي زهير الرواسي قال لما قتل حول المختار بن أبي عبيد الثقفي من اهل بيته خمسون رجلاً وانهزم الناس فمر أبو محجن بأم المختار واسمها دومة فقال يا دومة ارتدي خلفي قالت والله لإن يأخذني هؤلاء أحب الي من أن أرتدى خلفك وذكر أبو عبد الله بن الأعرابي عن المفضل الضبي قال كانت رقاش بنت عمرو بن صلب بن وائل عند كعب بن مالك بن تيم الله بن ثعلبة فقال لها يوماً اخلعي درعك قالت خلع الدرع بيد الزوج قال اخلعيه لأنظر إليك قالت التجرد لغير نكاح مثله المدائني قال كان تميم الداري يبيع العطر في الجاهلية وكان من لخم فخطب أسماء بنت أبي بكر في جاهليته فماكسهم في المهر فلم يزوجوه فلما جاء الإسلام جاء بعطر يبيعه فساومته اسماء فماكسها فقالت طال ما ضرك مكاسك فلما عرفها استحى وسامحها في بيعه المدائني عن محمد بن علي قال كانت بنت سعيد بن العاص عند الوليد بن عبد الملك فلما مات عبد الملك لم تبكه فقال لها الوليد ما يمنعك من البكاء على أمير المؤمنين ولا مصيبة أجل من فقده قالت وما أقول له إلا أن أسأل الله أن يحييه ويزيد في سلطانه حتى يقتل أخاً لي آخر قال إي والله لقد كسرنا ثناياه وقتلناه فقالت قد علمت من شقة استه بالسيف قال الحقي بأهلك قالت الذ من الرفاء والبنين وقال المدائني تزوج مروان بن الحكم أم خالد بن يزيد بن معاوية فقال مروان ذات يوم وأراد أن يقصر به في شيء جرى بينهما يا ابن الرطبة فقال له خالد أمين مختبر وأتى خالد أمه فأخبرها الخبر وقال أنت صنعت بي هذا وأنشدها هجاء هجى بها فيها:
أما رأيت خالداً يهمه
إن سلب الملك ونيكت أمه
فقالت له دعه فإنه لا يقولها بعد اليوم فدخل عليها مروان فقال أخبرك خالد بشيء قالت يا أمير المؤمنين هو أشد لك تعظيماً من أن يذكر شيئاً جرى بينك وبينه فلما أمسى وضعت على وجهه مرفقة وقعدت عليه هي وجواريها حتى مات فأراد عبد الملك قتلها وبلغه رضخ من فعلها فقالت له أما أنه لشد عليك أن يعلم الناس جميعاً أن أباك قتلته امرأة فكف عنها وكانت ام خالد بنت أبي هاشم من ولد عتبة بن ربيعة وقال المدائني لما كبر يزيد ومروان ابنا عبد الملك من عاتكة بنت يزيد بن معاوية قال لها عبد الملك إن ابنيك قد بلغا فلو أشهدت لهما بميراثك من أبيك كانت لهما فضيلة على سائر أخواتهما فقالت اجمع لي شهوداً من مواليّ ومواليك قال فجمعهم وادخل معهم روح بن زنباع الجذامي وكانت بني أمية تدخله على نسائها مداخل مشائخها وأهلها وقال له رغبها فيما صنعت وحسنه لها وأخبرها برضائي عنها فدخل عليها فتكلم ثم قال ما قاله عبد الملك فقالت يا روح أتراني أخشى على ابني العيلة وهما ابنا أمير المؤمنين أشهدتك اني تصدقت بمالي على فقراء آل بني سفيان قال فخرج القوم وأقبل روح يجر رجليه فلما نظر عبد الملك قال أما أنا فأشهد أنك قد أقبلت بغير الوجه الذي أدبرت فيه قال يا أمير المؤمنين اني تركت معاوية بن أبي سفيان في الديوان جالساً يريد أن عاتكة كجدها معاوية في الدهاء وأخبره الخبر قال فغضب عليها عبد الملك وتوعدها فقال له روح مهلاً يا أمير المؤمنين فوالله لهذا الفعل في ابنيها خير لك من مالها قال فكف عنها وقال المدائني أرسل مسلمة بن عبد الملك إلى هند بنت المهلب يخطبها على نفسه فقالت لرسوله والله لو أحيا من قتل من أهل بيتي وموالي ما طابت نفسي بتزويجه بل كيف يأمنني على نفسه وأنا أذكر ما كان منه وثاري عنده لقد كان صاحبك يوصف بغير هذا في رأيه وقال مصعب الزبيري خطب عبد الملك بن مروان رملة بنت الزبير بن العوام فردته وقالت لرسوله إني لا اَمن نفسي على من قتل أخي وكانت أخت مصعب لأمه كانت امهما الكلبية الأصمعي عن أبان بن تغلب قال مررت بإعرابي له امرأة حسنة الوجه وكان دميم الخلقة وهو يعلوها ضرباً فقلت له أتضرب مثل هذا الوجه الحسن فقالت أصلحك الله ان له عذراً فدعه قلت وما هو قالت قدمت إلى الله سيئتين فعاقبني عليهما به وقدم اليه حسنة فجزاه بي حدثنا عبد الله ابن شبيب قال حدثني أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثني عمر بن أبي بكر العذري عن عبد الرحمن بن أبي الزناد وعن مخرمة بن سليمان الوالبي قال دخل عبد الله بن الزبير على أمه أسماء بنت أبي بكر في اليوم الذي قتل فيه فقال يا أمه خذلني الناس حتى أهلي وولدي ولم يبق معي إلا اليسير ومن لا دفع عنده أكثر من صبر ساعة من النهار وقد أعطاني القوم ما أردت من الدنيا فما رأيك قالت إن كنت على حق تدعو إليه فامض عليه فقد قتل عليه أصحابك ولا تمكن من رقبتك غلمان بني أمية فيتلعبوا بك وإن قلت اني كنت على حق فلما وهن أصحابي ضعفت نيتي ليس هذا فعل الأحرار ولا فعل من فيه خيركم خلودك في الدنيا القتل أحسن ما يقع به يا ابن الزبير والله لضربة بالسيف في عز أحب إلي من ضربة بسوط في ذل قال لها هذا والله رأيي والذي قمت به داعياً إلى الله والله ما دعاني إلى الخروج إلا الغضب لله عز وجل أن تهتك محارمه ولكني أحببت أن أطلع على رأيك فيزيدني قوة وبصيرة مع قوتي وبصريتي والله ما تعمدت إتيان منكر ولا عملاً بفاحشة ولم أجر في حكم ولم أغدر في أمان ولم يبلغني عن عمالي حيف فرضيت به بل أنكرت ذلك ولم يكن شيء عندي اَثر من رضاء ربي اللهم اني لا أقول ذلك تزكية لنفسي ولكن اقوله تعزية لأمي لتسلو عني قالت له والله اني لأرجو ان يكون عزاي فيك حسناً بعد ان تقدمتني أو تقدمتك فان في نفسي منك حرجاً حتى أنظر إلى ما يصير أمرك ثم قالت اللهم ارحم طول ذاك النجيب والظماء في هواجر المدينة ومكة وبرهَ بأمه اللهم اني قد سلمت فيه لأمرك ورضيت فيه بقضائك فأثبني في عبد الله ثواب الشاكرين فرد عنها وقال يا أمة لا تدعي الدعاء لي قبل قتلي ولا بعده قالت لن أدعه لك فمن قتل على باطل فقد قتلت على حق فخرج وهو يقول:
أبي لابن سلمى أن يعير خالداً
ملاقى المنايا أي صرف تميماً

فلست بمبتاع الحياة بسبة ولا
مرتق من خشية الموت سلماً


وقال لأصحابه احملوا على بركة الله وليشغل كل رجل منكم رجلاً ولا يلهينكم السؤال عني فإني في الرعيل الأول ثم حمل عليهم حتى بلغ بهم الحجون وهو يقول:
لا عهد لي بغارة مثل السيل
لا ينقضي غبارها حتى الليل
فرماه رجل من أهل الشام بحجر على وجهه فارتعش منها فدخل شعباً من تلك الشعاب يستدمي رأته مولاة له فقالت ويا أمير المؤمنين قالوا أين هو فأشارت اليه فدخلوا فقتلوه فأما أحمد الحارث فحدثنا عن المدائني بن مسلمة بن محارب أن ابن الزبير دخل على أمه اسماء وهي عليلة فقال يا أمة كيف تجديك قالت ما أجدني إلا شاكية فقال يا أمة أن الموت لراحة فقالت يا بني لعلك تتمنى موتي فوالله ما أحب أن أموت حتى تأتي على أحد طرفيك فأما أن تظمر بعدوك فتقر عيني وأما أن تقتل فأحتسبك قال فالتفت إلى أخيه عروة وضحك فلما كان في الليلة التي قتل في صبيحتها دخل في السحر عليها فشاورها فقالت يابني لا تجبنن عن خطة تخاف على نفسك فيها القتل قال إنما أخاف أن يمثلوا بي قالت يا بني ان الشاة لا تألم السلخ بعد الذبح.

أخبرنا أحمد بن الحارث عن أبي الحسن المدائني قال أوتي هشام بن عبد الملك بجارية تعرض عليه فأعجب بها فسام صاحبها بها فأبعد عليه في السوم فقال له لأعطينك بها أعطية لم أبلغها بجارية قط لك بها عشرة اَلاف درهم فأبى وخرج بها قال وتبعتها نفس هشام وجعل لا يطيب بالزادة نفساً فاتى الابرش الكلبي مولاها فلم يزل حتى أخذها منه بثلاثين ألفاً وأهداها اليه فسر بها ولم يلبث ان جاءه مال من ضياعه فيه فضل فقسمه في أهله وولده وبقيت عشرون ومئة ألف فدعى امرأتيه أم حكيم بنت يحيى بن الحكم بن أبي العاص وعبيدة بنت عبد الله بن يزيد بن معاوية فبدأ بأم حكيم فقال من أحق الناس بهذا المال قالت إن ذلك لغير بخيل زوجتك وبنت عمك قال قد أخذت حقها قالت فابنك وولي عهد المسلمين وسيد فتيان قومك قال قد أخذ حقه فأقبل على عبدة فقال هاتي ما عندك فانكم يا اَل أبي سفيان تدعون فضيلة في الرأي قالت ما أبين ذاك أحقهم به من جاد لك بما بخلت به على نفسك قال صدقت فبعث بالمال إلى الأبرش فلما استقلت البدور على أعناق الرجال نظر إليها هشام فقال هذه ثم أحسن منها هاهنا.

وقال عبد الله بن شبيب عم الزبير قال حدثنا عثمان بن عبد الرحمن قال كانت الزمعية بنت كثير بن عبد الله بن زمعة عن عبد الله بن مطيع ولم يذكر الخبر وقال المدائني قال عبد الله بن عوف لامرأته أم طلحة بنت مطيع بن الأسود ان نزلت من السرير فأنت طالق فقبضت رجليها وقالت لأردن عليك سفهك ولأقطعن طمعك وقال الزبير فقال سفهه والله لك فلان وفلان.

وحدثني عبد الله بن شبيب قال حدثني ابراهيم بن محمد بن عبد العزيز عن أبيه قال كانت عند رجل من اَل أبي طالب فاما المدائني فذكر انه الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام امرأة من قريش فضجرت عليه يوماً فقال لها أمرك في يدك أما والله لقد كان في يدك عشرين سنة فحفظته وأحسنت صحبته فلم أضيعه إذ كان في يدي ساعة من نهار وقد رددت عليك حمقك قال حمقة والله فاعجبه قولها فأحسن صحبتها.

حدثنا عبد الله بن عمرو قال حدثني مسعود بن عمر قال حدثنا عمارة بن عقيل قال كانت عندنا امرأة باليمامة يقال لها أم أتال وكانت من أجمل النساء فاَمت من زوجها فخطبها أشراف أهل اليمامة وكنت فيمن خطبها فقالت وكان لها ابناً يقال له أثال فردت كل خاطب من أجله:
لعمري أثال لا أفدي بعينه
وان كان في بعض المعاش جفاء
إذا استجمعت أم الفتى غض طرفه
وشاعره دون الدثار بلاء
قال وخطب عمران بن موسى بن طلحة هنداً بنت اسماء بن خارجة الفزاري فردته وارسلت اليه اني والله ما بي عنك رغبة ولكن لا أتزوج إلا من لا يؤدي قتلاه ولا يرد قضاءه وليس ذلك عندك.

حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال حدثني محمد بن أبي علي البصري قال حدثنا نصر بن قديد الليثي قال حدثنا العلاء السعدي عن أبيه قال حجت أم حبيب بنت عبد الله بن الأهتم أو بنت عمرو بن الأهتم الشك من ابن أبي علي قال فبعث إليها الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام فخطبها فقالت إني لم اَت هذه البلد للتزويج وإنما جئت لزيارة هذا البيت فإذا قدمت بلدي وكانت لك حاجة فشأنك قال فازداد فيها رغبة فلما صارت إلى البصرة أرسل إليها فخطبها فقال أخوتها أنها امرأة لا يفتات على مثلها برأي وأتوها فأخبروها الخبر فقالت إن تزوجني على حكمي أجبته فأدوا ذلك اليه فقال امرأة من تميم اتزوجها على حكمها ثم قال وما عسى أن يبلغ حكمها لها قال فأعطاها ذلك فقالت قد حكمت صداق ازواج النبي صلى الله عليه وسلم بناته أثنا عشر أوقية فتزوجها على ذلك وأهدى لها مئة ألف درهم فجاءت اليه فبنا بها في ليلة قائظة على سطح لا حظار عليه فلما غلبته عينه أخذت خمارها فشدته في رجله وشدت الطرف الأخرى في رجلها فلما أنتبه من نومه رأى الخمار في رجله فقال ما هذا قالت أنا على سطح ليس عليه حظار ومعي في الدار ضرائر ولم اَمن عليك وسن النوم ففعلت هذا لأنك إذا تحركت تحركت معك قال فازداد فيها رغبة وبها عجباً ثم لم يلبث أن مات عنها فكلموها في الصلح عن ميراثه فقالت ما كنت لاَخذ له ميراثاً أبداً وخرجت إلى البصرة فبعث إليها نفر يخطبونها منهم يزيد بن معاوية وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن عامر فأتاها أخوتها فقالوا لها هذا ابن أمير المؤمنين وهذا ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه واَله وهذا بن حواريه وهذا ابن عامر أمير البصرة اختاري من شئت منهم قال فردتهم جميعاً وقالت ما كنت لأتخذ حموا بعد ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه وسلم.

وقال المدائني أتى عبيد الله بن زياد بامرأة من الخوارج فقطع رجلها وقال لها كيف ترين فقالت إن في الفكر في هول المطلع لشغلا عن حديدتكم هذه ثم قطع رجلها الأخرى وجذبها فوضعت يدها على فرجها فقال لتسترينه فقالت لكن سمية امك لم تكن تستره.

المدائني قال كانت رملة بنت طلحة بن عمر بن عبيد الله بن معمر وأمها فاطمة بنت القاسم بن محمد بن جعفر بن أبي طالب وأمها أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر وأمها زينب بنت علي بن أبي طالب عليه السلام الكبرى قال أبو الفضل هذا غلط وأنا أحسبها زينب حفيدة رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه وأمها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه عند هشام بن عبد الملك وكانت لا تلد فقال لها هشام يوماً أنت بعلة لا تلدين فقالت بلى يأبى كرمي أن يدنسه لؤمك.

حدثني أبو صفوان البصري محمد بن أبي النعمان قال حدثني أبو محمد العنبري قال خرج خالد بن الوليد حاجاً فمر بأهل بيت من العرب من بني عامر بن صعصعة فنزل بماء لهم فرأى جارية منهم اعجبته فبعث إلى أبيها فخطبها وزوجه على عشرة اَلاف درهم ثم قال أدخلوها علي في اطمارها التي رأيتها فيها فأدخلت عليه فأعجبته وأخذت بقلبه فأكرمها وأخذ أطمارها فصيرها في صندوق وقفل عليها وحملها إلى الشام فدخل على عبد الملك فحدثه حديثها وما رأى من ظرفها فبعث عبد الملك إلى الأطمار لينظر إليها فلما دخل الرسول بطلب الأطمار قالت الجارية أجلس فأن أمير المؤمنين عزمني ثم كتبت اليه:
يا ابن الذوائب من أمية والذي
صارت اليه خلافة الجبار
فبم استفزك خالد بحديثه
حتى هممت بأن ترى أطماري
فلئن هزئت بسحق ثوب ناحل
اني لمن قوم ذو أخطار
لا يبطرون لدى اليسار ولاهم
دنس الثياب يرون في الأعصار
فارفض بطالة خالد وحديثه
واحفظ كريمة معشر اخيار
قال فلما قرأ شعرها وصلها بمائة ألف درهم وأوصى خالداً بها.

المدائني قال قيل لابنة النعمان بن المنذر في أي شيء كانت لذة أبيك قالت في الشراب ومحادثة ذوي الألباب قيل فصفي لنا ما كنتم فيه قالت أطيل أم أوجز قيل أوجزي قالت أصبحنا والناس يغبطوننا فلم نمس حتى رحمنا عدونا.

حدثني حماد بن اسحق عن أبيه عن الفضل بن الربيع قال قال المهدي للخيزران أم موسى وهارون ابنيه ان موسى ابنك يتيه أن يسألني حوائجه قالت يا أمير المؤمنين ألم تكن في حياة المنصور لا تبتديه بحوائجك وتحب أن يبتدئك هو فموسى ابنك كذلك يحب منك قال لا ولكن التيه يمنعه قالت يا أمير المؤمنين فمن أي ناحية أتاه التيه أمن قبلي أم من قبلك.
الأصمعي عن أبان بن تغلب عن رجل سماه قال بينا أنا ذات يوم بالبادية فخرجت في بعض ليالي الظلم فاذا أنا بجارية كأنها علم فأردتها على نفسها فقالت وحيك أما لك زاجر من عقل إذا لم يكن لك ناه من دين قلت لها والله لا يرانا شيء إلا الكواكب قالت ويحك فاين مكوكبها.

أحمد ابن الحارث عن المدائني قال دخلت امرأة من بني مروان على عبد الله بن علي بالشام فبكت فقال مم تبكين أجزعا لأهلك على ما أصابهم قالت لا والله ولكنه ما كان يوم سرور إلا وهو رهن بيوم مكروه.

وقال غير المدائني قالت لا ولكني رأيت نعمتكم وتنقلها منا إليكم وما امتلأت دار حيرة إلا امتلأت عبرة.

حدثني أبو العيناء قال كتب إلى قصرية أحبها وأواصلها وبلغني أنها قالت أبو العيناء ظريف ولكنه أعمى قبيح وقد ذكر لي غيره من البصيريين أن هذا الشعر لبعض السدوسيين وان الخبر له والشعر:
وأنثها لما رأتني أقبلت
تعيب وقالت أعورنا حل الجسم
فإن يك في وجهي عيوب وإن أكن
قبيحاً فاني غير عي ولا فدم
لساني وأخلاقي تعفى على الذي
تعيبن مني فاسألي بي ذوي الحلم
قال فأرسلت الي أو للخصوم عند القضاة يراد الأحباب يا عاض ما يكره مصعب بن عبد الله بن الزبيرعن أبيه مصعب بن عثمان قال قالت هند بن عتبة حين أتى نعي يزيد بن أبي سفيان وقال لها بعض المعزين عنه أنا لنرجو أن يكون في معاوية خلف منه قالت أومثل معاوية يكون خلفاً من أحد والله لو جمعت العرب من أقطارها ثم رمى به فيها لخرج من أيها شاء.
وقيل لها إن عاش معاوية ساد قومه فقالت ثكلت إن لم يسد إلا قومه.
حدثوني عن العتبي عن أبيه قال حدثني بعض الأعراب قال مررت يوم عرفة ببيت بطنبه كبش مربوط قال فسمعت رجلاً في البيت يقول واستؤتي من ضيفينا هذا أتانا وما عندنا ما نقر به اليه فقالت له امرأته أبا فلان اياك ان تلقى الله كذاباً بخيلاً أوليست هذه شاتك مربوطة بفنائك قال هذه نسيكتي غداً قالت وأي نسيكة أعظم أجراً وأحسن ذخراً من ذبحك إياها لضيفك.

وقال الجاحظ لما مات رقية بن مصقلة أوصى إلى رجل ودفع اليه شيئاً وقال ادفعه إلى أختي فسال الرجل عنها فخرجت اليه فقال لها أحضريني شاهدين انك أخته فارسلت الجارية إلى الامام والمؤذن ليشهدا لها واستندت إلى الحائط فقالت الحمد لله الذي أبرز وجهي وأنطق عيي وشهر بالفاقة اسمي فقال الرجل شهدت إنك اخته حقاً ودفع الدنانير إليها ولم يحتج إلى شهادة من يشهد لها.

حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني عثمان بن عبد الرحمن قال عرضت عاتكة بنت عبد الملك بن الحارث المخزومية أم أدريس وسليمان وعيسى بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام لأبي جعفر المنصور وقد وافى حاجاً فصاحت يا أمير المؤمنين أحمل عني كلك أو أعني على حمله لك معي بنو عبد الله بن الحسن صبية صغار لا مال لهم وأنا امرأة لست بذات مال فأناشدك الله أن نفارق احتمال ما يلزمك احتماله منهم عوناً لهم إلى أطراحهم فاني خائفة عليهم إن فعلت أن يضيعوا فقال يا ربيع من هذه فنسبها له فقال هكذا ينبغي أن تكون نساؤهم وأمر برد ضياع أبيهم وأمر لها بألف دينار.



ومن أخبار ذوات الرأي والظرف منهن
أخبار ذوات الرأي والظرف

ما حدثنيه الزبير بن بكار قال حدثني سليمان بن عباس السعدي قال كان كثير بن عبد الرحمن يلقى من يحج من قريش في كل سنة بهدية فغفل سنة عنهم حتى أصبح ثم ركب من منزله بكلبه جملاً ثقالاً واستقبل الشمس في يوم صائف فلم يأت قديداً حتى احترق وضجر وجاء وقد راح الناس فقال فتى من قريش وتخلفت ومعي راحلة لي لا برد ثم الحق ثقلي فجاء كثير فجلس إلى جنبي ولم يسلم فجاءت امرأة جميلة وسيمة فاستندت إلى خيمة من خيام قديد ثم قالت أنت كثير بن أبي جمعة قال نعم قالت أنت الذي يقول:
وكنت إذا صاحبت أجللن مجلسي
واعرض عني هيبة لا تجمها
قال نعم قالت أفعلى هذا الوجه هيبة ان كنت كاذباً فعليك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين قال لها من أنت وحد عليها وهي ساكنة فقال لو أعلم من أنت لقطعتك وقطعت قومك هجاء وسأل عنها المواليات بقديد فلم يخبرنه من هي فلما سكن قالت أنت الذي يقول:
متى تنشروا عني العمامة تبصروا
جميل المحيا أغفلته الدواهن
أأنت جميل المحيا إن كنت كاذباً فعليك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين فضجر وحد وسكتت عنه حتى سكن ثم قالت أنت الذي يقول:
يروق العيون الناظرات كأنه
هرقلي وزن أحمر التبر وازن
أهذا الوجه يروق العيون ان كنت كاذباً فعليك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين فازداد ضجراً وحد وقال قد أعلم من أنت ولأقطعنك وقومك هجاء وقام فالتفت فإذا هي قد ذهبت فقلت لمولاة من مواليات أهل قديد لك الله على أن أخبرتني من هي أن أطوي لك ثوبي هذين إذا قضيت احرامي واَتيك بهما فادفعمها إليك قالت والله لو أعطيتني وزنهما ذهباً ما أخبرتك من هي هذا كثير وهو مولاي وقد أبيت أن أخبره من هي قال القرشي فرحت وبي أشد مما بكثير.

المدائني قال تزوج الوليد بن عبد الملك في خلافته تسع سنين ثلاثاً وستين امرأة يطلق ويتزوج حتى تزوج عاتكة بنت عبد الله بن مطيع فلما دخل بها وأراد أن يقوم أخذت بثوبه فقال لها ما تريدين قالت انا اشترطنا على الحمالين الرجعة فما رأيك قال تقيمين وأمسكها أربعة أشهر ثم طلقها.

وقال المدائني عن ابن جعدية كان في قريش رجل في خلقه سوء وفي يده سماح وكان ذا مال فكان لا يكاد يتزوج امرأة إلا فارقها لسوء خلقه وقلة احتمالها فخطب امرأة من قريش جليلة القدر وبلغها عنه سوء خلقه فلما انقطع ما بينهما من المهر قال لها يا هذه ان فيّ سوء خلق يعود إلى احتمال وتكرم فان كان بك عليّ صبر وإلا فلست أغرك مني فقالت له إن أسوأ خلقا منك لمن يحوجك إلى سوء الخلق وتزوجته فما جرى بينهما كلمة حتى فرق بينهما الموت.

وقال الهيثم بن عدي عن ابن عياش عن عبد الملك بن عمير أن عثمان بن عفان لما تزوج نائلة بنت الفرافصة حملت اليه من الشام فلما دخلت عليه قال لها لا تكرهين ما رأيت من شيبي فقالت اني من نسوة أحب أزواجهن إليهن الكهل السيد قال اني قد جاوزت التكهيل فأنا شيخ قالت أبليت عمرك في الاسلام ونصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه واَله في خير ما أفنيت فيه الأعمار قال أتقومين إليّ أم أقوم إليك قالت ما قطعت إليك عرض السماوة أكثر من عرض البيت بل أقوم إليك قال إخلعي درعك قالت أنت وذاك قال ولم قتل عثمان كثر خطابها من قريش وكانت حسنة الثغر وكان فيمن خطبها معاوية بن ابي سفيان وهو خليفة فدقت ثناياها وقالت أذات ثغر تراني بعد أبي عمرو رحمه الله فأيست من نفسها الخطاب.

وقال المدائني عن مجالد عن الشعبي قال نشزت سكينة بنت الحسين عليه السلام على عبد الله بن عثمان بن عبد الله بن حزام فدخلت أمه رملة بنت الزبير على عبد الملك فأخبرته بنشوز سكينة على ابنها وقالت يا أمير المؤمنين لولا أن نبتز أمورنا لم تكن لنا رغبة فيمن لا يرغب فينا قال يا رملة إنها سكينة قالت وإن كانت سكينة فو الله لقد ولدنا خيرهم ونكحنا خيرهم قال يا رملة غرني منك عروة قالت ما غرك ولكنه نصحك انك قتلت أخي مصعباً فلم يأمني عليك قال وقيل لرملة بنت الزبير أو لزينب بنت الزبير ما بالك أهزل ما تكونين إذ قدم عليك زوجك قالت إن الحرة لا تضاجع زوجها بملء بطنها وقال خطب سعيد بن العاص عائشة بنت عثمان بن عفان فقالت لا أتزوج به والله أبداً فقيل لها ولم ذاك قالت لأنه أحمق له برذونان أشهبان فهو يتحمل مؤونة اثنين واللون واحد وقال الزبير ذكر رجل من قريش سوء خلق امرأته بين يدي جارية له كان يتحظاها فقالت له انما حظوظ الاماء لسوء خلائق النساء الحرائر.

ابن الكلبي الكاتب عن سهل بن هارون بن رهبوبي قال عزى المأمون أم الفضل بن سهل حين قتل وقال لها لا تجزعي عليه ففي خلف لك منه ولن تفقدي معي إلا وجهه قالت يا أمير المؤمنين كيف لا أجزع على ابن أكسبني ابناً مثلك وقال اشترى أمير المؤمنين كتاب جارية المارقي بخمسة اَلاف دينار فلما دخلت عليه قال لها غني يا جارية فغنت وهي قائمة فقال لها لم غنيت قائمة وما منعك من الجلوس قالت يا سيدي أمرتني أن أغني ولم تأمرني أن أجلس فغنيت بأمرك وكرهت سوء الأدب في الجلوس بغير أذنك فاستحسن فعلها وأمر لها بمال وأحظاها.

حدثنا عمر بن شبة قال أخبرني عبد الله بن عبد الرحيم قال لما طلق عيسى بن علي بن عبد الله بن العباس زينب بنت محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام أمر ابنته حمادة أن تركب معها من منزله حيث انتقلت إلى منزل نزلته فمرت بها بين قصر عيس بن موسى وقصر موسى بن عيسى بن موسى فقالت زينب لمن هذان القصران فأخبرتها حمادة فقالت زينب إني لأجد رائحة الدم أو رائحة دم أبي من هذين القصرين فقالت لها حمادة قد أخذت دية أبيك مرات فكفي عن هذا الكلام قال فكانت الخلفاء تصل حمادة على كلامها لزينب.

وحدثني أبو زيد عمر بن شبة قال قال عبد الرحيم حدثني هاشم بن محمد الهلالي قال اختلف الحجاج وهند بنت أسماء بن خارجة الفزاري في بنات قين فبعث إلى مالك بن أسماء فأخرجه من الحبس وسأله عن الحديث فحدثه ثم أقبل على هند فقال لها قومي إلى أخيك فقالت لا أقوم اليه وأنت ساخط عليه فأقبل الحجاج على مالك فقال انك والله ما علمت للخائن لأمانته اللئيم حسبه الزاني فرجه فقالت هند ان أذن لي الأمير تكلمي فقال تكلمت فقالت أما قول الأمير الزاني فرجه فوالله لهو أحقر عند الله وأصغر في عين الأمير من أن يجب لله عليه حد فلا تقيمه أما قول اللئيم حسبه فوالله لو علم الأمير مكان رجل أشرف منه لصاهر اليه وأما قول الخائن أمانته فوالله لقد ولاه الأمير فوفر فأخذه بما أخذه به فباع ما وراء ظهره ولو ملك الدنيا بأسرها لأفتدى بها من مثل هذا الكلام وفي حديث غير عمر بن شعبة وما أقول هذا دفعاً عنه ولا رد القول الأمير فيه ولكن لما يجب له من موضع الحجة فأعجب ذلك الحجاج من قولها قال فنهض الحجاج وقال لهند شأنك بأخيك قال ثم دخل عليه وبين يديه هذا على لفظ عمر بن شبة قال مالك وكانت بين يديه عهود فيها عهدي على أصبهان فقال خذ هذا العهد وامض إلى عملك ونهضت قال وهي ولايته التي عزله عنها وبلغ به فيها ما بلغ.

حدثني محمد بن سعد السامي وأبو السكين زكريا بن يحيى بن عمر بن حصن بن حزين بن أوس بن حارثة بن لام قال محمد بن سعد بن النوشنجاني قال حدثنا عبد الله بن صالح العجلي وقال أبو السكين وزاد في الحديث ونقص ومعناهما واحد قالا جعل قوم جعلا لبشر بن أبي حازم الأسدي " وكان عبداً " على أن يهجو أوس بن حارثة بن لام ففعل بشر فأرسل أوس فاشتراه فدفعه إلى رسوله فقال الرسول غننا فكان قد تغنى الناس بما يصنع بك أوس يتهدده بذلك قال فزجر الطير بشر فرأى ما يحب فأنشأ يقول:
أما ترى الطير إلى جنب النعم
والعير في عانة في وادي السلم
سلامة ونعمة من النعم

فقال الرسول:
إنك يا بشر لذو وهم وهمّ
في زجرك الطير إلى جنب النعم
ابشر بوقع مثل شؤبوب الرهم
وقطع كفيك وثنى بالقدم
وباللسان بعده وبالاشم
إن ابن سعدي ذو عذاب و نقم

قال فلما أتى به قال هجوتني ظالماً لي أنت بين قطع لسانك وحبسك في سرب حتى تموت أو قطع يديك ورجليك وتخلية سبيلك قال ثم دخل على أمه جعدى وقد سمعت كلامه فقالت له يا بني مات أبوك فرجوتك لقومك عامة فأصبحت أرجوك لنفسك خاصة وزعمت انك قاطع رجلاً هجاك فمن يمحو ما قاله غيره قال فما أصنع به قالت تكسوه حلتك وتحمله على راحلتك وتأمر له بمئة ناقة قال ففعل ما أمرته به فقالت له أنه الآن يمدحك فيذهب مدحك بهجائه وتحمد مغبة رأيي قال فمدحه بشر فأكثر وكان مما مدحه به قوله حيث يقول:
إلى أوس بن حارثة بن لام
ليقضي حاجتي ولقد قضاها



فما وطئ الحصى مثل ابن سعدى
ولا لبس النعال ولا احتذاها



قال إسحاق بن ابراهيم الموصلي حدثني رستم العبدي قال خرجت من مكة زائراً لقبرالنبي صلى الله عليه وسلم لى الله عليه وآله فاني لبسوق الجحفة إذا جويرية تسوق بعيراً وتترنم بصوت شبج حلو بهذا الشعر:
فيا أيها البيت الذي حيل دونه
بنا أنت من بيت وأهلك من أهل
بنا أنت من بيت دخولك لذة
وظلك لو يسطاع بالبارد السهل
ثلاثة أبيات فبيت أحبه
وبيتان ليسا من هواي ولا شكلي
فقلت لمن هذا الشعر يا جويرية قالت أما ترى تلك الكوة التي عليها الحمراء قلت أراها قالت من هناك نجم الشعر فقالت أفحي قائلة قالت هيهات لو أن لميت أن يرجع لطول غيبته كان ذلك فأعجبني فصاحة لسانها ورقة ألفاظها فقلت لك أبوان فقالت فقدت أكبرهما وأكثرهما وأجلهما ولي أم قلت فأين أمك قالت منك بمرأى ومسمع قال وإذا امرأة تبيع الخرز على ظهر الربق بالجحفة ثم قالت يا أم شأنك فاستمعي من عمي ما يلقي إليك فقالت حياك الله هيه هل من جائية بخير قلت هذه بنيتك قالت كذا كان أبوها يقول افتر وجنيها قالت لعلة ما رغبت فيها فما هي فوالله ما لها جمال ولا لها مال قلت لحلاوة لسانها وحسن عقلها قالت أينا أملك هي أم أنا قلت هي قالت فاياها فخاطب قلت تستحي أن تجيب في مثل هذا قالت ماهذا عندنا أنا أخبر بها فقلت يا جارية أما تسمعين ما تقول امك قالت اسمع قلت ما عندك قالت بحسبك ان قلت تستحي في مثل هذا فإذا كنت استحي من شيء فلم أفعله أتريد أن تكون الأعلى وأنا بساطك لا والله لا يشد على رجل حواءه وأنا أجد مذقة من لبن ابداً ولا يعد أبداً إن كان له بعد وقال الزبير عن عبد الله بن محمد المدني قال ما رؤيت ابنة عبد الله بن جعفر الطيار ضاحكة منذ تزوجها الحجاج فقيل لها لو تسليت فإنه أمر قد وقع قالت كيف وبم فوالله لقد ألبست قومي عاراً لا يغسل درنه بغسل قال ولم مات عبد الله بن جعفر لم تبك عليه فقيل لها إلا تبكين على أبيك قالت والله إن الحزن ليبعثني وأن الغيظ ليصمتني وقال إسحاق الموصلي قيل لحبي المدنية ما الجرح الذي لا يندمل قالت حاجة الكريم إلى اللئيم ثم لا يجدي عليه قيل لها فما الشرف قالت اعتقاد المنن في أعناق الرجال يبقى للأعقاب وقال حماد بن إسحاق عن أبيه عن المدائني عن أبي جعدبة قال كانت لأمية بن عبد الله خالد بن أسيد مولاة جملية ظريفة يقال لها سكة فمرت بثمامة العوفي فقال تالله ما رأيت كاليوم قط لقد أقر الله عيني من كنت ضجيعه وأحسن إلى من كنت قرينه قال وبعث ابن أخيه في أثرها يخطبها إلى نفسه فقالت من أرسلك قال عمي قالت ومن عمك ويحك فمثلي لا يخطب في الطريق ولا يخدع في الرسل قال رجل من العرب يقال له ثمامة قالت ما حرفته قال ارجع إليه فاسأله قالت شأنك فما أعيا لسانك فرجع اليه ابن أخيه فاعلمه ما قالت فقال شعراً وبعث به اليها:
وسائلة ما حرفتي قلت حرفتي
مقارعة الأبطال في كل مأزق
وضربي طلى الأبطال بالسيف معلماً
إذا زحف الصفان تحت الخوافق
اذا القوم نادوني نزال رأيتني
أمام رعيل الخيل أحمي حقائقي
أصبر نفسي حين لا حر صابر
على ألم البيض الرقاق البوارق

قال فلما قرأت الشعر قالت للرسول قل له فديتك أنت أسد فاطلب لنفسك لبؤة فاني ظبية احتاج إلى غزال حدثني حماد بن اسحاق عن أبيه قال قال الفضل بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب لرقية بنت معتب بن عتبة بن أبي لهب التمسي لي امرأة إن قامت اضعفت وإن مشت رفرفت تروع من بعيد و تفتن من قريب تسر من عاشرت و تكرم من جاورت وتبذ من فاخرت ودوداً ولوداً قعوداً لا تعرف إلا أهلها ولا تهوى إلا بعلها قالت يابن عم اخطب هذه إلى ربك في الجنة بالعمل الصالح فاما الدنيا فما أحسبك تجدها فيها ولو كانت لسبقت إليها وقال المدائني أخذ زياد بن أبيه امرأة من الخوارج فقال أما والله لأحصدنكم حصداً ولأفنينكم عدا قالت كلا إن القتل ليزرعنا قال فلما هم بقتلها تسترت بثوبها قال اتسترين وقد هتك الله سترك وأهلك قومك قالت أي والله أتستر ولكن الله أبدى عورة أمك على لسانك إذا أقررت بأن أبا سفيان زنى بها قال فأمر بقتلها فقتلت قال الأصمعي حدثني رجل من أهل البادية قال رأيت امرأة من قومي في وهدة من الأرض قد ضربت عليها خباء من شعر وبين يدي الخباء بسيتين لها صغير فيه زرع لها إذ غيمت السماء فأرعدت وأبرقت ثم جاء برد فأحرق الزرع ثم سكنت بعد قليل فأخرجت رأسها من الخباء فنظرت إلى الزرع قد احترق فقالت ورفعت رأسها إلى السماء أصنع ما شئت فإني رزقي عليك قال أبو عدنان أنشدت عجوز من أعراب بني كلاب يقال لها أم معروف بيتاً أنشدنيه إسماعيل بن الحكم عن أخيه عوانة بن الحكم أن عبد الملك بن مروان مر بقبر عليه عوسجة قد نبتت منه فقال ما هذا فقيل قبر معاوية بن أبي سفيان فقال متمثلاً:
هل الدهر والأيام إلا كما أرى
رزية مال أو فراق حبيب
وان أمرأ قد جرب الدهر لم يخف
تقلب عصريه لغير لبيب
فلا تيأسن الدهر من ود كاشح
ولا تأمنن الدهر صرم حبيب
قال فعارضتني فأنشدتني
إذا جاء ما لا بد منه فمرحباً
به غير أثم أو فراق حبيب
فقلت لها من يقول هذا قالت وما يدريني ما يجيء به الشعراء إلا أنها رواية أرويها إذا سمعتها قلت فأنا أخبرك من قال ما أنشدتك قالت أنت أروى مني وأكرم وأشد تتبعاً للأخبار والأشعار ولولا ذاك لم تكن معلم هذه الأناشيد ولا هذه الاماثيل والأعاليب فأي شيء يكلفك هذا وليس فيه إلا العناء فقط ولا يعنيك الله ولا يتعبك قلت أنا متهوم بما ترين فقالت لو كنت تصلي الفتر وتصوم العشر كان أقرب لذات الله عز وجل فاجعل مكان هذه الروايات الصلوات الطيبات الزاكيات الطاهرات وقرآناً وذكراً لربك ومسألة له خيراً من الدنيا مراراً فانها متاع تعلة ودار غرور قال أبو عدنان فسألتها عن الفتر فقالت أن يصلي الانسان العتمة ويتفتر ساعة ثم يقوم فيصلي.

حدثنا محمد بن حبب قال طلب قوم ابن هرمة الشاعر في منزله فلم يجدوه فقالوا لبنيته أقرينا واذبحي لنا فإنا ضيوف قالت ما ذاك عندنا لكم ولا تمكينا فيكم قالوا فأين قول أبيك لا أمتع العوذ بالفصال ولا أبتاع إلا قريبة الأجل قالت فذاك الذي أفنى ماله ومنعكم القرى قال فتعجبوا لقولها وحدثوا أباها حين لقوه فأعجبه جوابها فوهب لها بستاناً له.

المدائني قال قالت خالدة بنت هاشم بن عبد مناف لأخ لها وقد سمعته تجهم صديقاً له أي أخي تطلع من الكلام إلا ما قد روأت فيه قبل ذلك ومزجته بالحلم وداويته بالرفق فان ذلك أشبه بك فسمعها أبوها هاشم فقام إليها فاعتنقها وقبلها وقال واهاً لك يا قبة الديباج فكانت تلقب بذلك.

حدثني محمد بن سعد عن السجستاني عن العتبي قال جاءت رملة بنت معاوية وكانت عند عمرو بن عثمان بن عفان إلى أبيها فقال يابنية مالك أطلقك زوجك قالت الكلب أضن بشحمته من ذاك قال فما جاء بك قالت افتخر علي بكثرة قومه وعد بني في قومه فوددت والله أنهما في البر الأخضر فقال لها معاوية يا بنيه آل أبي سفيان أشجى بالرجال من أن تكوني كنت رجلاً.