هوشنك أوسي
ألبوم إيروتيكي




خندقُ الآلهة

هل أوشكتِ المعركةُ على نهايتها، أم أنها لم تبدأ بعد؟.
تُرى، لمن ستكونُ الغلبةُ هذهِ المرَّة؟.
للدمِ المندلعِ على الحافةِ اليمنى، أم للنارِ الداميةِ على الحافةِ اليسرى؟.
ألهذا السيلِ الجارفِ الزاحفِ صوبنا، دورٌ في وجودنا هنا؟.
هكذا كانتِ الآلهةُ تتهامسُ في خندقها الطري طراوة الفجر.

فخ الملائكة

قد نصبناهُ لآدم.
لكننا استعذبنا الوقوعَ فيه.

عش النيازك


قد تكونُ النيازكُ، هي التي أدمنتْ إراقةَ خيالها فيه.
وقد يكونُ هو منْ يتلقَّفُ النيازيكَ، بمهارةِ أغاني الكرد، تلقُّفَ الماءِ للماء.
في كلتا الحالتين، سيبقى عُشَّاً أبدعتهُ مشيئةُ الجسد.

خليج النجوم

لا هو نداءُ الليلِ لليل، ولا ثكنةٌ لليعاسيب.
لا هو بأحجيةِ الثلج الدافئ، ولا طلسمُ الخلق.
ببساطة، هو كهفٌ يُريحُ فيه الله ظِلَّه، بعد تفقُّدهِ لخلقه.

واحة الجمر

هنا وحدهُ، يتفيَّأ الجسدُ جمره.
هنا وحدهُ، يبوحُ الجسدُ للجسد، ما لم يبح بهِ لغيره.
وهنا فقط، تختزلُ الأساطيرُ نفسها رقصاً.

قصيدة المحارب الصلصال

كلما أوشكَ على إنهائها، يُدرِكُ بأنهُ لم يبدأ بكتابتها بعد.

امتحان الطين

لكلِّ طينٍ مجتهدٍ منهُ نصيب.
فهو الذي يُثبت، هل سيجدي مع ترابه، ثورةُ المطر، أم مقدورهُ القفرُ الآبد؟.
أرقصهُ خصبٌ، أم للريحِ بكاءه؟.

مِرآة الكينونة

تشعٌّ منها أغاني أعالي الجسد.
تشعُّ منها ذاكرةُ الدم.
يشعُّ منها الغيب المقفول بنا علينا.
نشعُّ منهُ إشعاعَ الذات على الذات.
تعكسنا لنا أطيافاً من الكينونات المتواريةِ عن أسرارها.
ترينا ما لا ترِنا حقائقنا الغافلةِ عنَّا.
تذرينا في مهبِّ لُهاثنا.
تُشكِّلنا في مهبِّ لهاثنا.

قِبلة الجن

قالوا: إنَّ الجنَّ يتجهون صوبها، عندما يبدؤون تضرُّعهم لها، فلم أصدِّق.
قالوا: إنَّهم يطوفون بها حجَّاً، فلم أصدِّق.
قالوا: إنَّهم يقصدونها في كلِّ أمرٍ يستعصي على خاليهم، فلم أصدٌِّق.
قالوا: إنَّهم لا مرئيون، لأنَّهم يعشقون الكلام عنها وعنَّا، حولها وفيها، فلم أصدِّق.
لكن، حينما رأيتها، لم أصدِّق.

مِحرابُ الدم

بعد أن بايعَ الدَّم إماماً يُنبئُ بخصوبته، باتت السِّيَرُ الكُبرى والصُغرى للدم، مكنونةٌ فيه.
براهين الدم وقرائنهُ على أنه الدم، لا غيره، مودعةٌ لديه.

مَعينُ اللذَّة

ينهلُ منه الزمان ما يشتهي، وما لا يشتهي.
ينهلُ منهُ الكلامُ ما يشتهي، وما لا يشتهي.
ينهلُ من الخيالُ ما يشتهي، وما لا يشتهي.
أما هو، فينهلُ منهم ومن غيرهم ما يشتهي فقط.

مِعراجُ الوحل

قد تكونُ سماواتٍ غائرةٌ في ملتقى نهرين عاجيين في بحرٍ من اللجين الدافئ.
قد يكونُ عرشاً رفعتهُ اللذَّةٌ لعليائها المضرَّجةِ برحيق الشفق.
قد يكونُ بئراً حفرهُ الاشتهاءُ لنفسهِ في نفسه.
لكنه نقشٌ مضيءٌ يَعرُجُ إليهِ الوحل، كلما تثاءب التراب، وجُنَّ المطر.

حانةُ الأزل

يرتادها ثملاً من التوق للقاءِ نفسه.
يرتادها طعنةً طنعة، تُأججهُ أكثر في إلقاءِ وصاياه المائية في جوفِ الغيب.
يرتادها، ليرى ما حلَّ بإرثهِ الشقيّ الذي شقَّهُ في منتصف دربهِ إلى حتفه، لخندقٍ للآلهة.

بوصلةُ اليقين

بها فقط أضحى اليقينُ يقيناً.
بها فقط يقتفي اليقينُ مداركَ الجنون.
بها، يستعذب اليقينُ مقارعةَ نفسهِ على حوافِ التيه. بها فقط ينهزمُ اليقينُ أمام نفسه، وينتصرُ على نفسه.


منجم الأحلام

غَورٌ مرصَّعٌ بالرؤى، يفضي إلى غَورٍ تفترشهُ الأحلامُ الشاهدةُ على عناقِ الماءِ للماء.
منجمٌ زاخرٌ بودائعِ المنتهى الغائر فينا.
منجمٌ، كلما ازددتَ الإيغال فيهِ مكتشفاً نفسك، ازددتَ تيهاً يعرِّيكَ منك. فتكتشف بأنك لم تكن إلا حلماً ضلَّ منجمه.

مضيقُ الخمر

الصيفُ والكرمُ شريكان في منحكَ نشوةَ دمعةِ العنب.
أما هو، فينفردُ بحصاره المُستعِر الذي يضربهُ حول رمحكَ، ملتمساً خمرك.
وما أن يرتشفَ خمرك، يمنحكَ السموَّ. ويفكُّ حصاره عن رمحكَ المعقوفِ عليك، أيها الطينُ المهووسُ به.

جهةُ الألق والأرق

أيُ ألقٍ سرمديٍّ يهبُّ منها؟!.
أيُ أرقٍ ليلكيٍّ يهُبُّ منها؟!.

مَعبرُ الكائن

نفقٌ يُوصِلُ الكائنُ من ردهةِ معلومه إلى هوَّةِ مجهوله.
ويُخرِجُهُ من بهوِ مجهولهِ إلى فضاءِ معلومه، ليس كما كان، بل كما ينبغي أن يكون.

رئةُ الزمن

نافذةُ الزمن على ماضيه وآتيه.
فكلما نأى الزمن بنفسهٍ عن الاحتقان، لاذ برئته الرّءوم.

منجلُ الأبد

نحن حصيدهُ الأوحدُ، الأكثر هشاشةً أمامَ منجلهِ الذي يُشكِّلُ أهم تضريس من تضاريس الأنثى.

موطئ الخرافة


عليها وطئت أول شطحةٍ مسجَّاةٍ بالتأوّه اللذيذ.
وعليها وطئت آخرُ شحطةٍ من شهقاتِ العويل.
فاستحقَّ أن يكونَ موطئ الخرافةِ وموئلها ومآلها.

خارطة الكنز

لا تخشَ شيئاً..
هيا، تتبعها.
ستجد بأنها الكنز والخارطة في آن.
وستجدُكَ الخارطةَ والكنز في آن.


دمشق – 8 /3 / 2005