تزيين الأسواق في أخبار العشاق
داود الأنطاكي


وقد أكثروا من هذا النمط أعني التشبيب بالوجه وأعضائه البسيطة والمركبة لكونه أشرف وأبهج وأعلى وألطف وأما ما عداه فنادر أن تيسر لشاعر بيت أو بيتان أو أكثر في عضو يعينه أما في ضمن غيره فكثير سنورد منه ما تيسر حسبما شرطنا وأما مطلق القامة بما فيها فأكثر من أن يحصى ما فيه وما قيل من أن أول من وصف الندى عمرو بن كلثوم.
وثدي مثل حق العاج رخص ... مصان عن أكف اللامسينا
فأمر يحتاج إلى مزيد استقصاء وإحاطة لأن العرب تغزلت كثيرا غاية الأمر أن المتأخرين ألطف فمن وصفهم الجيد في ضمن غيره قول بعضهم:
لها جيد أم الخشف ريعت فأقبلت ... ووجه كفر الشمس ريان مشرق
وعين كعين الظبي فيها ملاحة ... هي السحر أواد هي التباسا وأعلق
دعبل
أتاح لك الهوى بيض حسان ... سلبنك بالعيون وبالنحور
نظرت إلى النحور فكدت تقضي ... فأولى لو نظرت إلى الخصور
ابن الرومي
صدور فوقهن حقاق عاج ... وحلى زاي حسن اتساق
يقول الناظرون إذا رأوها ... أهذا الحلى من هذا الحقاق
وما تلك الحقاق سوى ثدي ... قدرن من الحقاق على وفاق
نواهد ليس يعدوهن عيب ... سوى منع المحب عن العناق
المهلبي
أقاتلني بفتور الجفون ... ورمانتين على معصر
كحقين من لب كافورة ... برأسيهما نقطتا عنبر
الرقاء
ومن وراء سجوف الحي شمس ضحى ... تجول في جنح ليل مظلم داجي
مقدودة حفظت أيدي الشباب لها ... حقين دون مجال العقد من عاج
الثعالبي
قد حجبت وجهها عن النظر ... بمعصم حل عقد مصطبري
كأنه والعيون ترمقه ... عمود صبح في دارة القمر
وقال بعضهم
كأن الثدايا إذا ما بدت ... وزين منها النهود الصدورا
حقاق من الدر مخروطة ... يسعن من المسك شيأ يسيرا
الحسن بن هاني
بأبي غادة تميس بقد ... تتثنى فتخجل الأغصانا
لمست صدرها فباهت وقالت ... غصن قدي قد أثمر الرمانا
وقلت
أذاب لهيب الخد منها بناره ... لجينا فمنه صيغ منبسط الصدر
وذاك برأي العين أما بملمس ... فلين حرير والنهود من الدر

ومن أوصافهم في الأرداف والخصور بالضميمة كما سبق قول عبد الوهاب السندوبي:
قام فكادت لين أعطافه ... تقصها الأرداف من نهضه
فكيف يرجو الغير انصافه ... وبعضه جار على بعضه
ابن قزل
وأهيف القد بت أشكو ... له تلافى وما تلافى
فمال عطفا ورق خصرا ... وإنما ردفه تجافى
آخر
يا خصره كم جفاه ... تبدي وأنت نحيل
يا ردفه ملت عني ... ما أنت إلا ثقيل
ابن مكانس
كسلت أرداف حبي ... فدموعي تتوالى
أيها المحبوب فارحم ... رب دمع فيك سالا
الصلاح الصفدي
أقول له قد رق عيشي والصبا ... وعقلي وكاساتي وصوت الذي غنى
وقال الذي أهوه خصري نسيته ... فقلت له والله قد جئت في المعنى
سيف الدين المشد
مهفهف القد نحيل الحشا ... يسبي الورى عمدا بطرف مريض
تلاعب الشعر على ردفه ... أوقع قلبي في الطويل العريض
ابن سنا الملك:
تلاعب الشعر على ردفه ... أوقع قلبي في العريض الطويل
يا ردفه جرت على خصره ... رفقا به ما أنت إلا ثقيل
ابن الوردي:
إذا قيل ما ردفي وشعري أجبته ... كثيف مهيل فوق حية تسعى
وإن قيل هل ترعى عذاري موريا ... أقول له أي والذي أخرج المرعى
الصلاح الصفدي:
لولا شفاعة شعره في صبه ... ما كان زار ولا أزال سقاما
لكن تنازل في الشفاعة عنده ... وغدا على أقدامه يترامى
البها زهير وهو مما شاع ولم نره في ديوانه:
حبذا نفحة ريح ... فرجت عني غمه
ضربت ثوب فتاة ... أظهرت تيها وحشمه
فرأيت البط والسر ... ة والخصر وثمه
الباخرزي فيما يكتب على التكه:
لم لا أتيه ومضجعي ... بين الروادف والخصور
وإذا نسجت فإنني ... بين الترائب والنحور
ولقد نشأت صغيرة ... يا كف ربات الخدور
بشار:
نظرت في القصر عيني ... نظرا وافق حيني
سترت لما أن رأتني ... دونه بالراحتين
فضلت منه فضول ... تحت طي العكنتين
ليتني كنت عليه ... ساعة أو ساعتين



ولها حكاية حاصلها أن المهدي دخل على بعض جواريه وهي مجردة فلما استترت منه بيديها فاض عنهما فأنشد: نظرت في القصر عيني وارتج عليه فاستدعى بشارا فقال له أجز وأنشد الأبيات: العباس بن الأحنف:
ومثلك لم أر في العالمين ... نصفا قضيبا ونصفا كثيبا
وأنت إذا ما وطئت الترا ... ب كأن ترابك للناس طيبا
أبو الحسين الجزار:
وكم ليلة أستغفر الله بتها ... بخد وثغر بين ورد وجريال
سرت راحتي غورا ونجدا إلى الضحى ... وما ذاك إلا في خصور وأكفال
الصفي الحلي:
إذا تثنت بأعطاف يجاذبها ... مدار غصن من الكشان ممطور
رأيت أمواج أرداف إذا التطمت ... في لج بحر بماء الحسن مسجور
وقال آخر:
وإذا السوالف بالبنفسج ... جاورت ورد الخدود
وتموجت كتب الرواد ... ف تحت أغصان القدود
شاهدت في أيدي الظبا ... ء قياد أعناق الأسود
ابن نباتة:
سألت التقا والبان أن يحكيا لنا ... روادف أو أعطاف من زاد صدها
فقال كثيب الرمل ما أنا حملها ... وقال قضيب البان ما أنا قدها
الصلاح الصفدي:
أقول وقد نامت على حر وجهها ... وما لي عليها في الظلام دبيب
وإن الكثيب الفرد من جانب الحمى ... إلي وإن لم آته الحبيب
ابن أبي حجلة:
مالت كغصن مع الأرواح مياس ... مصرية الحلى تبدو لي بمقياس
ما جن ليلي وأمسى حليها قلقا ... إلا وثار بها جني ووسواسي
ولا بد أردفها الراسي إذا قعدت ... إلا وباتت يدي منه على راسي
شمس الدين بن جابر النحوي وهو الشهير بالأعمى والبصير في شرح الألفية يعني باعتبار البصر في الأول والبصيرة في الثاني وبالعميان في البديعية يعني أنه مفرد ناب عن جمع فلا يغتر بقول ابن حجة والعميان لم ينظموا ولم يقولوا وأمثال ذلك مما يدل على الجمع وطالما كلفت بمعرفة هذا وسألت عنه فلم أظفر بمن يشفي العلة حتى رأيته في كلام العلامة السيوطي رحمه الله تعالى:
مقدمة الأرداف ركب فوقها ... مقدمة الخصر الذي هو ذابل
فتم قياس الحسن لما تركبا ... وجاء على النظم الذي هو كامل
فأنتج حسنا لم يلم فيه عاشق ... بوجه ولم يوجد من الناس عادل
وله أيضا:
سبب خفيف خصرها ووراءه ... من ردفها سبب ثقيل ظاهر
لم يجمع النوعان في تركيبها ... إلا لأن الحسن فيها وافر
وله أيضا:
تعليق ردفك بالخصر الخفيف له ... ثلث الجمال وقد وقته اجعان
خد عليه رياض الحسن قد خلعت ... وفي حواشيه للصدغين ريحان
محقق نسخ صبري في هواه ومن ... توقيع مدمعي المنثور برهان
يا حسن ما قلم الأشعار خط على ... ذاك الجبين فلا يسلوه انسان
أقسمت بالمصحف السامي وأحرفه ... ما مر بالبال يوما عنك سلوان
ولا غبار على حبي فعندك لي ... حساب شوق له في القلب ديوان
وله أيضا:
وقفت يوم الوداع ملتفتا ... أطمع في نظرة أرددها
فأعرضت والظباء تغبطها ... في حسن أعراضها وتحسدها
وكلفت لدن خصرها كفلا ... يكاد عند القيام يقعدها
وله أيضا:
رقم الخال خدها في إناء ... قمر الأفق فيه نقطة ليل
قلت ابن الكثيب والغصن قالت ... كلما قد ذكرته تحت ذيلي
وله أيضا:
إن شئت ظبيا أوهلا لا أودجي ... أو زهر بان في الكثيب الأميد
فللحظها ولوجها ولشعرها ... ولخدها والقد والردف أقصد
وله أيضا:
أقبلت في لازوردي علي ... ناعم أبيض لدن معجب
والحلي والوجه والثغر وما ... لبست والعطف والردف حبي
أنجما حفت بيدر في دجى ... في سماء فوق بان الكثب

ابن نباتة:
أفدي التي تشتكي في مشيها ولها ... بالردف والخصر تثقيل وتخفيف
تدعو على الكتب والأغصان لاعنة ... فالكتب مهتوكة والغصن مقصوف
الشهاب الحجازي:
قصدت رؤية خصر مد سمعت به ... فقال لي بلسان الحال ينشدني
أنظر إلى الردف تستغني به وأنا ... مثل المعيدي فأسمع بي ولا ترني
وقلت:
ما أخطأ الفيلسوف فيما ... قرر من رفعة اللطافة
ها خصرها قد علا لما قد ... حواه في الظروف والترافة
ودونه الردف حط وصفا ... مذ كان في غابة الكثافة
وقلت:
قد غرت عشاقها ... وتركهم للغزل
في خصرها وشببوا ... بردفها والكفل
قلت إلى كم تلهجوا ... بسافل لا بعلى

وأما الأغزال المطلقة التنصيص العامة من غير تخصيص فكثيرة لا تحصى وغزيرة لا تستقصى فلنورد منها ما حس وقعه في الأسماع وجلب القلوب السليمة الأذواق عند السماع شمس الدين بن العفيف:
قف واستمع سيرة الصب الذي قتلوا ... فراح في حبهم لم يبلغ الغرضا
رأى فحب فرام الوصل فامتنعوا ... فسام صبرا فأعيا نيله فقضى
وقال آخر:
لو كان سالك عالما بذوي الهوى ... ومحله من أضلع العشاق
ما عذب العشاق إلا بالهوى ... وإن استغاثوا غائهم بفراق
المظفر الآمدي:
قل للذين جفوني إذا لهجت بهم ... دون الأنام وخير القول أصدقه
أحبكم وهلا كي في محبتكم ... كعابد النار بهواها وتحرقه
ابن الوردي:
دهرنا أضحى ضنينا ... باللقاء حتى ضنينا
يا ليالي الوصل عودي ... وأجمعينا أجمعينا
ابن نباتة:
أهلا بسائرة الصبا من نحوكم ... وبما عهدنا من تعاهد طولها
أملت على الذهر المقطب ذكركم ... حتى تبسم ضاحكا من قولها
الصفي الحلي:
لا غرو أن يصلي الفؤاد بحبكم ... نار تؤججها يد التذكار
قلبي إذا غبتم يصور شخصكم ... فيه وكل مصور في النار
وقال آخر:
صلوا مدنفا قد واصل السقم جسمه ... ومن بعدكم طيب الرقاد فقد فقد
بأحشائه نار يهب ضرامها ... ومن لي بإطفاء الغرام وقد وقد
الأرجاني:
تمتعتما يا مقلتي بنظرة ... وأوردتما قلبي أمر الموارد
أعيناي كفا عن فؤادي فإنه ... من ابلغي سعى اثنين في قتل واحد
الملك الصالح داود:
عيون عن السحر المبين تبين ... لها عند تحريك الجفون سكون
إذا أبصرت قلبا خليا من الهوى ... تقول له كن مغرما فيكون
ابن إسرائيل:
وقلت شهودي في هواك كثيرة ... وأصدقها قلبي ودمعي مسفوح
فقال شهود ليس يقبل قولها ... فدمعك مقذوف وقلبك مجروح
القيراطي:
لما حدا بالركب حاديهم ... وأسمع الداني والقاصي
أطاعني دمع جرى نهره ... فدمعي الطالع كالعاصي
لؤلؤ:
وأرقني خيال من حبيب ... تناءت داره لما أتاني
فمن سهري يلم فلا أراه ... ومن سقمي يطوف فلا يراني
وقال آخر:
قد كان لي فيما مضى خاتم ... فرق جسمي فتمنطقت به
وزاد بي السقم فلو زج بي ... في مقلة النائم لم ينتبه
شمس الدين بن العفيف:
فكم يتجافى خصره وهو ناحل ... وكم يتحالى ريقه وهو بارد
وكم يدعي صونا وهذي جفونه ... تفسر للعشاق منها مواعد
وله أيضا:
إذا ما رمت حل البند قالت ... معاطفه حمانا لا يحل
وإن جليت بوجنتيه مدام ... يرى لعذاره دور ونزل
وقال آخر:
قال لي أهيف المعاطف صف لي ... هيفي قلت يا رشيق القوام
لك قد لولا جوارح لحظيك ... لغنت عليه ورق الحمام
ابن خفاجة:

مهفهف طاوى الحشا ... كالغصن يخطران خطر
فإذا رنا وإذا شدا ... وإذا سقى وإذا سفر
فضح الغزالة والحمامة ... والغمامة والقمر
ابن أبي الحديد:
بالله ضع قدميك فوق محاجري ... فلقد قنعت من الوصال بذاكا
وأطل محادثتي فإن مسامعي ... تهوي حديثك مثل ما تهواكا
ابن المتوفي:
رأت قمر السماء فأذكرتني ... ليالي وصلنا بالرقمتين
كلانا ناظر قمرا ولكن ... رأيت بعينها ورأت بعيني
ابن نباتة:
علقتها هيفاء حالية الطلى ... تجنى على طرف المحب وقلبه
بخلت بلؤلؤ ثغرها عن لاثم ... فغدت مطوقة بما بخلت به
الدمياطي:
وفتاته الألحاظ معسولة اللمى ... أهيم بها شوقا إذ هي أعرضت
تصاممت لما أن سمعت كلامها ... لتشفي قلبا بالإعادة أمرضت
الوادعي:
قلت للعاذل المفند فيها ... يوم زارت وسلمت مختالة
قم بنا ندعي النبوة في العش ... شق فقد سلمت علينا الغزالة
ياقوت:
وعدت أن نزور ليلا فألوت ... وأتت في النهار تسحب ذيلا
قلت هلا صدقت في الوعد قالت ... كيف صدقت أن ترى الشمس ليلا
وقال آخر:
تجلى محياها فخافت رقيبها ... فأرخت عليه من ذوابئها سجفا
محيا رآه الصب للحسن جامعا ... فأجرى عليه من مدامعه وقفا
ابن الرومي:
نظرت فأقصدت الفؤاد بسهمها ... ثم انثنت عنه فكاد يهيم
ويلاه إن نظرت وإن هي أقبلت ... وقع السهام ونزعهن أليم
شمس الدين:
حتى إذا طاش عنها المرط من دهش ... وانحل بالضم عقد السلك في الظلم
تبسمت فأضاء الجو فألتقطت ... حبات منتثر في ضوء منتظم
ابن الساعاتي:
قبلتها ورشفت خمرة ريقها ... فوجدت نار صبابة في كوثر
ودخلت جنة وجهها فأبا حتى ... رضوانها المرجو شرب المسكر
الأرجاني
وفتانة صاغت سلاسل صدغها ... قيودا على أعداد عشاقها الأسرى
تبسم عن در تنظم مثله ... فلم أر أحلى منه نظما ولا نثرا
وقال آخر:
نظرت إليها نظرة فتحيرت ... دقائق فكري في بديع صفاتها
وأوحى إليها الوهم أني أحبها ... فأثر ذاك الوهم في وجناتها
ابن مكناس:
علقتها معشوقة خالها ... أن عمها بالحسن قد خصصا
يا وصلها الغالي ويا جسمها ... لله ما أغلى وما أرخصا
أمين الدين السليماني:
أضيف الدجى معنى إلى لون شع ... رها فطال ولولا ذاك ما خص بالأجر
وحاجبها لون الوقاية ما وقت ... على شرطها فعل الجفون من الكسر
ابن الوردي:
ردفها والخصر منها ... جل من ربى ودقق
نهدها يطفي لهيبي ... فهو رمان محقق
أبو الحسن الجزار:
تكلف بدر السما إذ حكى ... محياك لو لم يشنه الكلف
وقام بعذري فيك العذار ... فأجرى دموعي لما وقف
وله أيضا:
حمت خدها والثغر عن هائم شج ... له أمل في مورد ومورد
وكم هام قلبي لارتشاف رضابها ... فأعرض عن تفصيل نحو المبرد
ابن النقيب:
يا مالكي ولديك ذلي شافعي ... ما لي سألت فما أجبت سؤالي
فوخدك النعمان أن بليتي ... وشكايتي من جفنك الغزالي
شيخ الشيوخ بحماة:
لنا من ربة الخالين جاره ... تواصل تارة وتصد تارة
تعاملني بما يحيى سلوى ... ولكن ليس في جوفي مرارة
وله أيضا:
حروف غرامي كلها حرف إغراء ... على أن سقمي بعض أفعال أسماء
وله أيضا:
وبدر دجى لم ينتقل كسميه ... ولكنه ما زال في القلب والطرف
يلوح لعيني ماشقا نون صدغه ... فأعبد خلاقي على ذلك الحرف
وله أيضا:

قلت وقد عقرب صدغا له ... عن مشقة الحاجب لم يحجب
قدست يا رب الجمال الذي ... ألف بين النون والعقرب
وله أيضا:
سبحان مورثه من حسن يوسف ما ... لم يبق الحجر لله والصبر من حصص
أقام للشعراء العذر عارضه ... فكم له في دبيب النمل من قصص
وله أيضا
يا نظرة ما جلت لي حسن طلعته ... حتى انقضت وأدامتني على وجل
عاتبت إنسان عيني في تسرعه ... فقال لي خلق الانسان من عجل
مجير الدين الدمشقي
لما لبست لبعده ثوب الضنا ... وغدوت من ثوب اصطباري عاريا
أجريت واقف مدمعي من بعده ... وجعلته وقفا عليه جاريا
ابن لؤلؤ الذهبي
رفقا بصب مغرم ... أبليته صدا وهجرا
وأفاك سائل دمعه ... فرددته في الحال نهرا
ابن قرناص
ووجنة قد غدت كالورد حمرتها ... وأشبه الآس ذاك العارض النضر
كأن موسى كليم الله اقبسها ... نارا وجر عليها ذيله الخضر
وله أيضا
إن الذين ترحلوا ... نزلوا بعين ساهره
أنزلتهم في مقلتي ... فإذا هم بالساهره
شمس الدين بن العفيف
أيصعدني يا طلعة البدر طالع ... ومن شقوتي خطب بخدك نازل
ولو أن قسا واصف منك وجنة ... لا عجزه نبت بها وهو باقل
أخذه الشيخ جمال الدين بن نباتة مضمنا فقال:
تطاولت الأغصان تحكي قوامه ... وعند التناهي يقصر المتطاول
وأعيا فصيح الوقت نبت عذاره ... وعير قسا بالفهاهة باقل
وله أيضا
وافى بوجه كالهلال مركب ... في قامة غصنيه هيفاء
وبمقلة خفق الفؤاد وقد رنت ... وكذا الجنون يكون عن سوداء
وله أيضا
أسكرني باللفظ والمقلة ... الكحلاء والوجنة والكأس
ساق يريني قلبه قسوة ... وكل ساق قلبه قاسى
وله أيضا
بأبي شادنا غدا الوجه منه ... يخجل النيرين في الأشراق
سلب القضيب لينها فهي غيظا ... واقفات تشكوه بالأوراق
وله أيضا
لو لم تكن ابنة العنقود في فمه ... ما كان في خده القاني أبو لهب
تبت يدا عاذلي فيه فوجنته ... حمالة الورد لا حمال الحطب
سيف الدين بن المشد
مسكية الأنفاس تملي الصبا ... عنها حديثا قط لم يملل
جننت لما أن سرى عرفها ... وما نرى من جن بالمندل
وله أيضا
وشادن أوردني هجره ... لهيب حر الشوك والفرقه
أصبحت حران إلى ريقه ... فليت لي من قلبه رقه
علاء الدين الوداعي
يفتن بالفاتر من طرفه ... وريقه البارد يا حار
وله أيضا
ألحاظه وهي السيوف كليلة ... ويكون تعذيب الكليلة أطولا
وله أيضا:
ما كنت أول مغرم محروم ... من باخل بادي النفار كريم
وله أيضا:
فديت من مبسمه ... زهر لغصن قده
فصدغه مطوق ... في روضة من خده
وله أيضا:
وذي دلالة أهيف أحور ... أصبح في عقد الهوى شرطي
طاف على القوم بكاساته ... وقال ساقي قلت في وسطي
ابن نباتة:
بروحي مشروط على الخد أسمر ... دنا وفي بعد التجنب والسخط
وقال على اللئيم اشترطنا فلا تزد ... فقبلته ألفا على ذلك الشرط
وله أيضا:
وضعت سلاح الصبر عنه فماله ... يقاتل بالألحاظ من لا يقاتله
وسال عذار فوق خديه جائر ... على مهجتي فليتق الله سائله
وله أيضا:
لا تخف عيلة ولا تخش فقرا ... يا كثير المحاسن المختالة
لك عين وقامة في البرايا ... تلك غزالة وذي قتالة
وله أيضا:
بروحي معسول اللمى متحجب ... إذا لم يزر لم يهن عيش ولا اذا
وإن ذقت منا من حلاوة ريقه ... أتانا رقيب يتبع ألمن بالأذى
وله أيضا:

بأبي نائم على الطرق راحت ... في هواه وليس يعلم روحي
فاتح في الكرى فما سكريا ... يا له من مسكر مفتوح
وله أيضا:
ومن الشقا إن الجفا وتشوقي ... لا ينتهي هذا وذاك إلى الطرف
ما ما غصن قوامه عن فكرتي ... يوما ولا دينار وجنته انصرف
الصلاح الصفدي:
وظبى معانيه بيان بديعها ... له حار فكري إذ رأى كل معجز
قرأت مقامات الحريري كلها ... على خده مشروحة للمطرزي
وله أيضا:
قالت وقد مادت كغصن النقا ... أسرفت في العشق بلا فائدة
فقلت منهوم الهوى لم يكن ... يشبع إن مدت له المائده
ابن الوردي:
ومليح إذا النحاة رأوه ... فضلوه على بديع الزمان
برضاب عن المبرد يروى ... ونهود تروى عن الرمان
وله أيضا:
عجبت في رمضان من مسحرة ... بديعة الحسن إلا أنها ابتدعت
جاءت تسحرنا ليلا فقلت لها ... كيف السحور وهذي الشمس قد طلعت
وله أيضا:
أنحلتني حبيبة ... أنحل الله خصرها
كسرتني جفونها ... ضاعف الله كسرها
وله أيضا:
مليح ردفه والساق منه ... كبنيان القصور على الثلوج
خذوا من خده القاني نصيبا ... فقد عزم الغريب على الخروج
وله أيضا:
تقويم ثغرك صح يا من ثغره ... در يقصر دونه التقويم
إني لأبكي من جفاك ولي أب ... والثغر يضحك منك وهو يتيم
وله أيضا:
ووعدت أمس بأن تزور فلم تزر ... فقعدت مسلوب الفؤاد مشتتا
لي مهجة في النازعات وعبرة ... في المرسلات فكرة في أهل أتى
ابن الصائغ.
يا مليحا روو الناعنة حسنا ... وقبيح إن لم يكن تم حسنا
طبت لفظا مع الرواة ولكن ... ينبغي أن تطيب في الدهر معنى
ابن مكانس.
بأبي عقيقة مرشف ... برت وكانت قبل عقت
فلثمتها ورشفتها ... وقطعتها من حيث رقت
وقال والده:
يقولون هل من الحبيب بزورة ... ومنا كم المطلوب قلت لهم منى
فقالوا لنا غوصوا على دره وما ... يحاكي إذا ما اهتز قلنا لهم غضا
وله أيضا.
بحق الله دع ظلم المعنى ... ومتعه كما يهوى بانسك
وكف الصد يا مولاي عمن ... بيومك رحت تهجره بأمسك
وله أيضا.
يا لائمي إذ فقدت الصبر في قمر ... أصداغه سلبت أهل الهوى وسبت
نبت سيوفي اصطباري عنه حين بدا ... آس العوارض في وجناته ونبت
سيدي أبو الفضل ابن وفاء.
ما خادم واسمه في در مبسمه ... إلا أغن غضيض الطرف مكحول
وريقه مع ثناياه التي انتظمت ... كأنه منهل بالراح معلول
البدر الدماميني.
وبي وجنة حمراء زاد صفاؤها ... فأبدت صافت أبدع الحسن كونها
فدع لائمي ينهى عن الحب جهده ... فما أنا بالسالي صفاها ولونها
وله أيضا.
تناسيت أوصاف من وصله ... ينفي عن القلب جميع الكرب
في الخد تسهيل ومن ثغره ... يطيب للصب ارتشاف الضرب
وله أيضا.
لا ما عذاريك هما أوقعا ... قلب المحب الصب في الحين
فجد له بالوصل واسمح به ... ففيك قد هام بلامين
وله أيضا.
قلت لعطار به صبوتي ... محمودة الصبر لا يستطاب
أسقيتني كاس غرام به ... ذبت وما أحسن هذا الشراب
الحافظ ابن حجر.
سألوا عن عاشق في ... قمر باد سناه
أسقمته مقلتاه ... قلت لا بل شفتاه
وله أيضا.
رسول أتى ممن أحب فقال لي ... ترفق وهن واخضع تفز برضانا
فكم عاشق قاسى الهوان بحبنا ... فصار عزيزا حين ذاق هوانا
وله أيضا.
ضنيت جوى فواصلني حبيبي ... وعاد إلى الجفاء فعاد ما بي
فقلت أعد وصالي قال كلا ... فها أنا ذبت من رد الجواب

وله أيضا.
محبوبتي واصلتني ... والهم عني تشتت
وذاب قلب حسودي ... لما دنت وتفتت
وله أيضا.
وأهيف حياني بطيب وصاله ... ومن ريقه الخمر الحرام حلالي
أدار لي الكاسين خمرا وريقة ... ونزهني عن جفوة وملالي
وله أيضا.
تجرد من أحب فقال لي من ... يلوم وأظهر الحسد المكتم
أجاد لك الحبيب بلثم جسم ... له كالخز قلت نعم وأنعم
التلعفري من قصيدة.
رشأ عهده وجفناه والخصر ... وجسمي كلا أراه عليلا
أشبهته البدر ونورا ولكن ... ما حكمته لونا وخصرا نحيلا
قمر جاعل من القلب والطر ... ف له في سعوده إكليلا
كلما ضل عن طريق جفاه ... ظل فيه من الدليل ذليلا
بعث الصدغ منه فترة الجفن ... لانذار عاشقيه رسولا
وله أيضا من قصيدة.
هذا العذول عليكم ما لي وله ... أنا قد رضيت بذا الغرام وذا الوله
شرط المحبة أن كل متيم ... صب يطيع هوى ويعصى عذله
يزيد بن معاويه.
أليل دجا أم شعرك الفاحم الجعد ... وبدر بدا أم وجهك المشرق السعد
ونرجسة هاتيك أم هي مقلة ... وتفاحة ذاك المضرج أم خد
نقا برد في فيك هذا منضد ... أبيني لنا أم لؤلؤ ضمه العقد
وحقان من عاج لطيفان ركبا ... بصدرك أم ثديان هذان أم نهد
ودعصان إذ وليت أم كفل يرى ... وكثبان رمل في الغلائل أم قد
وأنك لو عاينت ما بي من الأسى ... لقلت جنون ثابت بك أم وجد
إذا ما أتى من نحو أرضك مخبر ... تضوع من أرجائه المسك والند
وقفت فأضجرت الرسولا مسائلا ... وأنشدته بيتا له المثل الغرد
وحدثتني يا سعد عنهم فزدتني ... شجونا فزدني من حديثك يا سعد
وله من قصيدة سلف صدرها في الغيرة.
خذوا بدمي ذات الوشاح فإنني ... رأيت بعيني في أناملها دمي
ولا تقتلوها إن ظفرتم بقتلها ... بل خبروها بعد موتي بمأثمي
وقولوا لها يا منية النفسي أنني ... قتيل الهوى والعشق لو كنت تعلمي
لها حكم لقمان وصورة يوسف ... ونغمة داود وعفة مريم
ولي حزن يعقوب ووحشة يونس ... وآلام أيوب وحسرة آدم
ولما تلاقينا وجدت بناتها ... مخضبة تحكي عصارة عندم
فقلت خضبت الكف بعدي وهكذا ... يكون جزءا المستهام المتيم
فقالت وأبدت في الحشى حرق الجوى ... مقالة من في القول لم يتبرم
وعيشك ما هذا خضابا عرفته ... فلا تك بالبهتان والزور متهمي
ولكنني لما رأيتك نائبا ... وقد كنت لي كفي وزندي ومعصمي
بكيت دما يوم النوى فمسحته ... بكفي وهذا الأثر من ذلك الدم
ولو قبل مبكاها بكيت صبابة ... بسعدي شفيت النفس قبل التندم
ولكن بكت قبلي فهيج لي البكا ... بكاها فكان الفضل للمتقدم
خفاجية الألحاظ مهضومة الحشي ... هلالية العينين طائية الفم
منعمة العطاف يجري وشاحها ... على كشح مرتج الروادف أهضم
وممشوطة بالمسك قد فاح نشرها ... بثغر كان الدر فيه منظم
وله أيضا من قصيدة طويلة
نالت على يدها ما لم تنله يدي ... نقش على معصم أوهت به جلدي
كأنه طرق نمل في أناملها ... أو روضة رصعتها السحب بالبرد
مليحة لو رأتها الشمس ما طلعت ... من بعد رؤيتها يوما على أحد
سألتها الوصل قالت لا تكن عبثا ... من رام منا وصالا مات بالكمد
واسترجعت سألت عني فقيل لها ... ما فيه من رق دقت يدا بيد

واستمطرت البيت السابق في الثغر البهاء زهير:
رقت شمائله فقلت شمول ... وحوى الجمال فقلت ثم جميل
ودنا فما للبين فيه مطمع ... ونأى فما للقرب فيه سبيل
أهواه أما خصره فمخفف ... طاو وأما ردفه فثقيل
ريان من ماء الشباب مهفهفا ... أرأيت غصن البان كيف يميل
حلو التثني والثنايا لم يزل ... لي منهما العسال والمعسول
أحبابنا أن الوشاة كثيرة ... فيكم وأن تصبري لقليل
أيخاف قلبي غدركم مع أنه ... جار أقام لديكم ونزيل
فأصد حتى لا يقال متيم ... وأزور حتى لا يقال ملول
وله أيضا
رعى الله من لم يرع لي حق صحبتي ... وسلم من لم يسخ لي بسلامه
وفي ذمة الرحمن من ذم صحبتي ... ولم أك يوما ناقصا لذمامه
وإني على صبري على فرط هجره ... وقرب مغانيه وبعد مرامه
يحاول طرفي لحظه في خياله ... ويشتاق سمعي لطفه في كلامه
ويوم وقفنا للوداع وقد بدا ... بوجه يحاكي البدر عند تمامه
شكوت الذي ألقى فظل مقابلا ... بكائي وشكوى حالتي بابتسامة
فمارق من شكواي غير خدوده ... ولا لأن من نجواي غير قوامه
وله أيضا:
كلمني والمدام في فمه ... قد عبقت من حباب مبسمه
وراح كالراح في تمايله ... سكران يشتط في تحكمه
بالله يا برق هل تحدثه ... عن نار وجدي وعن تضرمه
وهل نسيم سرى يبلغه ... رسالة من فمي إلى فمه
عجبت من بخله علي وما ... يذكره الناس من تكرمه
هم علموه فصار يهجرني ... رب خذ الحق من معلمه
وله أيضا:
يا من لعبت به شمول ... ما ألطف هذه الشمائل
نشوان يهزه دلال ... كالغصن من النسيم مائل
لا يمكنه السلام لكن ... قد حمل طرفه رسائل
ما أطيب وقتنا وأهنى ... والعاذل غائب وغافل
عشق ومسرة وسكر ... العقل ببعض ذاك زائل
كالبدر يلوح في قناع ... والغصن يميل في غلائل
والورد على الخدود غصن ... والنرجس في الجفون ذابل
والعيش كما أحب صاف ... والأنس بمن أحب كامل
مولاي يحق لي بأني ... عن مثلك في الهوى أقاتل
لي فيك وقد علمت عشق ... لا يفهم سره الأوائل
في حبك قد بذلت روحي ... إن كنت لما بذلت قابل
لي عندك حاجة فقل لي ... هل أنت إذا سئلت باذل
في وجهك للرضا دليل ... ما تكذب هذه المخايل
ما أطلب في الهوى شفيعا ... لي فيك غنى عن الوسائل
ذا العام مضى وليت شعري ... هل يحصل لي رضاء قابل
ها عبدك واقف ذليل ... بالباب يمد كف سائل
من وصلك بالقليل يرضى ... الطل من الحبيب وابل
وقلت وجميعه جناس خطى
هواك مازج روحي قبل تكويني ... وأنت ظلما بنار الهجر تكويبي
صبرت فيك على أشياء أيسرها ... ذهاب نفسي وقوم عنك تلويني
وكلما قلت صحت لي محبتها ... أرى ودادك ممزوجا بتلوين
قد حل عقد اصطباري طول هجرك لي ... وليس غير وصال منك يبريني
إذا شممت شذا رياك منتشفا ... فما نسيم أتى من نحو يبرين
وقلت
هيفاء كالغصن الرطيب إذا انثنت ... تختال في نوبى حيا ودلال
تسبي القلوب بأسرها فجميعهم ... في أسرها لكن يقيد جمالي
يا وجهها الحاوي لبهجة روضة ... أنواره أنت العزيز الغالي
إذ فيك كل عجيبه ما بين تفا ... ح وورد يانع ولآلي
والشهد والخمر والحلال وقرقف ... مع برده يسلي ولست بسالي


يا جفنها الغزال كم من عاشق ... بك في المحبة مثل شن بالي
عجبا تميت العاشقين ونحن لم ... نعرف سوى الأحياء للغزالي
وقلت
وسالبة بالحسن عقل ذوي النهي ... لطلعتها أسني الدراريء آفل
إذا ما تجلت دك طور قلوبهم ... وخروا إلى الاذقان والعقل زائل
فيا كعبة العشاق هل ثم مطلب ... سواك إليه تستحث الرواحل
ويا طلعة أصبحت للحسن جامعا ... له القلب وقف والتبدل باطل
عذولي اتئدوا قصر فكل جوارح ... ي لها عن سماع الزور والعذل شاغل
إذا ما أطلت اللوم لا بد ينتهي ... وعند التناهي يقصر المطاول
لئن لم تزرني أو تمن بنظرة ... وينعم دهري بالذي أنا آمل
فيا موت زران الحياة ذميمة ... ويا نفس جدي إن دهرك هازل
وقلت
أفدي فتاة فتنت مهجتي ... وقد أذيب القلب من صدها
مالي وللدنيا إذا لم تزل ... إذ ليس يحلو العيش من بعدها
يقول لي الآسي وقد راعه ... ما بفؤادي من جوى بعدها
خذ ماء ورد ولسان معا ... تشرب بالماءين من شهدها
قد صدق الآسي ها الدوا ... هو الشفا لو كان من عندها
بان يكون الشهد من ثغرها ... يجني وماء الورد من خدها
وقلت وفيه نكتة حكمية
نار بوجنتك التي حرق الورى ... منها كنار في فؤاد مسعره
لكن يقول الفيلسوف الحر إن ... أفني الرطوبه محرق ما أضمره
فلذاك أحرق مهجتي تصعيد ما ... قطرته أجفاني وخدك حمره
إذ فيه ماء حيا لعشاق غدت ... فيه الحرارة باعتدال مزهره