أبواب من كتاب
المحب والمحبوب
والمشموم والمشروب
السري الرفاء

الباب التاسع عشر

الثدي

ذو الرمة:
كأنَّ الفِرنْدَ الخُسْروانيَّ لُثْنَهُ
بأَعطاف أَنقاءِ الكثيبِ العَوانِكِ
بعيداتُ مَهوى كلِّ قُرط عَقدْنَهُ
لِطافُ الحشا تَحت الثُدِيِّ الفَوالكِ
إذا غابَ عنهنَّ الغيورُ تهلَّلتْ
لنا الأرضُ باليوم القصير المُباركِ
علي بن الجهم:
كنتُ أشتاقُ فما يحجزُني
عنكِ إلاّ حاجزٌ يُعجبني
ناهدٌ في الصدر غضبانٌ على
قَبَبِ البطن وطيِّ العُكَنِ
شاخصاً ينظرُ إعجاباً إلى
غَبَبِ الجِيد وحُسنِ الذقَنِ
يملأُ الكفَّ ولا يفضلُها
فإذا ثنَّيْتَهُ لا يَنثني
بكر بن النطاح:
صادَتْكَ من بقرِ القُصور
بيضٌ نواعِمُ في الحريرِ
حورٌ تَحورُ إلى رِضا
كَ بأعْيُنٍ منهنَّ حُورِ
وكأنما بِرُضابِهن
ن جَنى الخمورِ على الثُغورِ
يَصبغنَ تُفّاحَ الخدو
دِ بماءِ رُمَّانِ الصُدورِ
العباس بن الأحنف:
واللهِ لو أَنَّ القلوبَ كَقَلْبِها
ما رَقَّ للوَلدِ الضَعيفِ الوالدُ
جالَ الوِشاحُ على قضيبٍ زانَهُ
رُمَّانُ صدرٍ ليس يُقْطَفُ ناهِدُ
ابن المعتز:
يا غُصُناً إِن هزَّه مشيُهُ
خَشيتُ أن يسقُطَ رُمَّانُه
ارْحمْ مَلِيكاً صارَ مُسْتَعْبَداً
قد ذَلَّ في حُبِّكَ سُلطانُه
علي بن الصباح:
ومَحجوبةٍ عند الوَداعِ رأيتُها
تُنَشِّفُ دمعاً بالرِداء المُمَسَّكِ
وتبكي حِذارَ البيْنِ منها بعبرةٍ
تسيلُ على الخدَّيْنِ في حُسن مَسلَكِ
فتحسَبُ مَجرى الدمعِ في وَجَناتها
بَقيَّةَ طَلٍّ فوقَ وردٍ مُمَعَّكِ
وقد سَفَرتْ عن غُرّة بابِليَّةٍ
وصدرٍ به نَهدٌ كحُقٍ مُفَلَّكِ
ديك الجن:
ذاتُ سَراويلَ تحتَ أَقمِصَةٍ
من فِضَّةٍ حُفَّتا بفَصَّيْنِ
شاطِرةٌ كالغُلام فاتِكَةٌ
تَصلُحُ من طَبِّها لأَمريْنِ
قدُّ غُلامٍ وخَلْقُ جاريةٍ
قامتْ من الطّيبِ بينَ خَلْطيْنِ
عمرو بن كلثوم:
تُريكَ إذا دخلتَ على خَلاءٍ
وقد أَمِنَتْ عيونَ الكاشِحينا
ذِراعيْ عَيْطَل أَدماءَ بِكْرٍ
هِجانِ اللون لم تَقرأْ جَنينا
وثَدياً مثلَ حُقِّ العاجِ رَخْصاً
حَصاناً من أكُفِّ اللاّمِسينا
ومنه أخذ أبو نواس قوله:
وَلو شِئْتُ قد رَادَتْ يدِي تحتَ قَرْقَلٍ
من المَسِّ، إِلا مِن يَدَيَّ، حَصانِ
السروي:
وحَقِّ الخُدورِ وحَقِّ الكِلَلْ
وعذبِ مواقِعِ رشْفِ القُبَلْ
ونرجِستيْنِ لَدى ورْدَتَيْنِ
ورُمَّانتيْنِ على غُصنِ دَلْ
أُعاتِبُهنَّ فيُظْهِرْنَ لي
حَبَابَ الدُموعِ وجمْرَ الخَجَلْ
مسلم بن الوليد:
فأَقسمتُ أَنسى الداعياتِ إلى الصِّبا
وقد فاجَأَتْها العينُ والسِّترُ واقعُ
فَغَطَّتْ بأَيديها ثِمارَ نُحورها
كأَيدي الأَسارى أَثْقَلَتْها الجَوامِعُ
ابن الرومي:
صُدورٌ زانَهنَّ حِقاقُ عاجٍ
وحَلْيٌ زانَهُ حُسنُ اتِّساقِ
يقولُ الناظِرونَ، إِذا رأَوْهُ،
أَهذا الحَلْيُ مِن هذي الحِقاقِ
وما تلكَ الحِقاقُ سوى ثُدِيٍّ
قُدِرْنَ من الحِقاقِ على وِفاقِ
نواهِدُ لا يُعَدُّ لَهنَّ عَيْبٌ
سوى منعِ المُحِبِّ من العِناقِ
وهذا من نادر معاني ابن الرومي. إلا أنه ألم بقول الأعرابي؛ ولعمري إنه أبدع واستوفى المعنى:
أَبَتِ الروادِفُ والثُدِيُّ لِقُمْصِها
مَسَّ البطونِ، وأَن تَمَسَّ ظُهورا
وإِذا الرِياحُ مع العَشِيِّ تناوَحتْ
نَبَّهْنَ حاسِدةً وهِجْنَ غَيورا
غُصنٌ من الأبنوس رُكِّبَ في
مُؤْتَزِرٍ مُعجِبٍ ومُنتطقِ
يَهتزُّ من ناهِدَيْهِ في ثَمَرٍ
ومن دواجي ذُراه في وَرَقِ
هيفاءُ زِينَتْ بحُسن مُحتَضَنٍ
أَوْفى عليه نُهودُ مُعْتَنَقِ
محمد بن مناذر:
ولها ثَدْيانِ ما عَدَوا
من حِقاقِ العاجِ أن كَعَبا
قُسِمتْ نِصفيْن: دِعْصَ نَقاً
وقَضيباً لانَ فاضْطرَبا
وله:
والبطنُ ذو عُكْنةٍ لطيفُ
صفْرٌ وشاحاهُ جائلانِ
أَشرفَ من فوقِه عليه
ثدْيانِ مِثْلانِ ناهِدانِ
وابن مناذر هذا هو الذي قال له أبو العتاهية: كم تقول في اليوم من الشعر؟ فقال ابن مناذر: الخمسة والثلاثة. فقال أبو العتاهية: لكني أقول المئة والمئتين. فقال ابن مناذر: أجل، لأنك تقول:
يا عُتْبَ مالي ولَكِ
يا لَيْتَني لم أرَكِ
وأنا أقول:
سَتُظْلمُ بغدادٌ ويَجلو لنا الدُجى
بمكَّةَ، ما عِشنا، ثلاثةُ أَقْمُرِ
إذا نَزَلوا بَطحاءَ مكّةَ أشرقتْ
بِيَحيى وبالفَضل بن يَحيى وجعفرِ
وَما خُلِقَتْ إلا لِجودٍ أكفُّهم
وأقدامُهم إلاّ لأَعوادِ مِنْبَرِ
ولو أردت مثله لطال عليك الدهر.


الباب العشرون
نعت الأرداف

عبد الله بن الصمة:
لها فَخِذٌ بُخْتِيَّةٌ بَخْتريِّةٌ
وساقٌ إذا قامت عليها اتْمَهَّلت
وخصرانِ دَقَّا في اعْتدالٍ ومَتنةٌ
كمتنةِ مَصقولٍ من الهِندِ سُلَّمتِ
وعينا أحَمِّ المُقلتينِ ومَضحكٌ
إذا ما جرتْ فيه المساويكُ زَلَّتِ
ذو الرمة:
كأنَّ أَعجازها والرِيطُ يعصِبُها
بين البُرين وأَعناقِ العَواهيجِ
أَنقاءُ ساريةٍ حلَّت عَزالِيَها
من آخر الليلِ ريحٌ غَيرُ حُرجوجِ
ابن حازم:
يَروعُكَ حُسنُ منظَرِهِ
وتَخْشَعُ مِن تَجِبُّرِهِ
وما كِسرى بِأَتْيَهَ مِنْهُ
يومَ غدا لِمَفْخَرِهِ
هَضيمُ الكَشح يُزهاهُ
قضيبٌ تحت مِئْزَرِهِ
ومطويٌّ على عُكَنٍ
تَظاهَرُ عند مَحْسَرِهِ
ولحظٌ يبعثُ الحركا
ت منك على تَذكُّرِهِ
فما أَدْري بأوَّلِهِ
سَباني أم بِأخِرِهِ
خالد:
ومريضِ طرفٍ ليس يَصْرِفُ طرفَه
نحو امرئٍ إلا رَماه بحَتْفِهِ
قد قُلتُ إِذ أبصرْته مُتمايلاً
والرِدْفُ يَجذِبُ خصرَهُ من خَلفِهِ
يا مَن يُسَلِّمُ خصرَه من رِدفِه
سَلِّمْ فؤادَ مُحبِّهِ من طَرْفِهِ
وقال ذو الرمة:
ضَناكٌ بَخَنْداةٌ كأنّ حِقابَها
إذا انْجردَتْ مِن كلِّ دِرعٍ ومِفْضَلِ
على عانِكٍ من رملِ بيَرين بَلَّهُ
أَهاضيبُ تلبيدٍ فلم يَتَهيَّلِ
وقال الزاهي:
أَردافُ عِينٍ وأوساطُ الزنابيرِ
فوق المعاقِدِ تُطوى كالطَّواميرِ
أنقاءُ أكثبةٍ من فوقِها قَصَبٌ
ذُبلُ الخصورِ بِشدّاتِ الزَنانيرِ
يومَ السَعانينِ لاحَتْ في مَطارِفِها
تِلكَ الوجوهُ كأَمثالِ الدَنانيرِ
سودُ العَمائمِ صُفرٌ قد جَلَوْنَ لنا
ألوانَ من عَلَّلوهُ بالمعاذيرِ
سبحانَ خالِقِها ماذا أَرادَ بها
تلكَ المحاسن في تلكَ التصاويرِ
ذو الرمة:
أَلا لا أُبالي الموتَ إن كانَ قَبْلَه
لِقاءٌ لِمىٍّ وارتجاعٌ من الوَصلِ
أَناةٌ كأنّ المِرْطَ حين تَلوثُه
على دِعْصَة حمراءَ من عُجَمِ الرملِ
أَسيلةُ مُسْتَنِّ الوِشاحيْنِ قانِيء
بأطرافها الحِنَّاءُ في سَبِطٍ طَفْلِ
مِنَ الواضِحاتِ البيضِ في غَيْرِ مُرهَةٍ
ذواتِ الشفاه اللُعْس والحَدَقِ النُجْلِ
وهذا استثناء في صفة النساء بخلوص البياض وإيفاء الوصف حقه بتقييده في عجز البيت باللعس والكحل ما أطلقه في صدره من الوضح والبياض.
أبو عبادة:
إذا نَضَوْنَ شُفوفَ الرَّيْط آوِنَةً
قَشَرْنَ عن لُؤلُؤِ البحريْن أَصدافا
نواصِعٌ كسيوف الهِندِ مُشعَلةٌ
ضوْءاً ومُرهَفةٌ في الجدْلِ إِرهافا
كأنَّهنَّ وقد قابَلنْ في طَرفي
ضِدَّيْن في الحسنِ تَبْتيلاً وإِخطافا
رَدَدْنَ ما خفَّفت عنه الخصورُ إلى
ما في المآزِرِ فاستَثْقَلْنَ أَردافا
وفي ذكر السيوف تشبيه أبي تمام أعجب حيث يقول:
فما صُقِلَ السيفُ اليَماني لمَشهدٍ
كما صُقلتْ بالأمسِ تلكَ العوارضُ



الباب الحادي والعشرون
السوق وامتلائها والقصب وخدالتها

وهذا مسلم للمتقدمين وهم يضعون فيه الهناء مواضع النقب، ويطبقون المفصل.
قال كثير عزة:
أولات سَوالِفٍ غُرٍّ وقُبٍّ
مُخَصَّرةٍ وأَعجازٍ ثِقالِ
ويَجْعلنَ الخَلاخِلَ حين تلوى
بِأَسوُقِهنَّ في قَصَبٍ خِدالِ
عروة:
فقُمنَ بَطيئاً مَشيُهُنَّ تَأوُّداً
على قَصَبٍ قد ضاق عنه خَلاخِلُهْ
كما هزَّتِ المرَّانَ ريحٌ فحرَّكتْ
أَعالِيَ منهُ وارْجَحنَّتْ أَسافِلُهْ
ذو الرمة:
رَخِيماتُ الكلامِ مُبطَّناتٌ
جَواعِلُ في البُرى قَصَباً خِدالا
كأَنَّ جلودَهُنَّ مُمَوَّهاتٌ
على أَبشارِها ذَهَباً زُلالا
جَمعْن فَخامةً وخُلوصَ عِتْقٍ
وحُسناً بعدَ ذلكَ واعتِدالا
وليس لأحد من الشعراء العرب، في نعت محاسن النساء، ما لذي الرمة من الأوصاف البارعة، بجودة سبك، وكثرة ماء، ورقة لفظ، حتى كأنه حضري من نازلة المدر لا سكان الوبر، وهو بجفوة البدو وعنجهية الصراحة فهو أعرابي مهاجر، ووحشي حاضر.
وقال الأشجع:
نَفْسي الفداءُ لِشادنٍ
يَهْوَى ويمنَعُهُ نِفارُهْ
ظبيٌ يجولُ وِشاحُهُ
ويَغُصُّ في يَدِهِ سِوارُهْ
ابن الطثرية:
هَضيماتُ ما بين التَرائِبِ والكُلَى
لِطافُ الخُصورِ صامِتاتُ الخلاخِلِ
عفيفاتُ أَسرارٍ، بَعيداتُ رِيَبةٍ
كثيراتُ إِخلافٍ، قليلاتُ نائلِ
مِراضُ الجُفونِ في احْوِرارِ مَحاجِرٍ
طِوالُ المُتونِ راجِحِاتُ الأَسافِلِ
القطامي:
خَوْدُ مُنَعَّمَةٌ نَضخ العَبير بها
إِذا تَميلُ على خَلخالِها انْفَصما
ليستْ ترى عَجَباً إِلاّ بدا بَردٌ
غُرُّ المَضاحِك ذو نَوْرٍ إذا ابْتَسما
ذو الرمة:
ضَرجْنَ البُرودَ عن ترائب حُرَّة
وعن أَعيُن قتَّلْننا كلَّ مَقتَلِ
إِذا ما اْلتَقَيْنَ من ثلاثٍ وأربعٍ
تَبَسَّمْنَ إيماضَ الغَمام المُكَلَّلِ
يُهادينَ جَمَّاءَ المرافِق وَعْثَةً
لطيفةَ حَجْم الكعب رَيّا المُخَلْخَلِ
الأشجع:
جارِيةٌ تهتزُّ أَطرافُها
مُشبعةُ الخَلخالِ والقُلْب
أَشكو الذي لاقيْتُ من حُبِّها
وبُغضِ مَولاها إِلى رَبّي
مِن بُغض مولاها ومِن حُبِّها
نَزَلْتُ بين البُغض والحبِ
فاعْتَلجا في الصَّدر حتى اعْتلى
أَمرُهما فاقْتَسما قَلبي
ابن هرمة:
بِنفْسِيَ صَبْحاءُ سَيفانَةٌ
تَكْظُّ البُرى وتُجيعُ الوِشاحا
كأنَّ قلائِدَها عُلِّقَتْ
على ظَبيةٍ تَتقرّى البِطاحا
حراديةٌ أَبصرتْ رامياً
يُقَلِّبُ في راحَتيْه قِداحا
فأوْفَتْ على شَرَفٍ تَستَخيرُ طَلاً تتنسَّمُ منه رِياحا
ذو الرمة:
وَبيضاً تهادى بالعَشيِّ كأنّها
غَمامُ الثُريّا الرائحُ المُتَهلِّلُ
خِدالاً قَذفْن السورَ منهنَّ والبُرى
على ناعمِ البَرْدِيِّ بل هنّ أَخدَلُ
نَواعمُ رَخْصاتٌ كأنّ حديثَها
جَنى الشَّهدِ في ماءِ الصَّفا مُتَشَمَّلُ
رقاقُ الحواشي مُنْفِذاتٌ صدورَها
وأَعجازُها عمَّا بها اللهوُ خُذَّلُ
أولئكَ لا يوفين شيئاً وَعدْنَه
وعنهنَّ لا يصحو الغَويُّ المُضلَّلُ
عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص:
هيفاءُ فيها إذا اسْتقبَلْتَها عَجَفٌ
عَجزاءُ غامضةُ الكعبيْنِ مِعطارُ
من الأوانسِ مِثلُ الشمسِ لم يَرَها
بساحةِ الدارِ لا بعلٌ ولا جارُ
ذو الرمة:
لها قَصَبٌ فَعْمٌ خِدالٌ كأنهُ
مُسَوِّقُ بَرْدِيٍّ على حائرٍ غَمْرِ
سَقِيَّةُأعدادٍ يبيت ضجيعُها
ويُصبحُ مَحبوراً وخيراً من الحَبْرِ
تُعاطيه برَّاقَ الثَنايا كأنهُ
أَقاحِيُّ وَسْمِيٍّ بِسائِفَةٍ قَفْرِ
كأن النَدى الشَتويَّ يَرْفَضُّ ماؤهُ
على أَشنَبِ الأَنيابِ مُتَّسِقِ الثَغرِ
وقال:
وفي المِرط مِن ميٍّ تَوالي صَريمةٍ
وفي الطَوْق ظبيٌ واضحُ الجيدِ أَحورُ
وبين مَلاثِ المِرْط والطوِق نَفْنَفٌ
هضيمُ الحشا رَأْدُ الوِشاحينِ أَصفَرُ
تَنوءُ بأُخراها فَلأياً قِيامُها
وتَمشي الهُوَيْنى من قريبٍ فَتُبْهَرُ
وفي العاج منها والدَماليجِ والبُرى
قناً مالِيء للعينِ ريَّانُ عَبْهَرُ
خَراعِيبُ أُمْلودٌ كأن بَنانَها
بَناتُ النَقا تَخْفى مِراراً وتَظهرُ
ترى خَلْفَها نِصفٌ قناةٌ قويمةٌ
ونِصفٌ نَقاً يَرتَجُّ أو يَتَمَرْمَرُ
عمر بن أبي ربيعة:
سَتروا الوجوهَ بأذرُعٍ ومَعاصِمِ
ورَنَوْا بِنُجْل للقلوبِ كَوالمِ
حَسروا الأَكِمَّةَ عن سواعدِ فضّةٍ
فكأنما ابيضت مُتونُ صوارمِ
ذو الرمة:
مِنْ كُلِّ عَجزاءَ في أَحشائها هَضَمٌ
كأن حَلْيَ شَواها أُلْبسَ العُشَرا
لَمياءُ في شَفتيْها حُوَّةٌ لَعَسٌ
كالشمسِ لما بَدَتْ أو تُشبهُ القمرا
الشماخ:
هَضيمُ الحشا لا يَملأُ الكفَّ خَصرُها
ويُملأُ منها كلُ حِجل ودُمْلُجِ
تَميحُ بمسواكِ الأَراكِ بَنانُها
رُضابَ الندى عن أَقحوانٍ مُفَلَّجِ
ذو الرمة:
وعَيْناءَ مِبْهاجٍ كأنَّ ثِيابَها
على واضحِ الأَقرابِ من رمل عاجِفِ
تَبَسَّمُ عن أَحوى اللِّثاتِ كأنهُ
ذُرا أُقحوانٍ من أَقاحي السَّوائِفِ
ابن الطثرية:
من كلِّ بيضاءَ مِخماصٍ لها بَشَرٌ
كأنه بِذَكيِّ المِسك مَعْلوُلُ
تخطو على قَصَبٍ خَدْلٍ تُقلُّ بهِ
روادفاً كالنَّقا فيهن تَبْتيلُ
والجيدُ أَتلعُ والأُطرافُ ناعمةٌ
والكَشْحُ مُنهَضِمٌ والمَتْنُ مَخْذُولُ
ذو الرمة:
أَناةٌ تلوثُ المِرْطَ عنها بدِعْصَةٍ
رُكامٍ وتَجْتابُ الوِشاحَ فَيَقْلَقُ
وتَبْسِم عن نَوْرِ الأَقاحيِّ أقْفَرَتْ
بِوعْساءِ معروفٍ تُغامُ وتُطْلَقُ
المفجع:
أَيخفى حُبُّ علوةَ كيف يَخْفى
ونيرانُ الصَبابَةِ ليس تُطْفا
ومن مزجت له كأسُ التصابي
فإني قد شَرِبْتُ الحُبَّ صِرْفا
تَراها كالقضيبِ اللَّدْنِ ليناً
تَمِيسُ وكالنقا تَرْتَجُّ رِدْفا
ولولا أَنها بَشَرٌ لقُلْنا
براها اللهُ مِن ذَهبٍ مُصَفَّى
فأَكْمل خَلْقَها وأَتَمَّ مِنها
مَعانِي حُسْنِها حرفاً فَحَرْفا
لَئِنْ راقَتْكَ مِلْءَ العينِ حُسناً
لقد ساءَتْك مِلْءَ النفسِ حَتْفاه
سعد الجعدي:
أَيا ظبيةَ الوَعْساءِ أنتِ شَبيهةٌ
بذَلْفاءَ إِلاَّ أَنها لا تُعَطَّلُ
مُنعمةٌ خَودٌ يجولُ وِشاحُها
عليها ويَأْبى أن يجولَ المُخَلْخَلُ
الراجز:
غَرْثى الوِشاح كَزَّةُ الدَمالجِ
مَلاثُ مِرْطيْها كرملٍ عالجِ



الباب الثاني والعشرون
نعت القدود

ابن مقبل:
يَهْزُزْنَ للمَشْيِ أَعطافاً مُنَعَّمَةً
هَزَّ الشَمالِ ضُحىً عيدان يَبْرينا
أو كاهتزاز رُدَيْنِيٍّ تَرادفهُ
أَيدي التِّجار فزادتْ متنَه لينا
بِيضٌ يُجرِّدْنَ من أَلْحاظِهنَّ لنا
بيضاً ويَردينَ ما جرَّدْنَه فينا
ذو الرمة:
بَيضاءُ يجري وِشاحاها إِذا انصرفتْ
منها على أَهْضَمِ الكَشْحين مُنْخَضِدِ
يَجلو تَبسُّمُها عن واضحٍ خَصرٍ
تَلأْلُؤَ البرقِ عن ذي لَّجةٍ بَرِدِ
ابن أبي البغل:
كأَنّه في اعتِدالِهِ غُصُنٌ
وفي السراويلِ منه أَمواجُ
إذا مشى كالقضِيب جاذَبَهُ
رِدْفٌ له كالكَثيب رَجْراجُ
ويعلمُ اللهُ أَنني رجلٌ
إِليهِ مُذْ قد كَبِرتُ مُحتاجُ
آخر:
أَهْيَفُ القَدِّ بَديعٌ في الصورْ
رِدفُه دِعصٌ، وأعلاهُ قَمَرْ
ما رَآهُ الطرفُ إِلاّ قال لي
احبِسِ اللَّحظَ عليه وانْتَظِرْ
فَبقلبي أَثرٌ من لَحظِهِ
وبخَدَّيْهِ من اللحظِ أَثَرْ
كُلما زِدْتُ إِليهِ نظراً
زادَ حُسناً عند تَكْرارِ النظَرْ
كشاجم:
بُلِيتُ بأَحسنِ الثَقل
يْن إقبالاً ومُنْصَرَفا
كحدِّ السيف أَلْحاظاً
وغُصنِ البانِ مُنْعَطَفا
يُسَوِّفُني بِنائِله
وقد أَهدى ليَ الأَسَفا
فآخُذُ وصلَه عِدةً
ويأخُذُ مُهجتي سَلَفا
العلوي البصري:
كغُصنِ البانِ يَجذِبُه كثيبٌ
فَيَطْلُعُ مثلَما طَلَع الرَهِيصُ
وأَتعَبَ رِدفُه حِقويْه حتى
شكا من ثِقْلهِ الكَشحُ الخَميصُ
أَغار من القميصِ إِذا عَلاهُ
مَخافةَ أَنْ يُلامسَه القميصُ
ومالِفَتى رماه بِسَهْم حَتفٍ
عن الأسقامِ والبَلْوى مَحيصُ
آخر:
مُعتدِلٌ في كلِّ أَعطافهِ
مُستَحْسَنُ القامةِ والمُلْتَفَتْ
لو قِيست الدنيا ولذّاتُها
بِساعةٍ مِن وَصْلهِ ما وَفَتْ
سُلِّطَتِ الأَلحاظُ منه على
قلبي، فلو أَوْدتْ به ما اشْتَفَتْ
واسْتعذَبَتْ روحي هواه فما
تَصحو، ولا تسلو ولو أُتْلِفَتْ
آخر:
وَيلي على قمرٍ أَوفى على غُصُنٍ
يَهتزُّ في أَهْيَفٍ قد رانهُ الترفُ
يكادُ من قَضَفٍ ليناً ومن ترفٍ
لولا أُعَوِّذُه بالله يَنْقَصِفُ
أبو فراس:
غلامٌ فوقَ ما أَصِفُ
كأنَّ قوامَه أَلِفُ
إِذا ما مالَ يَرْعِبُني
أَخافُ عليه يَنْقَصِفُ
وأُشفِقُ من تَأَوُّدِهِ
أَخافُ يُذِيبه التَرَفُ
سُروري عندهُ لُمَعٌ
ودَهري كُلُّه أَسفُ
وأَمْري كلُّهُ أَمَمٌ
وحُبي وحدَه سَرَفُ
الحسين بن الضحاك:
مُحبُّكَ يبكي لطول السَّقَم
تَداوَلُه فيكَ أَيدي الأَلمْ
تَجَنَّبْتَهُ فهو بادي الشحو
بِ وأَدمعُهُ للضَنى تَنْسجِمْ
أيا عصْنَ بانٍ غداةَ النعيم
ويا قمراً لاحَ جُنْحَ الظُلَمْ
خَفِ اللهَ في عاشِقٍ مُدْنَفٍ
بِحُبكَ مما بهِ يَعْتَصِمْ
الواسطي:
أَبلى فُؤادي بِطول تَعذيبهْ
وقَدِّهِ واعْتِدالِ تَركِيبهْ
ولاحَ من جَيْبِهِ الهِلالُ لنا
والغُصُنُ النَّضْرُ من جَلابِيبِهْ
كَلْفَ لي كاذِباً لِيقَتُلَني
وَيْلايَ مِنهِ ومِن أَكاذيبِهْ
لو أَبصَرَ القَسُّ حُسنَ صورَتِه
صَوَّرهُ القَسُّ في مَحاربيِهْ
الخبزرزي:
أَهيفُ يَحكي بقدِّه الأَلِفا
يَخسَرُ من لم يكُنْ بهِ كَلِفا
أحسنُ مِنَ بهجةِ الخِلافة والأمْنِ لِمنْ قد يُحاذِرُ التَلَفا
لو أَبصرَ الوجهَ منه مُنَهزِمٌ
يَطلبُه ألفُ فارِسٍ وَقفا
وقد خطأ أبو القاسم الآمدي، في كتاب الموازنة بين الطائيين، أبا تمام في قوله:
مِن الهِيفِ لو أَنَّ الخلاخيلَ صُيِّرتْ
لها وُشُحاً جالتْ عليها الخَلاخِلُ
وكذلك رد عليه قوله:
دعا قلْبُهُ: يا ناصِرَ الشوقِ دعوةَ
فلبَّاهُ طَلُّ الدمعِ يَجري ووابِلُه
والصواب في البيتين في يد أبي تمام. وأبو تمام قلما يؤتى من المعاني، وإنما يتعمق فيحيل. والقلب إذا أكره عمي. والخاطر إذا اعتسف تبلد. وأحسن الكلام ما أخذ عفوه، وقبل ميسوره. واللفظ صورة والمعنى روح لها، وبها يكتحل البصر أولاً، فإذا راقت وحسنت اغتفر ما دونها من خلل.
وقد أخذ على أبي تمام أبو الضياء مؤلف سرقات الآخر من الأول قوله في الحسن بن وهب:
نَبَتُّ على مواهِبَ منكَ بيضٍ
كما نَبتَ الحَلِيُّ على الوَلِيِّ
وفسر أبو القاسم الآمدي قول ذي الرمة وغلط فيه:
وليلٍ كَجِلبابِ العروس ادَّرَعْتُهُ
بأَربعةٍ، والشخصُ في العَيْنِ واحدُ
وله في تفسير شعر الطائي، في كتاب الموازنة، هفوات كثيرة.