المشاركات الشائعة

السبت، 25 ديسمبر 2010

الحماسة المغربية
الجراوي


تابع

وقال أبو فراس الحمداني:
إذا الليل أضواني بسطت يد الهوى ... وأذللت دمعا من خلائقه الكبر
تكاد تضيء النار بين جوانحي ... إذا هي أذكتها الصبابة والفكر
معللتي بالوصل والموت دونه ... إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر
بدوت وأهلي حاضرون لأنني ... أرى أن دارا لست من أهلها قفر
وحاربت قومي في هواك وإنهم ... وإياي لولا حبك الماء والخمر
فإن يك ما قال الوشاة ولم يكن ... فقد يهدم الإيمان ما شيد الكفر
تسائلني: من أنت؟ وهي عليمة ... وهل بفتى مثلي على حاله نكر
فقلت: كما شاءت وشاء لها الهوى ... قتيلك! قالت: أيهم؟ فهم كثر
فأيقنت أن لا عز بعدي لعاشق ... وأن يدي مما علقت به صفر!
وقال أيضا:
ووالله ما أضمرت في الحب سلوة ... ووالله ما حدثت نفسي بالصبر
فإنك في عيني لأبهى من الغنى ... وإنك في قلبك لأحلى من النصر
وقال أيضا:
أساء فزادته الإساءة حظوة ... حبيب على ما كان منه حبيب!
يعد علي الواشيان ذنوبه ... ومن أين للوجه المليح ذنوب؟
أيا أيها الجافي ونسأله الرضا ... ويا أيها الجاني ونحن نتوب!
لحى الله من يرعاك في القرب وحده ... ومن لا يحوط الغيب حين تغيب
وقال السري الموصلي:
قسمت قلبي بين الهم والكمد ... ومقلتي بين فيض الدمع والسهد

ورحت في الحسن أشكالا مقسمة ... بين الهلال وبين الغصن والعقد
أريتني مطرا ينهل ساكبه ... من الجفون وبرقا لاح من برد
ووجنة لا يروي ماؤها ظمئي ... بخلا وقد لذعت نيرانها كبدي
وكيف أبقي على ماء الشؤون وما ... أبقى الغرام على صبري ولا جلدي
وقال أيضا:
بلاني الحب فيك بما بلاني ... فشأني أن تفيض غروب شاني
أبيت الليل مرتفقا أناجي ... بصدق الوجد كاذبة الأماني
فتشهد لي على الأرق الثريا ... ويعلم ما أجن الفرقدان
إذا دنت الخيام بهم فأهلا ... بذاك الخيم والخيم الدواني
فبين سجوفها أقمار تم ... وبين عمادها أغصان بان
ومذهبة الخدود بجلنار ... مفضضة الثغور بأقحوان
سقانا الله من رياك ريا ... وحيانا بأوجهك الحسان
ستصرف طاعتي عمن نهاني ... دموع فيك تلحى من لحاني
ولم أجهل نصيحته ولكن ... جنون الحب أحلى من جناني
فيا ولع العواذل خل عني ... ويا كف الغرام خذي عناني
وقال أبو الفرج الببغاء:
يا من تشابه منه الخلق والخلق ... فما تسافر إلا نحوه الحدق
توريد دمعي من خديك مختلس ... وسقم جسمي من جفنيك مسترق
لم يبق لي رمق أشكو هواك به ... وإنما يتشكى من به رمق
وقال أبو الفرج الوأواء:
أتاني زائرا من كان يبدي ... لي الهجر الطويل ولا يزور
فقال الناس لما أبصروه ... ليهنك زارك البدر المنير
فقلت لهم ودمع العين يجري ... على خد له دمع نثير:
متى أرعى بروض الحسن منه ... وعيني قد تضمنها غدير
ولو نصبت رحى بإزاء عيني ... لكانت من تحدره تدور
وقال أيضا:
قالت وقد فتكت فينا لواحظها: ... ما إن أرى لقتيل اللحظ من قود؟!
وأسبلت لؤلؤا من نرجس وسقت ... وردا وعضت على العناب بالبرد
إنسية لو بدت للشمس ما طلعت ... للناظرين ولم تغرب على أحد
وقال أحمد بن عبد ربه الأندلسي:
يا لؤلؤا يسبي العقول أنيقا ... ورشا بتقطيع القلوب حقيقا
ما إن رأيت ولا سمعت بمثله ... درا يعود من الحياء عقيقا
وإذا نظرت إلى محاسن وجهها ... أبصرت وجهك في سناه غريقا
يا من تقطع خصره من رقة ... ما بال طرفك لا يكون رقيقا؟؟!!!
وقال أيضا:
هيج البين دواعي سقمي ... وكسا جسمي ثوب الألم
أيها البين أقلني مرة ... فإذا عدت فقد حل دمي
ولقد هاج لقلبي سقما ... حب من لو شاء داوى سقمي
وقال ابن هذيل الأندلسي:
إذا حبست على قلبي يدي بيدي ... وصحت في الليلة الظلماء: واكبدي
ضجت كواكب ليلي في مطالعها ... وذابت الصخرة الصماء من كبدي
وليس لي جلد في الحب ينصرني ... فكيف أبقى بلا صبر ولا جلد
وقال تميم بن المعز:
ما هجرت المدام والبدر والور ... د بطوع لكن برغم وكره
منعتني من الثلاثة من لو ... قتلتني والله لم أحك من هي
قالت: البدر والمدامة والور ... د رضابي ولون خدي ووجهي
قلت: بخلا بمل شيء؟ فقالت: ... لا ولكن بخلت بي وبشبهي
قلت: ياليتني شبيهك قالت: ... إنما يقتل المحب التشهي
وقال التهامي:
لكل سهم يعد الناس سابغة ... ترده عنك إلا أسهم المقل
هام الفؤاد بشمس ما يزايلها ... غرب من البين أو غيم من الكلل
يخفى شهاب الهوى في برد ريقتها ... كما استكن نقيع السم في العسل
إياك إياك تطريفا بأعينها ... فهي الأسنة في العسالة الذبل
ما بال طرفك لا ينجي رميته ... كأنما هو رام من بني ثعل
وقال أيضا:
أسيلة خد دونها الأسل السمر ... ودون ارتشاف الريق من ثغرها ثغر

فتاة براها الله أكمل صورة ... فأردفت الأرداف واختصر الخصر
ويقصر ليلي ما ألمت لأنها ... صباح وهل يبقى الدجى إن أتى الفجر
مرى البين جفنيها على الخد فالتقى ... بأدمعها والمبسم الدر
وقالوا أتسلو عن لذيذ رضابها ... فقلت: وهل حلت لشاربه الخمر؟!
وقال الشريف الرضي:
يا ظبية البان ترعى في خمائله ... ليهنك اليوم أن القلب مرعاك
الماء عندك مبذول لشاربه ... وليس يرويك إلا مدمعي الباكي
هبت لنا من رياح الغور رائحة ... بعد الرقاد عرفناها برياك
ثم انثنينا: إذا ما هزنا طرب ... على الرجال، تعللنا بذكراك
سهم أصاب وراميه بذي سلم ... من بالعراق، لقد أبعدت مرماك
حكت لحاظك ما في الريم من ملح ... يوم اللقاء فكان الفضل للحاكي
أنت النعيم لقلبي والعذاب له ... فما أمرك في قلبي وأحلاك
عندي رسائل شوق لست أذكرها ... لولا الرقيب لقد بلغتها فاك
هامت بك العين لم تتبع سواك هوى ... من علم البين أن القلب يهواك
لو كانت اللمة السوداء من عددي ... يوم الغميم لما أفلت أشراكي
وقال أيضا:
يا صاحب القلب الصحيح أما اشتفى ... ألم الجوى من قلبي المصدوع؟
أأسأت بالمشتاق حين ملكته ... وجزيت فرط نزاعه بنزوع؟
هيهات لا تتكلفن لي الهوى ... فضح التطبع شيمة المطبوع
كم قد نصبت لك الحبائل طامعا ... فنجوت بعد تعرض لوقوع
وتركتني ظمآن أشرب غلتي ... أسفا على ذاك اللمى الممنوع
قلبي وطرفي منك: هذا في حمى ... قيظ وهذا في رياض ربيع
كم ليلة جرعته في طولها ... غصص الملام ومؤلم التقريع
أبكي ويبسم والدجى ما بيننا ... حتى أضاء بثغره ودموعي
وقال أيضا:
رماني كالعدو يريد قتلي ... مغالطة وقال: أنا الحبيب؟!
وأنكرني، فعرفني إليه ... لظى الأنفاس والنظر المريب
وقالوا: لم أطعت؟ وكيف أعصي ... أميرا من رعيته القلوب
وقال أيضا:
وشممت في طفل العشية نفحة ... حبست برامة صحبتي وركابي
متململين على الرحال كأنما ... مروا ببعض منازل الأحباب
ذكرت لي الأرب القديم من الهوى ... عهد الصبا وليالي الأطراب
فبعثت دمعي ثم قلت لصاحبي: ... إيه دموعك يا أبا الغلاب
في ساعة لما التفت إلى الصبا ... بعدت مسافته على الطلاب
أشكو إليك ومن هواك شكايتي ... ويهون عندك أن أبيت لما بي
يا ماطلا بالدين، وهو محبب ... من لي بدائم وعدك الكذاب
وقال مهيار الديلمي: " من الرجز "
ظن غداة الخيف أن قد سلما ... لما رأى سهما وما أجرى دما
فعاد يستقري حشاه فإذا ... فؤاده من بينها قد عدما
لم يدر من أين أصيب قلبه ... وإنما الرامي درى كيف رمى
يا قاتل الله العيون خلقت ... جوارحا فكيف عادت أسهما
وراميا لم يتحرج من دمي ... يا عجبا كيف استحل الحرما
أودعني السقم ومر هازئا ... يقول: قم فاستشف ماء زمزما
ولو أباح ما حمى من ريقه ... لكان أشهى لي من الماء اللمى
وقال أيضا:
ما على محسنكم لو أحسنا ... إنما أطلب شيئا هينا
قد جفاني الناس من بعدكم ... فالحقونا بأحاديث المنى
لا وسحر بين أجفانكم ... فتن الحب به من فتنا
وحديث من مواعدكم ... تحسد العين عليه الأذنا
ما رحلت العيس عن أرضكم ... فرأت عيناي شيئا حسنا
يا بني عروة إن خفناكم ... قدم المرداس منكم عذرنا
أخذت سمركم الثأر لكم ... لست أعني لكم سمر القنا
بين بصرى وضمير عرب ... يأمن الخائف فيهم ما جنى
كلما شنت عليهم غارة ... أغمدوا البيض وسلوا الأعينا
طلعت للحسن فيهم مزنة ... أنبتت في كل حقف غصنا
وقال أبو العلاء المعري:
أسالت أتي الدمع فوق أسيل ... ومالت لظل بالعراق ظليل
أيا جارة البيت الممنع جاره ... غدوت ومن لي عندكم بمقيل
لغيري زكاة من جمال فإن تكن ... زكاة جمال فاذكري ابن سبيل
أسرت أخانا بالخداع وإنه ... يعد إذا اشتد الوغى بقبيل
فإن تطلقيه تملكي شكر قومه ... وإن تقتليه تؤخذي بقتيل
وإن عاش لاقى ذلة، واختياره ... وفاة عزيز لا حياة ذليل
وكيف يجر الجيش يطلب غارة ... أسير لمجرور الذيول كحيل
وقال أيضا:
توقتك سرا وزارت جهارا ... وهل تطلع الشمس إلا نهارا
كأن الغمام لها عاشق ... يساير هودجها أين سارا
وبالأرض من حبها صفرة ... فما تنبت الأرض إلا بهارا
فدتك ندامى لنا كالقسي ... لا يستقيمون إلا ازورارا
أذبت الحصى كمدا إذ رميت ... بالدر يوم رميت الجمارا
وقال أبو علي الحسن بن رشيق:
عيناك أمكنتا الشيطان من جلدي ... إن العيون لأعوان الشياطين
كم ليلة بت مطويا على حزن ... أشكو إلى النجم حتى كاد يشكوني
ياما أميلحه ظبي فتنت به ... وأي خلق بظبي غير مفتون
يجلو بنات أقاح من لثاة فم ... يسقي بمثل بنيات الزراجين
ووجنتين هما تفاحتا قبل ... فاترك سواها وتفاح البساتين
فتور عينيك ينهاني ويأمرني ... وورد خديك يغر بي ويغريني
إني لئن بعت ديني واشتريت به ... دنيا لما بعت فيك الدين بالدون
أستغفر الله، لا والله ما نفعت ... في سحر مقلته آيات ياسين
سبحان من خلق الأشياء قاطبة ... تراه صور ذاك الجسم من طين؟
يا أهل صبرة والأحباب عندكم ... إن كان عندكم صبر فواسوني
إني أدين بدين الحب ويحكم ... والله قد قال: لا إكراه في الدين!
وقال أبو عامر بن شهيد:
أصبيح شيم أم برق بدا ... أم سنا المحبوب أورى أزندا
هب من نومته مبكرا ... مسبلا للكم مرخ للردا
يمسح النعسة عن عيني رشا ... صائد في كل يوم أسدا
قال لي يلعب: خذ لي طائرا ... فتراني الدهر أجري بالكدى
وإذا استنجزت يوما وعده ... قال لي يمطل: ذكرني غدا
شربت أعطافه خمر الصبا ... وسقاه الحسن حتى عربدا
رشأ بل غادة ممكورة ... عممت صبحا بليل أسودا
أححت من عضتي في نهدها ... ثم عضت حر وجهي عمدا
فأنا المجروح من عضتها ... لا شفاني الله ربي أبدا
وقال سليمان بن الحكم المستعين الأموي:
عجبا! يهاب الليث حد سناني ... وأهاب لحظ فواتر الأجفان
وأقارع الأبطال لا متهيبا ... منها سوى الإعراض والهجران
وتملكت نفسي ثلاث كالدمى ... زهر الوجوه نواعم الأبدان
ككواكب الظلماء لحن لناظر ... من فوق أغصان على كثبان
هذي الملاك وتلك بنت المشتري ... حسنا وهذي أخت غصن البان
حاكمت فيهن السلو إلى الصبا ... فقضى بسلطان على سلطان
فأبحن من قلبي الحمى وثنينني ... في عز ملكي كالأسير العاني
لا تعذلوا ملكا تذلل للهوى ... ذل الهوى عز وملك ثان
ما ضر أني عبدهن صبابة ... وبنو الزمان وهن من عبداني
إن لم أطع فيهن سلطان الهوى ... كلفا بهن فلست من مروان
وإنما عارض بهذا هارون الرشيد في قوله:
ملك الثلاث الآنسات عناني ... وحللن من قلبي بكل مكان
مالي تطاوعني البرية كلها ... وأطيعهن وهن في عصياني
ما ذاك إلا أن سلطان الهوى ... وبه قوين أعز من سلطاني
وقال هارون أيضا في جواريه الثلاث:

ثلاث قد حللن حمى فؤادي ... وأعطين الرغائب من ودادي
نظمت قلوبهن بخيط قلبي ... فهن قرابتي حتى التنادي
فمن يك حل من قلبي محلا ... فهن مع النواظر في السواد
وقال أبو الوليد بن زيدون:
أما رضاك فعلق ماله ثمن ... لو كان سامحني في وصله الزمن
تبكي فراقك عين أنت ناظرها ... قد لج في هجرها عن هجرك الوسن
إن الزمان الذي عهدي به حسن ... قد حال مذ غاب عني وجهك الحسن
أنت الحياة فإن يقدر فراقك لي ... فليحفر القبر أو فليحضر الكفن
والله ما ساءني أني خفيت ضنى ... بل ساءني أن سري بالضنى علن
لو كان أمري في كتم الهوى بيدي ... ما كان يعلم ما في قلبي البدن
وقال أيضا:
بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا ... شوقا إليكم ولا جفت مآقينا
نكاد حين تناجيكم ضمائرنا ... يقضي علينا الأسى لولا تأسينا
حالت لفقدكم أيامنا فغدت ... سودا وكانت بكم بيضا ليالينا
إذ جانب العيش طلق من تألقنا ... ومورد اللهو صاف من تصافينا
ليبق عهدكم عهد السرور فما ... كنتم لأرواحنا إلا رياحينا
لا تحسبوا نأيكم عنا يغيرنا ... إن طالما غير النأي المحبينا
يا ساري البرق غاد القصر فاسق به ... من كان صرف الهوى والود يسقينا
وسل هنالك: هل عنى تذكرنا ... إلفا تذكره أمسى يعنينا
ويا نسيم الصبا بلغ تحيته ... من لو على البعد حيى كان يحيينا
ربيب ملك كأن الله أنشأه ... مسكا وقدر إنشاء الورى طينا
يا روضة طالما أجنت لواحظنا ... وردا جناه الصبا غضا ونسرينا
لسنا نسميك إجلالا وتكرمة ... وقدرك المعتلي عن ذاك يغنينا
إذا انفردت وما شوركت في صفة ... فحسبك الوصف إيضاحا وتبيينا
كأننا لم نبت والوصل ثالثنا ... والسعد قد غض من أجفان واشينا
سران في خاطر الظلماء يكتمنا ... حتى يكاد لسان الصبح يفشينا
إنا قرأنا الأسى يوم النوى سورا ... مكتوبة وأخذنا الصبر تلقينا
لم نجف أفق سماء أنت كوكبه ... سالين عنه ولم نهجره قالينا
ولا اختيارا تجنبناك عن كثب ... لكن عدتنا على كره عوادينا
وقال أيضا:
أغائبة عني وحاضرة معي ... أناديك لما عيل صبري فاسمعي
أفي الحق أن أشقى بحبك أو أرى ... حريقا بأنفاسي غريقا بأدمعي؟
ألا عطفة تشفى بها نفس عاشق ... جعلت الردى منه بمرأى ومسمع
صليني بعض الوصل حتى تبيني ... حقيقة حالي ثم ما شئت فاصنعي
وقال أيضا:
بيني وبينك ما لو شئت لم يضع ... سر إذا ذاعت الأسرار لم يذع
يا بائعا حظه مني ولو بذلت ... لي الحياة بحظي منه لم أبع
يكفيك أنك لو حملت قلبي ما ... لا تستطيع قلوب الناس يستطع
ته أحتمل واستطل أصبر وعز أهن ... وول أقبل وقل أسمع ومر أطع
وقال أيضا:
أيوحشني الزمان وأنت أنسي؟ ... ويظلم لي النهار وأنت شمسي؟
وأغرس في محبتك الأماني ... وأجني الموت من ثمرات غرسي؟
لقد جازيت غدرا عن وفائي ... وبعت مودتي ظلما ببخس
ولو أن الزمان أطاع حكمي ... فديتك من مكارهه بنفسي
وقال أيضا:
يا قمرا مطلعه المغرب ... قد ضاق بي في حبك المذهب
أعتب في هجرك لي ظالما ... ويغلب الشوق فأستعتب
ألزمتني الذنب الذي جئته ... صدقت! فاصفح أيها المذنب!
وإن من أعجب ما مر بي ... أن عذابي فيك مستعذب
وقال أيضا:
يا نازحا وضمير القلب يهواه ... أنستك دنياك عبدا أنت دنياه
ألهتك عنه فكاهات تلذ بها ... فليس تجري ببال منك ذكراه
عل الليالي تبقني إلى أمل ... الدهر يعلم والأيام معناه
وقال أيضا:

سأحب أعدائي لأنك منهم ... يا من يصح بمقلتيه ويسقم
أصبحت تسخطني وأمنحك الرضا ... محضا وتظلمني فلا أتظلم
يا من تألف ليله ونهاره ... فالحسن بينهما مضيء مظلم
قد كان في شكوى الصبابة راحة ... لو أنني أشكو إلى من يرحم
وقال أبو بكر بن عمار:
وما لحمام الأيك تبكيك كلما ... تبسم ثغر للصباح شنيب
تغني فما تنفك تشرب نغبة ... من الدمع يهديها إليك وجيب
نعم هجر ليلى كلف الليل وصلتي ... وعلم دمع العين كيف يصوب
فتاة غذاها الحسن حتى كأنها ... هي الحسن أو إلف إليه حبيب
فعين كما عين المها ومقلد ... كما ارتاع ظبي بالفلاة ربيب
وردف كما انهال الكثيب وضمه ... وشاح كما غنى الحمام طروب
وثغر كنور الأقحوان يشوبه ... لمى: حسنات الصبر عنه ذنوب
شققت جيوب الصبر عنها بطفلة ... تزر عليها للجبال جيوب
ففاتكة الألحاظ وهي عليلة ... وناعمة الأعطاف وهي قضيب
كسا الخجل المعتاد صفحة خدها ... رداء طرازاه: ندى ولهيب
ودبت من الأصداغ فيه عقارب ... لها في فؤاد المستهام دبيب
أما ونسيم الروض زار نسيمها ... فأهدتهما نحو المشوق جنوب
لقد حسنت حتى كأن محاسنا ... تقسمها هذا الأنام عيوب!
فيا ربة القرط اللعوب ترفقي ... فحسبك فالحلم الرسوب لعوب!
أطاعك قلبي لم يخنك أمانة ... ولا نيل إلا زفرة ونحيب
إلى الله أشكو أن مالك في دمي ... شريك ولا لي في رضاك نصيب!
وقال أبو القاسم بن عباد:
أباح لطيفي طيفها الخد والنهدا ... فعض بها تفاحة واجتنى وردا
ولو قدرت زارت على حال يقظة ... ولكن حجاب البين ما بيننا مدا
سقى الله صوب القطر أم عبيدة ... كما قد سقت قلبي على حره بردا
هي الظبي جيدا والغزالة سنة ... وروض الربا عرفا وغصن النقا قدا
وقال أيضا:
تظن بنا أم الربيع سآمة ... ألا غفر الرحمن ذنبا تواقعه
أأهجر ظبيا في فؤادي كناسه ... وبدر تمام في ضلوعي مطالعه
وروضة حسن أجتنيها وباردا ... من الظلم لم تحظر علي شرائعه
إذا عدمت كفي نوالا تفيضه ... على معتفيها، أو عدوا تقارعه
وقال أيضا:
كتابي وعندي من فراقك ما عندي ... وفي كبدي ما فيه من لوعة الوجد
وما خطت الأقلام إلا وأدمعي ... تخط كتاب الشوق في صفحة الخد
ولولا طلاب المجد زرتك طيه ... عميدا كما زار الندى ورق الورد
فقبلت ما تحت اللثام من اللمى ... وعانقت ما تحت الوشاح من العقد
وقال أيضا:
هذا الذي قد عاق طرفي حبه ... وصدوده ونفاره أن يرقدا
ارض اقترب صل كي أفوز بنظرة ... فلطالما قد بت فيك مسهدا
من شاء ينظر عزة وكثيرا ... حيين فلينظر منى ومحمدا
وقال أيضا:
ألا حي أوطاني بشلب أبا بكر ... وسلهن: هل عهد الشباب كما أدري
وسلم على قصر الشراجيب عن فتى ... له أبدا شوق إلى ذلك القصر
منازل آساد قد بت أنعم جنحها ... بمخضبة الأرداف مجدبة الخصر
وبيض وسمر فاعلات بمهجتي ... فعال الصفاح البيض والأسل السمر
وليل بسد النهر لهوا قطعته ... بذات سوار مثل منعطف النهر
نضت بردها عن غصن بان منعم ... نضير كما انشق الكمام عن الزهر
وقال أبو بكر بن عيسى الداني:
أصبحت في الحب آية عجبا ... متضح السير مبهم الطرق
يجني الورى نرجس الربا وأنا ... يجني فؤادي من نرجس الحدق
لا أرتجي أن أفيق من مرضي ... من أمرضته العيون لم يفق
وابأبي من جمال جملته ... مجتمع في صفات مفترق

أسمر مثل القناة ذو هيف ... وطرفه كالسنان ذو زرق
سن له الحب أن يريق دمي ... لو كان ممن يرق لم يرق
قد كقد الحسام قد علقت ... في صحفه صبغة من العلق
لا واخذ الله لحظه فلقد ... أراحني بالحمام من حرقي
أين وميض البروق من لهبي؟ ... وأين عصف الرياح من قلقي؟
وأين من عبرتي مغيمة؟ ... تسيل وطفاؤها على الأفق؟!
وقال عبد الجليل بن وهبون:
إن سرت عنك ففي يديك قيادي ... أو بنت عنك فما يبين فؤادي
صيرت فكري في بعادك مؤنسي ... وجعلت لحظي في ودادك زادي
وعلي أن أذري دموعي كلما ... أبصرت شبهك في سبيل بعادي
كم في طريقي من قضيب ناعم ... أبكي عليه ومن صباح باد
تلقاك في طي النسيم تحيتي ... ويصوب في ديم الغمام ودادي
وقال عبد الجبار بن حمديس الصقلي:
ويلي على مملوكة ملكت ... رقي بحسن مقالها، ويلي
غيداء تسحب كلما انعطفت ... من فرعها ذيلا على ذيل
وكأنها شمس على غصن ... مترنح التقويم والميل
قالت وقد عانقتها سحرا: ... لم زرتنا في آخر الليل؟
فأجبتها وغمرتها قبلا: ... هذا أوان إغارة الخيل
حتى إذا بزغت شبيهتها ... كالتاج فوق مفارق القيل
نزعت كنزع الروح من جسدي ... عني قلادة ساعد غيل
فنهضت أشرق بالدموع كما ... شرق الفضاء بكثرة السيل
وقال أبو إسحاق بن خفاجة:
وعاذر قد كان لي عاذلا ... في آمر صار له آملا
ألوى بقلبي وهو في طيه ... فصار محمولا به حاملا
أخوض في الحب به لجة ... لم ترم بي من سلوة ساحلا
أما ترى أعجوبة أن ترى ... في الحب مقتولا فدى قاتلا!
علقته أحوى اللمى أحورا ... عاطر أنفاس الصبا عاطلا
معتدلا معتديا في الهوى ... أحبب به معتدلا مائلا
شط ولي من شغف فكرة ... أراه فيها قاطنا نازلا
فإن لي طرفا به ساهرا ... وجدا ودمعا هامرا هاملا
كأن نومي ضل عن ناظري ... فبات دمعي سابلا سائلا
وقال أبو عامر بن الحمارة:
أركبان أنضاء السفار ألا قفوا ... رسوم المطايا في رسوم المنازل
نسائل متى عهد الديار بسكنها ... وإن كن خرسا ما يبن لسائل
ألا ليت شعري هل تعود كعهدنا ... ليال طويناهن طي المراحل
إذا ذكرتها النفس كادت من الأسى ... تسرب في أولى الدموع الهوامل
وإني وتركي أم طلحة بعدما ... تسلسل مني حبها في المفاصل
لظمآن نفر أبصر الماء حرة ... وقد ذيد عن أطرافه بالمناصل
ولولا رجائي عطفة الدهر لم أبل ... متى نزلت بالنفس إحدى النوازل
عن النوم سل عينا به قر عينها ... وكان قليلا في ليال قلائل
أبيت بمستن الجبال ودونه ... طروق سهاد واعتياد بلابل
إذا ظن وكرا مقلتي طائر الكرى ... رأى هدبها فارتاع خوف الحبائل!
وقال آخر:
ومن عجب أني أحن إليهم ... وأسأل شوقا عنهم وهم معي
وتبكيهم عيني وهم في سوادها
ويشكو النوى قلبي وهم بين أضلعي
تم الباب.
أوصاف النساء مفردا من باب النسيب
ما قيل في الثغور
قال امرؤ القيس:
كأن المدام وصوب الغمام ... وريح الخزامى ونشر القطر
يعل به برد أنيابها ... إذا طرب الطائر المستحر
وقال النابغة الذبياني:
تجلو بقادمتي حمامة أيكة ... بردا أسف لثاته بالإثمد
كالأقحوان غداة غب سمائه ... جفت أعاليه وأسفله ندي
وقال جميل بن معمر:
تمنيت منها نظرة وهي واقف ... تريك نقيا واضح الثغر أشنبا
كأن عريضا من فضيض غمامة ... هزيم الذرى تمري له الريح هيدبا
يصفق بالمسك الذكي رضابه ... إذا النجم من بعد الهدوء تصوبا

وقال أيضا:
وكأن طارقها على علل الكرى ... والنجم وهنا قد دنا لتغور
يستاف ريح مدامة معلولة ... برضاب مسك في ذكي العنبر
وقال عمر بن أبي ربيعة:
يمج ذكي المسك منها مفلج ... نقي الثنايا ذو غروب مؤشر
يرف غذا تفتر عنه كأنه ... حصى برد أو أقحوان منور
وقال المتوكل الليثي:
كأن مدامة صهباء صرفا ... ترقرق بين راووق ودن
تعل به الثنايا من سليمى ... فراسة مقلتي وصحيح ظني
وقال ذو الرمة:
وتجلو بفرع من أراك كأنه ... من العنبر الهندي والمسك يصبح
ذرى أقحوان واجه الليل وارتقى ... إليه الندى من رامة المتروح
هجان الثنايا مغربا لو تبسمت ... لأخرس عنه كاد بالقول يفصح
وقال بشار بن برد:
يا أطيب الناس ريقا غير مختبر ... إلا شهادة أطراف المساويك
قد زرتنا زورة في الدهر واحدة ... ثني ولا تجعليها بيضة الديك
يا رحمة الله حلي في منازلها ... حسبي برائحة الفردوس من فيك
وقال آخر:
ترى الدر منثورا إذا ما تكلمت ... وكالدر منظوما إذا لم تكلم
تعبد أحرار القلوب بدلها ... وتملأ عين الناظر المتوسم
وقال البحتري:
ولما التقينا والنقا موعد لنا ... تعجب رائي الدر حسنا ولاقطه
فمن لؤلؤ تجلوه عند ابتسامها ... ومن لؤلؤ عند الحديث تساقطه
وقال ابن الرومي:
يا رب ريق بات بدر الدجى ... يمجه بين ثناياكا
يروي ولا ينهاك عن شربة ... والماء يرويك وينهاكا
وقال عبيد الله بن عبد بن طاهر:
وإذا سألتك رشف ريقك قلت لي: ... أخشى عقوبة مالك الأملاك
ماذا عليك جعلت قبلك في الثرى ... من أن أكون خليفة المسواك
أيجوز عندك أن يكون متيم ... مغرى بحبك دون عود أراك
وقال ابن الرومي:
تعللت ريقا يطرد الهم برده ... ويشفي القلوب الحائمات الصواديا
وهل ثغب حصباؤه مثل ثغرها ... يصادف إلا طيب النشر صافيا
؟ومما قيل في الشعور
قال بكر بن النطاح:
بيضاء تسحب من قيام فرعها ... وتغيب فيه وهو وحف أسحم
فكأنها فيه نهار مشرق ... وكأنه ليل عليها مظلم
وقال ابن الرومي:
وفاحم وارد يقبل مم ... شاه إذا اختال مسبلا عذره
أقبل كالليل في مفارقه ... منحدرا لا يلوم منحدره
حتى تناهى إلى مواطئه ... يلثم من كل موطئ عفره
كأنه عاشق دنا شغفا ... حتى قضى من حبيبه وطره
وقال مسلم بن الوليد: :من الطويل "
أجدك هل تدرين أن رب ليلة ... كأن دجاها من قرونك ينشر
نصبت لها حتى تجلت بغرة ... كغرة يحيى حين يذكر جعفر
وقال ابن المعتز:
سقتني في ليل شبيه بشعرها ... شبيهة خديها بغير رقيب
فأمسيت في ليلين للشعر والدجى ... وشمسين من خمر وخد حبيب
وقال المتنبي:
كشفت ثلاث ذوائب من شعرها ... في ليلة فأرت ليالي أربعا
واستقبلت قمر السماء بوجهها ... فأرتني القمرين في وقت معا
وقال أيضا:
لبسن الوشي لا متجملات ... ولكن كي يضن به الجمالا
وصفرن الغدائر لا لحسن ... ولكن خفن في الشعر الضلالا
وقال أبو محمد بن مطران:
ظباء أعارتها المها حسن مشيها ... كما قد أعارتها العيون الجآذر
فمن حسن ذاك المشي جاءت فقبلت ... مواطئ من أقدامهن الغدائر؟
؟؟ومما قيل في حسن حديث النساء
قال القطامي:
يقتلننا بحديث ليس يفهمه ... من يتقين ولا مكنونه بادي
فهن ينبذن من قول يصبن به ... مواقع القطر من ذي الغلة الصادي
وقال أبو حية النميري:

إذا هن ساقطن الحديث إلى الفتى ... سقاط حصى المرجان من كف ناظم
رمين فأقصدن القلوب ولن ترى ... دما مائرا إلا جوى في الحيازم
وقال آخر:
وكنت إذا ما زرت سعدى بأرضها ...
أرى الأرض تطوى لي ويدنو بعيدها
من الخفرات البيض ود جليسها
إذا ما انقضت أحدوثة لو تعيدها
وقال ابن الرومي:
وحديثها السحر الحلال لو أنه ... لم يجن قتل المسلم المتحرز
إن طال لم يملل وإن هي أوجزت ... ود المحدث أنها لم توجز
شرك العقول ورهبة ما مثلها ... للمطمئن وعقلة المستوفز
وقال مالك بن أسماء بن خارجة:
وحديث ألذه هو مما ... تشتهيه النفوس يوزن وزنا
منطق صائب وتلحن أحيا ... نا وخير الحديث ما كان لحنا
ومن جيد هذا المعنى وقديمه قول النابغة الذبياني:
لو أنها عرضت لأشمط راهب ... عبد الإله صرورة متعبد
لرنا لرؤيتها وحسن حديثها ... ولخاله رشدا وإن لم يرشد
وقال أبو حية النميري:
حديث لم تخش عينا كأنه ... إذا ساقطته الشهد أو هو أعذب
لو أنك تستشفي به بعد سكرة
من الموت كادت سكرة الموت تذهب
وقال بشار بن برد:
حوراء إن نظرت إلي ... ك سقتك بالعينين خمرا
تنسي الغوي معاده ... وتكون للحلماء ذكرا
وكأن لفظ حديثها ... قطع الرياض كسين زهرا
وكأن تحت لسانها ... هاروت ينفث فيها سحرا
وتخال ما جمعت علي ... ه ثيابها ذهبا وعطرا
وقال أيضا:
ودعجاء النواظر من معد ... كأن حديثها قطع الجمان
إذا قامت لصحبتها تثنت ... كأن عظامها من خيزران
وقال حبيب بن أوس:
تعطيك منطقها فتعلم أنه ... لجنى عذوبتها يمر بثغرها
وأظن حبل وصالها لمحبها ... أوهى وأضعف قوة من خصرها
ومما قيل في العيون
قال جرير:
إن العيون التي في طرفها حور ... قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به ... وهن أضعف خلق الله أركانا
وقال ذو الرمة:
لها بشر مثل الحرير ومنطق ... رخيم الحواشي لا هراء ولا نزر
وعينان قال الله: كونا فكانتا ... فعولان بالألباب ما تفعل الخمر
وقال عدي بن الرقاع:
لولا الحياء وأن رأسي قد عسا ... فيه المشيب لزرت أم القاسم
وكأنها بين النساء أعارها ... عينيه أحور من جآذر جاسم
وسنان أقصده النعاس فرنقت ... في عينيه سنة وليس بنائم
وقال عبد الله بن الدمينة:
رمتني بطرف لو كميا رمت به ... لبل نجيعا نحره وبنائقه
ولمح بعينيها كأن وميضه ... وميض الحيا تهدى لنجد شقائقه
وقال أبو الطيب:
مثلت عينك في حشاي جراحة ... فتشابها، كلتاهما نجلاء
نفذت علي السابري وربما ... تندق فيه الصعدة السمراء
ومما قيل في تشبيه النساء بالروضة
قال الأعشى:
ما روضة من رياض الحزن مونقة ... خضراء جاد عليها مسبل هطل
يضاحك الشمس فيها كوكب شرق ... موزر بعميم النبت مكتهل
يوما بأطيب منها نشر رائحة ... ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل
وقال كثير:
فما روضة بالحزن طيبة الثرى ... يمج الندى جثاثها وعرارها
بمنخرق من بطن واد كأنها ... تلاقت به عطارة وتجارها
بأطيب من أردان عزة موهنا ... وقد أوقدت بالمندل الرطب نارها
ومما قيل في وصف مشي النساء
قال الأعشى:
غراء فرعاء مصقول عوارضها ... تمشي الهوينى كما يمشي الوجي الوحل
كأن مشيتها من بيت جارتها ... مشي السحابة لا ريث ولا عجل
وقال تميم بن مقبل:
يهززن للمشي أوصالا منعمة ... هز الجنوب معا عيدان يبرينا

أو كاهتزاز رديني تداوله ... أيدي التجار فزادوا متنه لينا
يمشين هيل النقا مالت جوانبه ... ينهال حينا وينهاه الثرى حينا
وقال عمر بن أبي ربيعة:
أبصرتها غدوة ونسوتها ... يمشين بين المقام والحجر
بيضا حسانا خرائدا قطفا ... يمشين هونا كمسية البقر
قد فزن بالحسن والجمال معا ... وفزن رسلا بالدل والخفر
وقال بشر بن أبي خازم:
حوراء يمنعها القيام إذا ... قامت تمام الخلق والبهر
مشي النزيف يجز مئزره ... ذهبت بأكثر عقله الخمر
وقال بشار بن برد:
ويشك فيها الناظرون إذا عدت ... وتسيل أو تمشي لهم تأويدا
درجت على قصب رواجح فانثنت ... كالخيزارنة غادة أملودا
وقال العباس بن الأحنف:
شمس مقدرة في خلق جارية ... كأنما كشحها طي الطوامير
كأنها حين تمشي في وصائفها ... تخطو على البيض أو خضر القوارير
وقال غيره:
شبهت مشيتها بمشية ظافر ... يختال بين أسنة وسيوف
صلف تناهت نفسه في نفسه ... لما انثنى بسنانه المرعوف
وقال بكر بن النطاح: من المنسرح "
تمشي على الخز من تترفها ... فتشتكي رجلها من الترف
لو مر هارون في عساكره ... ما رفعت من الصلف
وقال المتنبي:
حسان التثني ينقش الوشي مثله ... إذا مسن في أجسامهن النواعم
ويبسمن عن در تقلدن مثله ... كأن التراقي وشحت بالمباسم
وقال غيره:
يمشين مشي قطا البطاح تأودا ... خمص البطون رواجح الأكفال
وإذا أردن زيارة فكأنما ... ينفضن أرجلهن من أوحال
وقال كشاحم يصف سواد الشعر:
رنت فأصابت سر قلبي بلحظها ... لها في الحسا لذع وليس لها جرح
وقد حسرت عن واضح الشعر قاتم ... بخطي ظلام شق بينهما صبح
وقال سديف في جميع الصفات:
لفظ الخدور إليك حورا عينا ... أنسين ما جمع الكناس قطينا
وإذا ابتسمن فعن بروق غمامة ... أو أقحوان الرمل بات معينا
وإذا نطقن تخالهن نواظما ... درا يفصل لؤلؤا مكنونا
وإذا طرفن طرفن عن حدق المها ... وفضلنهن محاجزا وعيونا
فكأن أنفاس الظباء تمدها ... وحضورهن لطافة ولدونا
وأصح ما رأت العيون رواجحا ... ولهن أمرض ما رأيت عيونا
وكأنما تلك الوجوه أهلة ... أقمرن بين العشر والعشرينا
وكأنهن إذا نهضن لحاجة ... ينهضن بالعقدات من يبرينا
وقال امرؤ القيس في مثل ذلك:
مهفهفة بيضاء غير مفاضة ... ترائبها مصقولة كالسجنجل
كبكر مقاناة الباض بصفرة ... غذاها نمير الماء غير المحلل
تصد وتبدي عن أسيل وتتقي ... بناظرة من وحش وجرة مطفل
وجيد كجيد الرئم ليس بفاحش ... إذا هي نصته ولا بمعطل
وفرع يغشي المتن أسود فاحم ... أثيث كقنو النخلة المتعثكل
غدائره مسشزرات إلى العلا ... تضل المداري في مثنى ومرسل
وكشح لطيف كالجديل مخصر ... وساق كأنبوب السقي المذلل
وتعطو برخص غير شثن كأنه ... أساريع ظبي أو مساويك إسحل
تضيء الظلام بالعشاء كأنها ... منارة ممسى راهب متبتل
وتضحي فتيت المسك فوق فراشها ... نؤوم الضحى لم تنتطق عن تفضل


نجز باب النسيب والحمد لله رب العالمين



----------------
* الحماسة المغربية ويعرف ايضا ب (حماسة الجرّاوي) او ( الحماسة البياسية ) و
- صفوة الادب و نخبة ديوان العرب. أبو العباس أحمد بن عبد السلام الجرّاوي التادلي (المتوفى : 609هـ)

ليست هناك تعليقات: