المشاركات الشائعة

السبت، 11 ديسمبر 2010

تجهم السماء
الشاعر التشيلي غونسالو روخاس

ترجمة: عصام الخشن



1

عشقت فتاة من زجاج.
شفافة ووحشية هذا الصيف.
تولّعت بأنفها المرهف.
فأنزل شعرها الطويل الأسود،
البلوى في شهوتي..
وكانت ، كيف أشرح ذلك؟
عبيراً ، وبشرة يلفّها نوع من هالة نزقة هستيرية
كانت اثنتين على الأقل: تلك التي تنشج
وتلك التي تتكلم بمفردها مع الملائكة،
وكانت اللعبة بكل جلاء
تعني نسف الاستقرار
ما أن تصل من الشارع بذاك الجمال القاطع
جمال ذوات الثلاثينات اللواتي عرفن كل شئ تقريباً
من الوضع إلى الهيام.
تستلقي
هنا على ذاك السرير.. والنوافذ مفتوحة على البحر
البحر كان أكثر ما تحبه
الحالة بالتحديد/ كانت عدم هوادة قلبها
كانت تقول إن العالم لا يهمها شروى نقير..
وبالفعل
لم يكن يهمها إلا ما ندر...
فمحور دورانه على نفسه
ودورانه حول فلكه كان المضاجعة.
بالأصح المضاجعة خيالياً
كانت على سبيل المثال تقول لي:
سأطير الآن .. فتطير
من السرير إلى السقف،
مسافة عشرة أمتار، أو ما يقاربها
كمن يسبح في الهواء على ظهره بطريقة الفراشة.
بالمختصر فأنا متأكد من أنها تطير
ولكن دون الخروج من جسدها، أي أنها كانت
تخرج ولا تخرج!!
كل شئ كان صعباً، فهي تحب رجلاً آخر
وأنا بعمر الشيخوخة.
ومع ذلك فإن الانتصاب كان على حاله
لقد كانت بكل ما في الكلمة من معنى تحب آخر.
على الأقل كانت تقول بأنها تعشق رجلاً
مقيماً في الجنوب.
حسناً
d´accord
إن الخاسر هو الهاوية..
كل واحد يحبّ سامّته على هواه..
وأنا أحببت سامّتي
يستحيل أن أنزعها من نخاعي.
ولا أعرف إلى متى.. وحين أرمقها من بعيد
هذا اليوم الجمعة، أتصوّر قدميها
إلى أين ستبلغان؟
وخط الحياة في كفّها قصير
هذا مكتوب في "التشينغ - 1"
وأخيراً
فإن الجنون لم يقتحمني ، بل كنت أنا الذي
ولجت فيه
والسماء موعودة للمحاصرين.



2
ترى ماذا أعشق فيك؟
ابتسامتكِ القهقاهة
أم الإبطين - عندما تتعرين - أم حرارة أنفك
بغضاريفه التي تعود إلى عصور النهضة.
آه .. والشعر
ذلك الأسود الذي أهيم فيه
وهو يغطي ظهرك من الشمال إلى الجنوب.
أم وهج سمرتكِ، مبعث شذوذي
وتعبّدي؟
هكذا الحال بيننا نحن الاثنين : مستحيلة.
اليوم عيد ميلادك السادس والثلاثين
أراك نحيلة القد.
أما أنا فلا أعرف القارب إلا من الداخل
أنا وآخرين
ولكن لندع الحديث عن الناجين من الغرق..
لا شئ إذن عن الحياة الفائضة
ما نفع الحياة الفائضة، إنها حالة ميؤوس منها
هي الحالة الوحيدة المطروحة.
الفراشة هي حالة عضال ميؤوس منها،
بيكاسو حالة ميؤوس منها.
بيكاسو الذي ابتدع الفراشة
عندما اقتحم جاكلين فيما بعد السبعين
هي الحالة الميؤوس منها.
والمسألة التي لا تتعدى الشهرين
من أعجوبة عشاء الجنين..
بيكاسو
ورقصته، هذا إذا دامت له أكثر من الرسم.
تقولي بأنك ستذهبين... حسناً ستغادرين
هذا اليوم بالذات في تلك الطائرة إلى الجنوب
ستذهبين بغاية السرعة كما أتيتِ، فانسِ
هذا الصيف .. فعلى كل حال كنت جزءً من
انبعاثي.. وفي نهاية المطاف لم أقبع
متجمّداً في غرفة التخدير، فكل شئ
كان بمنتهى المرونة، وحضرتك كنت سعيدة
وأنا كنت سعيداً.. والوداع المضمّخ بالدماء كان سعيداً

3
الافتتان
ليس بحيوانات النشوة المنوية، وإنما
بمنيّ الكتابة أقول للحمامة
افتحي لي أيتها الحمامة ، فتنفتح
استقبليني، فتستقبلني منتصباً جلموداً
عندها بالذات نطير..
ونطير إلى أبعد من جذور الخليقة.
سبعون مرّة سبعة، وذاتكم تنشج
في نشوتها، لقد خلقت من أجلكِ
فأنت محكّمة بي، أنا أعمى عبيرك.
أقبّل إذاً عطراً لم أتنشّقه من امرأة أبداً
هاكِ..
خبئي لي - وأنا أقتحم شريانياً - حليب
التنّين هذا..
لغاية الانبعاث من قامتك.
قامة المخمل والبظر.
والمزيد من البظر في جنون السلالة والجنس..
لأكفن فيما بيننا.
إلى من يتملّكها.
آه أيها الجسد
الذي كان جسداً أبديّاً..
لمسة لك
طقوس عبادة، والقبلة التي تعدو كما العاصفة
و لو كنتُ قبلةُ امرأةٍ
لأعويكِ منّي يا ذئبتي
نهر ريو توربيو (النهر العكر) ينحدر لغاية
قارة أنتارتيكا، المجنونة مثلي،
أنا رنين البدء
من تاريخ.. وغبار.. وعشق صنعنا.
أحدنا يقرأ النجوم بكسل بالسنسكريتية:!
واحد
ماذا يكتب أحدنا؟
أجيبونا بصراحة يا كل من تيريسا دي أتيلا
وفيرجينيا وولف، وإميل، وبرونيتو المتنقّل من قفر إلى آخر
وفريدا المقطعة الأشلاء
التي تحلّق هنا وهناك
أجيبونا: ماذا يكتب واحدنا؟


ليست هناك تعليقات: