فصل من كتاب

ديوان الصبابة
ابن أبي حجلة


التفضيل بين البيض و السود والسمر ذوات النهود

وهذا النوع الأخير مما يميل إليه المصريون في الغالب. وللناس فيما يعشقون مذاهب.
فما قيل في تفضيل السمر
لا أعشق الأبيض المنفوخ من سمن
لكنني أعشق السمر المهازيلا
إني امرؤ اركب المهر المضمو في
يوم الرهان فدعني وأركب الفيلا
وقال علي بن الجهم
وعائب للسمر من جهله
فيا ظبي مفضل للبيض ذي محك
قولوا له دعنا أما تستحي
من جعلك الكافور كالمسك
وقال أبو جعفر الشطرنجي:
أشبهك المسك وأشبهته
قائمة في لونه قاعدة
لا شك إذ لو أنكما واحد
أنكما من طينة واحدة
وقال الشريف الرضي في تفصيل السود:
أحبك يا لون السواد فإنني
رأيتك في العينين والقلب توأما
وما كان سهم العين لولا سوادها
ليبلغ حبات القلوب إذا رمى
إذا كنت تهوى الظبى ألمي فلا تلم
جنوني على الظبي الذي كله لما
وقال مسلمة:
لام العواذل في سوداء فاحمة
كأنها في سواد القلب تمثال
وهام بالخال أقوام وما علموا
أني أهيم بشخص كله خال
وقال ابن رشيق:
دعا بك الحسن فاستجيبي
يا مسك في صبغة وطيب
تيهي على البيض واستطيلي
تيه شباب على مشيب
ولا يرعك اسوداد لون
كمقلة الشادن الربيب
وقال آخر:
وإن سواد العين في العين نورها
وما لبياض العين نور فيعلم
وقد ذكرت بقية ما قيل في هذا النوع من المقاطيع الحسان في السكردان عند ذكر الملك الكامل شعبان رحمه الله.
وأما ما قيل في تفضيل البيض على السود فأكثر من أن يذكر له شاهد أو يمتد إليه ساعد المساعد قال الجاحظ والعرب تمدح بالبياض وتهجو بالسواد ولكن ربما مدحوا بالسواد ولكن أصل ما يبنون عليه أمرهم ذمه.
قال كشاجم:
يا مشبهاً في فعله لونه
لم تعد ما أوجبت القسمة
خلقك من خلقك مستخرج
والظلم مشتق من الظلمة
وأما القصيرة الغليظة من النساء فإنها نوع مذموم عند صاحب كل منثور ومنظوم.
قال الشاعر:
وأنت التي حببت كل قصيرة
إلى ولم تشعر بذاك القصائر
عنيت قصيرات الحجال ولم أرد
قصار النساء شر النساء البحاتر
والبحاتر هن القصار الغلاظ.
وقال بعض السلف: جعل الله البهاء والهوج مع الطول والدهاء والدمامة مع القصار والخير فيما بين ذلك. وما أظرف قول الشريف الناسخ:
وأحرباه من هوى قصيرة
في الارض منها ألف ألف قامة
إذا رنا إلى الخفاف طرفها
قال القفايا كاتب السلامة
وبعض الناس يفضل السمان ويقول: السمنة نصف الحسن وهو يستر كل عيب في المرأة ويبدي محاسنها قيل ولهذا قيل جميله لأن الجميلة السمينة من الجمل وهو الشحم وقد تقدم ذكره: