المشاركات الشائعة

الخميس، 16 ديسمبر 2010

فصل من رواية
"حرائق الجسد"
خالد سليكي


- الشك أساس اليقين يا ايميلي
- لا..لا..اليقين أساس الشك
- لماذا تحبين اللعب بالتقديم والتأخير..هل هي موضة الحداثة، أم إنك تعارضينني بهدف المعارضة فقط!
- وماذا سأجني من نفع لو أنا تعمدت السفسطة..أقول هذا لأن اليقين هو الذي كان من وراء أكبر نظريات الشك في العالم..ما كان ديكارت ليؤسس مقولته الشهيرة لولا أنه كان على يقين من أنه يفكر..وأنه على يقين من أنه يفكر بطريقة مختلفة عن الآخرين..أليس يقينه هو الذي حوله إلى التشكيك في كل شيء..هل كان سيشك في شيء لو كان انطلق من تشككه في كل شيء..الشك لا يقود إلا إلى اليقين.. واليقين لايقود إلا إلى الشك..واليقين هو الأصل..!
تغرقني هذه الماردة بتصوراتها الفريدة، هل أعيد فهم تاريخ الشك انطلاقا من اليقين..لقد حيَّرتني ودفعتني إلى التشكيك في كل قناعاتي..وحتى العلاقات الجنسية المتعددة خارج إطار الشرعية جعلتني أعيد فيها النظر فهي تعتبر أن الحب لا علاقة له بممارسة الجنس، كتناول وجبة سريعة حين يجوع الإنسان. لايمكن اعتبار تناول السندويش إلى جانب موظفة زميلة خيانة لزوجتك..هكذا تحلل ايميلي الأشياء فتجعلها أكثر بعدا عن التابوهات التي أثقلنا بها تصوراتنا حول الواقع..
كانت ايميلي تتحدث بهدوء وهي على يقين من كل ما تقوله، ولم تكن تجهد نفسها من أجل أن تقنعني..ما يهمها، كما تقول، هو أن تكون هي مقتنعة بما تقوله، وإن أي محاولة لإقناع شخص، في نظرها، لن يكون سوى ضرب من ممارسة السياسة التي تمقتها..لأن الإقناع دائما ظل مرتبطا بالخطابة والسياسة والتمويه..وما يهمها هو أن ترى الأشياء بالشكل الذي يحلو لها..
حين عادت نوارس من المطبخ حاملة صينية.. نظرت ايميلي إلي وقالت: »إنها حفلة شاي على الطريقة العربية«، ردت عليها نوارس: »إنها ليست حفلة وإنما مجرد جلسة عادية..لذلك لنتحدث عن شيء آخر غير الفلسفة والثقافة يا ايميلي..!«..
\❊❊❊❊
كيف تعرينا وتعانقنا دون مقدمات في تلك الليلة..يوم غاب أمجد، وانصرفت ايميلي وهي تنظر إلينا نظرة مليئة بالارتياب..هل كانت تعلم ما في صدرك..أم إنها كانت تمهد لك الطريق نحو قلبي بأن تهدم كل قناعاتي وأصير مرتعا لكل الشكوك..كيف اختلط جسدانا على فراش لم يكن ينام عليه سواك أنت..هل شهوة الشهوات نار لاتنطفئ حتى تأتي على كل تضاريس الجسد..كل هذا التاريخ يعيد تأثيث جسدي بامتداد جسد أول امرأة علمتني اللذة داخل البيادر..أعانق نوارس فتأتيني رائحة الأرض، تقبلني فأحسني متمرغا في المزارب والحقول..رائحة عين الدفلى تستدرجني إلى يناعة جسد رحمة..جزء منها يتقمصني..أضاجع كل السلالة وأغني في صمت قطعة المغني الشعبي »حبيتها حبيت ابنيتها..«..هل يعرف هذا الجسد كم تمرغت في الرحم الذي شكله قبل أن ينمو ويكبر ويأتي بكل صدف الدنيا كي نلتقي بعيدا بعيدا..
تتحول مشاهد العراء إلى لحظات الحنين.. إلى الجسد الأول الذي علمني حكاية الشهقة المتمرغة في غبار الصيف..جسد رحمة الذي نحت في أخاديد جسدي رائحة الأنثى والجنس والخطيئة..
❊❊❊❊
كل هذه الصدفة..كيف أجد ذاكرة طفولية قديمة تركتها منذ ثلاثين عاما بين هضاب الريف.. رائحة تراب عين الدفلى، وجلسة جدي.. واكتشافاتي الأولى لجسد الأنثى ..
.. كنت أذهب إلى البادية حيث اضطرت ظروف العمل أن يستقر جدي هناك.. وفي هذه البادية التي كانت تنام هادئة على قدم جبل يمر منه نهر يتوقف عن السيلان في الصيف..
وتبدأ حكاية البحث عن الماء والذهاب على ظهر الدواب لجلبه.. في البعيد كنا أطفالا نلتقي ونلهو.. وكان ابن عمتي الأكبر يتحمل مسؤولية ملء الحاوية بالماء الذي يصعد من جوف الأرض.
أقف تحت شجرة زيتون قديمة مع الصبايا نحاول أن نقرأ البراءة.. وهناك تعرفت على طفلة اسمها زهرة.. التي لم تكن تعرف شيئا في الحياة غير المرح والضحك.. ولا أذكر كيف شدتني إليها بصوت بداوتها المبحوح.. تنشد الأهازيج الشعبية.. وتغني، وتستفزني، أحيانا، وتسخر مني باعتباري ابن المدينة الذي لايتميز بالخشونة المطلوبة في الرجال..
تلعب بجوار صنبور الماء .. وكنت لا أتوقف عن النظر إليها.. كانت زهرة في كل يوم تشدني إليها وإلى مرحها.. ومع الأيام صارت علاقتنا متينة وصرنا أصدقاء.. بدأت أدخل معها البيت البدوي المبني بالطين والذي تعلو سقفه صفائح الزنك.. اكتشفت أنها يتيمة، فقدت أباها في حرب تحرير الصحراء.. ولم يكن لها إخوان ذكور.. فتعرفت إلى أختها الكبرى التي تكبرني بسنوات لم تكن لدي الخبرة الكافية لتحديدها.. واسمها رحمة.. بدأت رحمة تقترب مني وتعانقني وتقول لي قبِّلْني.. وكنت أخجل أمام أمها .. ومع الأيام صارت رحمة أكثر قربا مني، وبدأت تصحبني معها إلى البيادر والحقول حيث كانت تعمل في الحصاد.. دائماترتدي حذاء مطاطيا، وتضع على رأسها شاشية من الدوم..
ذات يوم، في وقت الظهيرة، شدتني إليها من ذراعي وقالت لي هيا بنا .. سأريك في جانب من الحقل قنفذا جميلا سأصطاده لك. وبما أنني كنت مهووسا بالحيوانات.. لم أتردد في ذلك.
سرنا بين عرائش القصب ومبان من الطوب إلى أن بلغنا الحقول، وانزوينا إلى مكان يحاذي النهر وإلى جانبه بيدر لم يكتمل، وكان العمال بصدد بنائه كالهرم..
يتطاول البيدر عاليا وقد شيد العمال ما يشبه غرفة. تبعتها ودخلنا.. لم يكن أي أحد هناك.. الصمت والخلاء وأصوات طائر القبعة .. هديل اليمام المعشش في إحدى أشجار الزيتون.. نهيق الحمير.. والغبار.. ورائحة الصيف.. شدتني رحمة إليها وقالت لي: .. هيا نلعب لعبة جميلة ستكتشفها اليوم. ببراءتي أجبت: ألم تقولي إنك ستبحثين لي عن قنفذ!!
جلست وتمددت على الأرض وقالت تمدد فوقي سأريك القنفذ.. إنه عندي مخبأ.. وخلعت لي ملابسي ثم خلعت ملابسها وصارت نصف عارية .. رأيت كل شيء من جسدها.. كانت فتوتها غريبة كما أذكرها.. راحت تقبلني وتقول لي هيا افعل.. وافعل كذا.. وتمرغنا فوق الأرض والتبن.. وذات لحظة شهقت شهقة لم أسمع مثيلا لها من قبل..
ثم خرجنا من البيدر كسادة العصور القديمة.. وذهبنا إلى جانب الوادي.. وبحثثت عن قليل من الماء فغسلت وجهها وغسلت لي وجهي..وعدنا إلى الحقل وهي تحذرني أن أفشي سرنا..
صارت رحمة أمنية .. وصار السقي والصيف والبيادر عالمي.. فيما استمرت زهرة في اللعب بطفولتها ومرحها بين العين والماء السائل من الحاويات..
تكررت مغامراتنا وصار البيدر مأوانا الذي نأوي إليه كل ظهيرة..
اكتشفت حدائق جسد الأنثى.. واكتشفت الاختلاف.. بين الجسد والجسد.. واكتشفت اللذة التي لم أكن أعرف من أين تبدأ وإلى أين تنتهي.. صارت الفجوة الفاصلة بين النهدين نهرا أتوسده عند كل ظهيرة.. وصارت الحدائق بين الفخذين صورة لجغرافية غريبة..
علاقتي برحمة، والأرض، والصيف، والبيادر، وماء النهر، علاقة لها صلة بحاسة الشم.. مثلها مثل رائحة التراب؛ لقد أدركت الأنثى برائحة الأرض.. وتعلمت أن رائحة الجنس .. العرق المتصبب في لحظة العناق كرائحة الأساطير..
من رائحة العناق على الأرض صرت شبقا، وكلما جاء الصيف وهب نسيم تجتاحني رائحة البيدر والتراب.. فأحن إلى الغبار والعرق.. وأتشمم عطر الأنثى من خصوبة اللحظة المخلوطة بكيمياء البراءة واللذة والأرض والحصاد.. إنها حكاية الحصاد.. حيث البدويات يشتعلن حرارة فيتحررن من كل شيء.. ويطفئن عطشهن ولو ببراءة طفل. لقد علمتني البيادر أن أغاني البدويات لحن غارق في الألم.. وصار البيدر شاهدا على مواسم الحصاد ورائحة الجسد..
كم أحب رائحة الجسد المضمخ بعطور الجسد.. وبقليل من رائحة التراب..!! لقد تعلمت من تلك الذكرى أن المواسم هي أعياد للجسد وهو يستلقي على جسد متمرغ في التراب..
هل تعلم كم تحترق الأجساد في مواسم الصيف وأيام الحصاد؟
هل تعلم أي حب يملأ النهود في الحقول والحرارة تسقط الطير من الأفق..
إنه العيد..
إنه البيدر والحقول.
ماتزال بحة رحمة تتقاسم تقاطيع جسدي .. ورنات ارتعاشاتها مازالت تسكن قلبي منذ تلك الشهقة التي لم أعرف السبب الذي كان وراء انفجارها!!
ما أجمل الأصياف ورائحة الأجساد وهي تنسج موالا على إيقاع الأرض...
تحت البيدر كانت رائحة جسد رحمة تملأ أنفاسي.. أتحسس بيدي نهدا وأقبل شفتيها بحرارة لاتطاق.. أنا الطفل الذي لم يعرف معنى أن يتعرى وأن يحتك بجسد أنثى..
ما معنى أن نتعانق مختفين .. هي تكبرني بكم سنة، وأنا طفل .. ماذا نفعل.. عرق يتصبب بين فخذيها.. ماء لزج يغسل شيئا مني ينتصب ...ينزلق شيئي بين فخذين .. أرى شعرا يرسم مثلثاً تحت خاصرةٍ تهتز تحت تأوهات رحمة التي تتلمض شفاهي وتغمض عينيها في غيبوبة شبه تامة..جسدها يزداد حرارة فترتفع وتتصبب عرقا..
كيمياء الجسد واهتزازات.. عرق ورائحة .. يبدأ الرقص على امتداد جسد ناعم وجسد طفل لا يعرف ماذا يفعل..
تفتح الفخذين بشراهة وتطلب مني أن أدخل في الطريق الذي يخترق أسرارها، فأزيد في الاختراق.. ولكنني لا أعرف..
لزوجة سيلان.. رعشات.. تأوهات.. ورحمة تناديني هيا ادخل وكن أكبر مما أنت.. هيا انقلب..
تقف وتعانقني وأنا ملتصق كالعليق بجسدها.. أتسلقه كما لو كنت أصعد الشجر بحثا عن أعشاش الطيور..
ثم تفترش جسدها وتضمخني بالقبل.. تأخذ بيدها شيئي الذي لم أكن أعرف اسمه.. ولم أكن أعرف وظيفته الأخرى غير البول..
ها أنذا أكتشف الوجه الآخر من وجوه ذكورتي.. أنا ذكر يلج ما بين الفخذين.. أنا الطفل الذي يقف أمام حديقة ينمو فيها شعر موحش كغابة الأرز..
ماذا نفعل يا رحمة؟
إنها أعظم لذة في الدنيا، كانت تجيب بلكنة البداوة
ما معنى اللذة يارحمة؟
إننا نفعل ما يفعل آباؤنا، كانت تردد
ماذا يفعل آباؤنا، كنت أقول
إنهم حين يدخلون غرفهم يتعرون ويفعلون ما نحن فاعلون الآن؟ كانت تقول
ولماذا هذا العراء يا رحمة؟
ستعرف حين تكبر. كانت تجيب ثم تغمض عينيها وتعانقني، ثم تضمني إلى نهديها بقوة، وشيء مني يحشرج بين فخذيها وهي تتأوه..
فيسيل منها ما يشبه الماء لزجا، وتشهق، وتتأوه، ثم تطلق ابتسامة بدوية كأسطورة العذارى
أتوقف حين تتوقف.. وأرى شيئا مني منتصبا فأخشى أن يكون أصيب بعاهة..
أستلقي فوق جسدها ثم أجلس بجانبها وهي مغمضة عينيها أتأمل تضاريس الجسد الناعم..
سمرة أقرب إلى البياض.. وبياض أقرب إلى البياض.. نهدان جميلان منتصبان في اتجاه الأعالي.. شعر طويل يستلقي إلى جانبها بصخب مجنون..
خاصرة كقنطرة تصل النهد بالحديقة المشتعلة بسواد البراءة..
والعرق ينضج ويزهر في فخذيها.. فتتصاعد حمرة على خديها وتزداد الشفاه فخامة بعنف القبل
اكتشفت في رحمة أن للأنثى جسدا غريبا.. وتضاريسه فاكهة تنضج كلما اغتسلت بلمسات ذكرٍ.. طفلا أو رجلا.. واكشتفت أن المرأة مدافن للذة قديمة ظلت صامتة طوال زمن لا نعرف بدايته. في جسدها قرأت الشهوة الأولى وبدت لي اختلاسات العراء تحت البيدر لذيذة كخبز جدتي التي كانت تطبخها في فرن بيتها بحطب شجر الغابة المجاورة..
حين أعود إلى بيت جدي أدخل إلى حمامه البلدي وأجلس إلى زاوية لوحدي أتعرى وأعيد قراءة مفاتن الجسد..
هنا بدأت أولى علاقاتي بتضاريس جسدي.
رحمة أوقدت في الرغبة في اكتشاف وظائف الأعضاء.. فبدأت أبحث عن وظيفة العين التي تأكدت أنها لا تقتصر على النظر، وبحثت عن وظيفة الزغب النابت في رأسي وأدركت أن سر الأسرار يكتوي بسواد الشعر.. زغب رحمة الذي كان يشعل جنبات فخذيها.. شعيرات سوداء قاتمة كالظلام تؤثث وسط المثلت، وفي الجنبات توزعت شعيرات ناعمة تترامى على الطية التي تفصل الفخذ عن الحديقة.. شعيرات خجولة تتحدث عن فتوة الأنثى التي اغتسلت بمائها بعد احتكاكات عنيفة..شعيرات تضافرت بعد أن أعياها لهاث الطفل الذي لايعرف من أين يدخل ولا من أين يخرج..
تعلمت أن الرجل لم تكن للمشي، وإنما كانت تجاور الرجل الأخرى لتصنع صندوقا تخفي وراءه أسرار الأنثى..
مهبل
نهد
خاصرة تتلوي كظبية تلهو في الحقول
انتفاخ ..فانحناءة مابين الفخذين كخد فتاة يافعة..
مروج من نحت التواءات تسبح في نهر يتوسد صفاء العراء..
وفي الحمام تعلمت أن للكف مجاري تفيض كلما غرق الجسد في الشهوة
صار لطعم الخبز لذة كطعم جسد رحمة.. وكبر حلمي في ليالي الريف في أن أبحث عن فرص للذهاب إلى العين للالتقاء بمأواي كي أشم رائحة العرق ..
صارت شهوتنا ترسم في كل مكان.. تحت الشجر، وفي الحقول بين عباد الشمس الذي يتطاول في اتجاه السماء.. وصرنا نفترش التراب مخلوطا بورق الشمندر.. في كل مكان صار العراء جسدنا المشتهى، وصارت كل شهوة احتكاكا بين مسامات الأصابع التي تتحسس الطيات وتبارك الالتواءات..
رحمة. لم تكن جسدا، ولا نافورة لذة، ولا قطعة من لحم بشري يمارس لعبته السرية من أجل قتل غريزة عابرة.. رحمة جسد ملاك طاهر تخرج من غبار التراب الذي أنبت الزرع والشمندر وعباد الشمس.. جسد برائحة تراب حملته المجاري أيام الشتاء.. أغنية غارقة في رائحة الحصاد والبيادر، تشتعل بلحن الغروب وخرافة الذئاب وهي تعوي في ظلمة مسالك الصفصاف والصبار.. وشيء من شوكة النبق التي تبرد كلما ارتفعت حرارة القيظ..

ليست هناك تعليقات: