المشاركات الشائعة

السبت، 11 ديسمبر 2010

أنشودة الأنثى
عمر إدلبي


شـفيفٌ مَداهـا.
تُسمّى بياضَ النّدى،
وتنادي السماءُ بعطرِ اسمها ملكاً
فوق عرشِ الفراديسِ،
يا شجرَ الضّوءِ
سمِّ بآلاءِ أقمارِهَا
كلّما لفَّكَ الليلُ،
واهبطْ سلالمَ وردِكَ
كيما ترى الصبحَ أزهَرَ،
واسجدْ لزيتونة العشقِ سبعاً،
وضُـمَّ نَداهـا.
ويا ماسـةَ الليلِ
طوفي ببيتِ الأريجِ
وصلّي بمحرابِ عنبرِها وهُداهـا.
ويا خازنَ الماءِ
مرَّ على نهرها،
واقتطفْ غيمةَ الّلوزِ
من تحت جسرٍ،
تمرُّ عليه خلاخيلُ فضّتِها ورؤاهـا.
شـفيفٌ مداهـا.
وما كان هذا المدى كائناً
لو تخلّى عن الخلقِ فيه سناهـا.
هو الكونُ أنثى.
على راحتيها تدورُ الفصولُ،
ومن دمها يشرقُ النورُ أكمَلَ،
قيثارةُ القلب حين تبوحُ
تغنّي لأنثى.
وفي الدّرب ما بين أغنيةٍ وبكاءٍ
أتيهُ
إذا ما غزالُ القصيدة سَابَقَ ناياتِها،
والرهانُ لها،
ليس تذوي القصائدُ
إلا إذا انكسرَ الحبرُ
وهو يحدِّثُ أشجارَها
عن فتوحِ الرّبيعِ،
فتبكي،
وتنشقُّ بين يديها السماءُ،
القصيدةُ أنثى،
حروفُ الكلام يواقيتُ ضحكتها،
وتراتيلُ فِكرَتها،
في الأساطيرِ يحدُثُ أنَّ اللغاتِ
التي تَسَعُ الكائناتِ
توجِّه وجهَ الصّلاةِ لأنثى،
لعلَّ رضاها يتمِّمُ نعمَتَهُ،
ويضيءُ لها حُجُبَ الصوتِ،
والغيمُ أنثى،
بساتينُ حبٍّ تطلُّ
متى نهض الماءُ من غفوة الغيمِ،
أجنحةُ الريحِ تنسِلُ من رئةِ البحرِ
حتى تصيرَ ممالكَ زرقاً
على الأفق الساحليِّ،
مباركةٌ شرفةُ اللازَوَردِ
إذا مسَّ ريحانَها عطرُ أنثى.
لها الأرضُ لؤلؤةٌ من نباتٍ
يخضِّبُها الماءُ،
آن تدورُ
تدورُ لمجدِ عذاباتها السرمديِّ،
لعلَّ قناديلَ أشجارها تلثُمُ الأرجوانَ،
إذا قلبُها من بَنيهـا انجرحْ.
لها الكونُ معطفُ حبٍّ،
ويبتكرُ المطرَ العذبَ
حتى يرفَّ على رمشها
كفراشٍ مضيءٍ،
ويهدي لقبَّتِها السوسنيّةِ قوسَ قزحْ.
سينجرحُ الشِّعرُ إن مسَّ طيبتَها،
فتطير عصافيرُ أدمعهِ،
ويسيل المعتَّقُ من حزنهِ،
فتراه يسير على راحتيها
كساقيةٍ من بنفسجَ،
ما سرُّه الشِّعرُ؟
حين يمرُّ بباب عذاباتها يكسرُ الروحَ،
حتى كأنَّ الحروفَ سلاسلُ
من وجعٍ،
والغريبُ عليه الفرحْ!
يسمّونها كلَّ هذا،
وأغلى،
وينسون أجفانَها غارقاتٍ
بأوجاعها،
وعلى كأس رقَّتها يسكرونْ.
وفي بُركة الحزن يرمون أيامَها،
بينما تتلألأُ،
كيما تضيءَ جهاتِ رؤاهمْ
بزيتِ مدامعها،
وهمُ يطفؤونْ.
نيامٌ،
إذا غابَ ظلُّ العذوبةِ
عن حلمهم،
يبهـتونْ.
فسبحانه النورُ!
يأنسُ في قلبها،
ويشـفُّ كغيمة روحٍ،
بها يكفرونْ.
جنونٌ...
جنونْ!!!

ليست هناك تعليقات: