المشاركات الشائعة

الجمعة، 10 ديسمبر 2010

لقاء مع شهرزاد



جبــــــــــــــــران الشداني



دخلت منزلي فوجدت زوجتي غائبة ، فأقسمت أن لا تدخله أبدا بعد اليوم ، و ناديت صانع المفاتيح ، فأمرته أن يغير مزلاج الباب ، و كتبت ورقة علقتها على داري تقول :
- اني اتزوج أية امرأة تخدمني كما خدمت شهرزاد شهريار ..

طرقت بابي أول ليلة فتاة في مقتبل العمر ، حسنة القد ، ذات نهدين معتدلين و منتصبين ، و خصر ميال قتّال ، فجلست ، و هوت بمؤخرتها البرازيلية على الأريكة ، و هي تسوى أسفل تنورتها و تتراجع بساقيها الفضيتين للخلف ، فقالت أنها تعلمت فن الحكي في المنتديات ، و سألتني خجلة إن كانت شهرزاد قد مارست الحب مع شهريار ، قلت لها حائرا ، و كيف لي أن أعرف . لكن هل تتخيلين أنهما كان يقضيان الليل متنسكين مقيمين للصلوات ، فقالت : دعني أقص عليك حكاية ..فإن استحسنتها ،عدت ليلة الغد و قد يكون بيننا ما تريد ..
فاستويت في جلستي ، و لبست "فوقية " تخفف فيها جسدي من ضيق السروال ، و أمرتها أن تحضر عنبا من الثلاجة ، و خمرا من القبو ، فقالت : ما جاء في الحكاية أن شهرزاد كانت تسكر ..فقلت لها : و من أين جمعت شهرزاد كل تلك الأخبار و الطرائف عن النساء و التجار و المغامرين، إن لم تكن سكيرة تطوف على موائد الساهرين كما أطوف عليها في سكري .
فعادت بعد لحظات و قد وضعت عليها لباسا شفافا فضفاضا ، مزركشة حواشيه بخيوط من حرير وذهب..فاختارت ركنا بجانبي ، وصبت لي كأسا من الروج ..ثم استلقت على ظهرها كأنها تريد أن تنام..
قلت : - أين الحكاية ..يا شهرزاد
قالت : تمهل ..فقد أخرس الخجل لساني ، فيم تريديني أن أتحدث حفظك الله و رعاك؟
فطربت لدعوتها و رقة حرفها ، و قلت و أنا اتجرع خمري اسفا على ما مضى من أيامي في هذه الدار :- حدثينا عن النساء الخائنات ، .. و عن الذي كان قضيبه سببا في خساراته .
الليلة الأولى :
قالت : يحكى أيها العامل السعيد .. .أنه في بلاد بعيدة ، كانت لرجل فيما مضى زوجة تسمى رقية ، و كانت محبة له ، غير أنها لم تكن ترضى بجماعه ، فزارت مسيد الفقيه سرا تطلب تميمة تصلح ما فسد من أمر بعلها ، دخلت و سلمت ، فأحنى وجهه حشمة ، و سمع حكايتها فاستغفر و ذكر ربه ، ثم بشرها خيرا إن هي نوت خيرا ، فأخذ كوبا من ماء ، و غمس فيه بعض تمائمه ، و قرأ عليه بعض السور القصار ، و طلب منها أن تسمي بالله و تشربه ، فلما رفعت خمارها و نظر إليها ، وجدها على حسن قل نظيره ، ذات عيون كحيلة ساحرة و شفاه ناعسة و ثغر عذب كحب الكرز المغمس بالشراب ، و ألقى بصره على سائر جسدها فإذا هي امرأة كاملة الأوصاف ، ذات جسد مليح ، و قد فصيح ، فقال لنفسه هذه أجمل ما رأت عيناي من نسوان ، فعاد بالكأس إليه و استبدل ماءه خمرا دون أن تدري ، فلما ظهرت نيته ، و كانت على عطشها للرجال سلمته نفسها دونما اعتراض ، و صارت تزور مسيده كلما زاد عليها الحال ، حتى جاء يوم قدر الله ان يفتضح فيه سرها أمام صبية المسيد ، فخشيت أن يصل خبرها لزوجها ، فعادت للفقيه تطلب هذه المرة تعويذة تقيها كلام الناس ، فقال لها الفقيه أن زمان الحب قد ولى ، و أن اليوم للحكمة و الحذر ، و أنه آن أوان الفراق لأن الزوج عالم بالأمر لا محالة ، فخرجت من عنده لا تدري أين تذهب ، و قادتها قدماها إلى جبل يقيم فيه ولي عرف بسحره و جبروت طلاسمه، فراحت عنده ،وقبلت التراب بين قدميه ، و أجهشت بالبكاء ، و حكت قصتها ، ثم سألته أن يبحث لها عن حيلة تنقذها من ورطتها ، فادعى بأنه على إنقاذها قادر ،و أنه يسخر لأجلها أعتى من صادق من شياطين و مردة و جان وعفاريت ، و بشرها بأن يصير زوجها مثالا في الغفلة و البلادة ، و أن لا ينتبه لمصيبته و لو ولدت له حمارا بقرنين ، غير أنه اشترط أن تقلع ملابسها و ان تعاشره عشرتها للفقيه فقالت ما يضير الغريق لو ازداد بللا ، ثم رمت ثيابها .
و هذا ما كان ، فقد عاشت سنين طويلة مع زوجها ، لا يشك في شيء،حتى أنها كانت تدخل الولي لبيتها و هو نائم ، ثم أن الفقيه اشتاق اليها ، فدعاها الى مسيده ، لكنها أبت ، و قالت ضيعتني يوم نكحني العراف ...
فانتشرت في القرية إشاعة مفادها ..أن قضيب الساحر أكبر من قضيب الفقيه ، فساءت حالة الفقيه ، و ضعفت ثقة الناس في بركته ، فقل رزقه و بطل عمله ..
سرت لذة الخمر في أوصالي ، و استلطفت حديثها الماجن ، الذي لم يات مثله ذكر في كتب الحكايا المنقحة ، فقلت :
- ياليت أمي ترى ما أنا فيه من نعيم ، تعجبني هذه الجرأة ، و تستفزني وقاحة قصك ، و لعن الله زوجتي الخائنة الى يوم الدين .. اكملي الحكاية استحلفك بالله ..و خبريني ماذا فعل الفقيه بعد أن طارت بركته ..
قالت : جاء في الحكاية أيها العامل السعيد ، أن الفقيه فكر في حيلة يثأر بها من الولي ،فادعى مع أعوانه بأن الولي دجال و كذاب و أحضروه مكبلا أمام القاضي ، و قالوا إننا إن صبرنا عليه سحر كل نسائنا ، فقال الولي مدافعا عن نفسه ، أنه أقام بمغارة الجبل معتزلا البشر منذ سنوات ، و أن لا حق لهم في محاسبته ، و قد زهد في دينهم و دنياهم ، و أنه لا يمسهم بخير أو شر ، فإن خدم يوما بعض من يلحقون به للجبل ، فتلك ضرورة تمليها لقمة العيش ، و ليس له من حرفة غير السحر و الكهانة ، علمهما له أبوه منذ صغره ، فكيف يغيرها و قد بلغ من العمر ما بلغ ، فسأله القاضي عن سر النساء اللائي أغرمن به ، ففارقن أزواجهن و نسين عيالهن ،قال أنها نعمة من بها عليه قضيبه و لم تمن بها طلاسمه ، ففكر القاضي مليا و طلب من الفقيه و أعوانه برهانا على ما ادعوه ، فاقترب منه الفقيه و همس في أذنه : ما عليك إلا أن تقيس ما له ، فإن وجدته أصغر من ما لي فهو ساحر و كذاب و ان كان اكبر فهو صادق .
فقاسوههما و كان ما للولي بحجم الحلزون النائم ، فأعدم بعدها بيومين . فكان هذا الرجل الذي أهلكه قضيبه.
تململت في مكاني و نظرت الى ما بين ركبتي متأملا ما لي ثم قلت لنفسي :
- لعنة الله على هذه الويل الذي جعلنا عبيدا لنسائنا .
و أدرك شهرزاد الصباح ، فسكتت عن الكلام المباح ، فتظاهرتُ بالنوم ، و عرفت هي ذلك ، فخرجت و هي تودعني بقبلة في الهواء.. و بقيت وحدي أفكر :
- أين كانت شهرزاد تغيب حين ينام شهريار ...

ليست هناك تعليقات: