دعوة الى عشاء سري
جمانة حداد
العاشقة لا يفتك بها الانتظار، لا تقدر ان تخاف، وإن كانت تجهل بقية الحكاية. فالحكاية أنت، والبقية حتماً ستأتي. هي تحزن لأنك لم تقفز من عينيها بعد، لم تنزل في يديها، لم تدهشك شعوبها. هي تحزن من أجلكَ، لأنك لا تعلم كم سوف يكون لك قمرٌ على ثغرها، وذهبٌ على خدها، وامرأة جديدة في كل ركن من أرضها.
العاشقة تخصب وحدتها بالحب والشهوات المجنحة والفوضى الشهية. تستحضر ظلال الآخرين غير البريئة لئلا يخبو عطش المحرقة، لكن الآخرين قوتٌ لانتظارها، ونشوتها العاجلة سريرٌ بارد في أغنية الجسد. توقها اليك يستعبد فيها كل ما كان ثائراً ويطلق ضفائر كل ما كان مأموراً. اللهفة تسكن فردوسها المعلّق، وهي لا تحفل بالسياج والنساء والبراءة المفتعلة، فقد جهّزت لك رغبات طائشة سوف تتزاحم على الاحتفال بجسدك متى حصل، وآنذاك لن تختصر ولن تكبت ولن تهدر: ستأخذ ما هو لها وما قد لا يكون لها.
العاشقة تنهض الهواجس والخيالات وترمق الغياب بابتسامة شاردة فيخترع لها حاضراً مستحيلاً وندماً لذيذاً لا يتثاءب وكائنات تشبه الازهار، سوف تدلّكَ على الطريق وتتهلل للمعجزة حين تهتدي اخيراً الى اميرة العاصفة. يتسرّب الشوق من فراش الأميرة العاشقة ومن ثيابها ومن عدم ثيابها مهما كتمت. يهرع الى البحث عنك، فإلى مزيد من الصور الغبارية والاشكال الفارغة. يتسرّب الشوق من فراش العاشقة ويستميل الشعر الى كوكب ملؤه انت وبعض الشموس وحرّ كثير.
العاشقة لك. انت عمادها وفي تربة راحتيك تغرز جذورها السموية. تحمل لها في عينيك نداء الاشتعال ووعداً بانقشاع السكينة، وكم تشبه في أوجاعها حبّ ما قبل الحب الاول! تحول قبلتك دون خروجها الى الآخر، ويحول الآخر دون تراكم قبلاتك عليها. لم ترسل لها الحرائق، لكنّ ما صنعته شفتاك هائل. اما ما لم تصنعاه بعد، فهائلٌ ايضاً.
العاشقة فيك. قد تظنّأنك تستطيع تغييبها لكنها تحبس عصافيرك وأفكارك واللذة في غابتها. وعند المساء خصوصاً، وفي الصباح ايضا، أنتَ تصنع منها اللمسة والنبع والحياة. ومتى قصدتها حقاً، سوف تفقدك انتصاراتك وخيباتك السابقة كي تهدي اليك ذنوبك الآتية.
العاشقة اليكَ، ولن يتعبها المسير. سوف تنبثق دون انقطاع من واقعها كي تستدرجك الى نوافذها، حلماً يحميها من اليقظة الفقيرة فيطير بها بعيداً ولا يحط إلاّ على وجهك.
العاشقة لكَ، فيكَ، إليكَ. تتأرجح في نومها بين نسيان قليل ونسيان كثير، لكنها لا تغفو ولا تستيقظ إلاّ على رغبة فيك لن تندمل. تجعلك إلهاً متى نظرتَ نفسك في عينيها، وتعيدك رجلاً متى نظرتْ هي في عينيك ونادت. لا تغفل الدعوة الى عشائها السري، فالعاشقة متأهبة ولاتريد ان تنتظر.
المشاركات الشائعة
-
ابراهيم فرغلي م ا يراه النهد على جسر خشبي عتيق مطل على ضفة مياه ضحلة، تسبح قريبا منه سبع بطات، جاءت تلك الفتاة عارية كما حلم جميل، عشرين...
-
الجنس المقدّس فرح جبر كيف نكتب عن علاقة الجنس بالدين؟ من أي باب ندخل في لب هذا الموضوع المعقد والشامل؟ كيف نصل الى الاستنتاجات الوافية حو...
-
تأملات تراثية في التعابير الجمالية لجسد المرأة أ. د. علي أسعد وطفة يتأصل الجمال في طبيعة الإنسان فالله قد خلق الانسان على صورته وهو جمي...
-
قصــــــــــائد إفرات يروشالمي المعروفة باسم شيـــــز shez ترجمة نائل الطوخي كسك عضاض "كسك عضاض"، قالها بصوت عال. "...
-
الحبيب السالمي حكاية سعاد قصة قصيرة يسمونها "قحبة بلفيل" ولكني احبها سعاد غرس الله. احب ابتسامتها. احب جرأتها. صوتها. حركة يدي...
-
إبراهيم طوقان يـــــــا شهر ايّـــــار فل وورد ووغيد في البجامات يا شهر ايار يا شهر الكرامات واتلو الزبور كتابا غير ذي عوج هيهات مثله...
-
خطبة داعرة لأحد الأئمة مأخوذة من كتاب “نواضر الأيك في معرفة النيك”! تأليف الإمام الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي الحمد...
-
رسالة حبي المدينية إلى ابنتها من كتاب الإمتاع لصالح الورداني في وصية حبيبة المدنية انه قالت لابنتها قبل أن تهدى إلى زوجها:أني أوصيك بوص...
-
نساء صنعن أيامي حازم سليمان صغيرات، كبيرات، خبيثات، طيبات، بائسات، بارعات، حنونات، قاسيات، جميلات، بشعات، صادقات، مدَّعيات، عاهرات أو ...
-
2 من كتاب : نزهة الجلساء في أشعار النساء السيوطي مهجة بنت التياني القرطبية مهجة بنت التياني القرطبية. قال في المغرب: من أهل المائة ال...
الجمعة، 24 ديسمبر 2010
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق