المشاركات الشائعة

الجمعة، 10 ديسمبر 2010

في أوصاف النساء
لابن قيم الجوزية



فاسمع صفات عرائس الجنات ثم اخـ
ـتر لنفسك يا أخا العرفان
حور حسان قد كملن خلائقا
ومحاسنا من أجمل النسوان
حتى يحار الطرف في الحسن الذي
قد ألبست فالطرف كالحيران
ويقول لما أن يشاهد حسنها
سبحان معطي الحسن والاحسان
والطرف يشري من كؤوس جمالها
فتراه مثل الشارب النشوان
كملت خلائقها وأكمل حسنها
كالبدر ليل الست بعد ثمان
والشمس تجري في محاسن وجهها
والليل تحت ذوائب الأغصان
فتراه يعجب وهو موضع ذاك من
ليل وشمس كيف يجتمعان
فيقول سبحان الذي ذا صنعه
سبحان متقن صنعة الانسان
لا اليل يدرك شمسها فتغيب عنـ
ـد مجيئه حتى الصباح الثاني
والشمس لا تأتي بطرد الليل بل
يتصاحبان كلاهما اخوان
وكلاهما مرآة صاحبه اذا
ما شاء يبصر وجهه يريان
فيرى محاسن وجهه في وجها
وترى محاسنها به بعيان
حمر الخدود ثغورهن لآلئ
سود العيون فواتر الأجفان
والبرق يبدو حين يبسم ثغرها
فيضيء سقف القفصر بالجدران
ولقد روينا أن برقا ساطعا
يبدو فيسأل عنه من بجنان
فيقال هذا ضوء ثغر صاحبك
في الجنة العليا كما تريان
لله لاثم ذلك الثغر الذي
في لثمه إدراك كل أمان
ريانة الأعطاف من ماء الشبا
ب فغصنها بالماء ذو جريان
لما جرى ماء النعيم بغصنها
حمل الثمار كثيرة الألوان
فالورد والتفاح والرمان في
غصن تعالى غارس البستان
والقد منها كالقضيب اللدن في
حسن القوام كأوسط القضبان
في مغرس كالعاج تحسب أنه
عالي النقا أو واحد الكثبان
لا الظهر يلحقها وليس ثديها
بلواحق للبطن أو بدوان
لكنهن كواعب ونواهد
فثديهن كألطف الرمان
والجيد ذو طول وحسن في بيا
ض واعتدال ليس ذا نكران
يشكو الحليّ بعاده فله مدى الـ
أيام وسواس من الهجران
والمعصمان فان تشأ شبههما
بسبيكتين عليهما كفان
كالزبد لينا في نعومة ملمس
أصداف در دورت بوزان
والصدر متسع على بطن لها
حفت به خصران ذا أثمان
وعليه أحسن سرة هي مجمع الـ
ـخصرين قد غارت من الأعكان
حق من العاج استدار وحوله
حبات مسك جل ذو الاتقان
وإذا انحدرت رأيت أمرا هائلا
ما للصفات عليه من سلطان
لا الحيض يغشاه ولا بول ولا
شيء من الآفات في النسوان
فخذان قد جفا به حرسا له
فجنابه في عزة وصيان
قاما بخدمته هو السلطان بيـ
ـنهما وحق طاعة السلطان
وهو المطاع أميره لا ينثني
عنه ولا هو عنده بجبان
وجماعها فهو الشفا لصبها
فالصبّ منه ليس بالضجران
وإذا يجامعها تعود كما أتت
بكرا بغير دم ولا نقصان
فهو الشهي وعضوه لا ينثني
جاء الحديث بذا بلا نكران
ولقد رأينا أن شغلهم الذي
قد جاء في يس دون بيان
شغل العروس بعرسه من بعدما
عبثت به الأشواق طول زمان
بالله لا تسأله عن أشغاله
تلك اليالي شأنه ذو شان
واضرب لهم مثلا بصب غاب عن
محبوبه في شاسع البلدان
والشوق يزعجه اليه وما له
بلقائه سبب من الامكان
وافى اليه بعد طول مغيبه
عنه وصار الوصل ذا امكان
أتلومه ان صار ذا شغل به
لا والذي أعطى بلا حسبان
يا رب غفرا قد طغت أقلامنا
يا رب معذرة من الطغيان
أقدامها من فضة قد ركبت
من فوقها ساقان ملتفان
والساق مثل العاج ملموم يرى
مخ العظام وراءه بعيان
والريح مسك الجسوم نواعم
واللون كالياقوت والمرجان
وكلاهما يسبي العقول بنغمة
زادت على الأوتار والعيدان
وهي العروب بشكلها وبدرها
ونحبب للزوج كل أوان
وهي التي عند الجماع تزيد في
حركاتها للعين والأذنان
لطفا وحسن تبعل وتغنج
وتحبب تفسير ذي العرفان
تلك الحلاوة والملاحة أوجبا
اطلاق هذا اللفظ وضع لسان
فملاحة التصوير قبل غناجها
هي أول وهي المحل الثاني
فإذا هما اجتمعا لصب وامق
بلغت به اللذات كل مكان

ليست هناك تعليقات: